وتم إبلاغ بعض المديرين في أرامكو بأن الشركة تتطلع إلى إدراج أسهم في "وحدات تابعة مشتركة في أنشطة المصب" في داخل المملكة وخارجها.
وقال مصدر إن من بين الخيارات المطروحة إنشاء شركة قابضة تجمع حصص أرامكو في الوحدات التابعة المشتركة في أنشطة المصب. وأضاف أن أسهم الشركة الأم لن تعرض للبيع.
وأضاف المصدر، الذي طلب عدم نشر اسمه نظرا لحساسية الموضوع: "الشركة القابضة هي التي يمكن إدراجها وليس أرامكو نفسها".
واجتاحت موجة هائلة من التكهنات سوق الطاقة العالمية منذ أن أكد ولي ولي العهد السعودي، الأمير محمد بن سلمان، في مقابلة مع مجلة "ذا إيكونوميست"، الأسبوع الماضي، أن السعودية تدرس بيع أسهم في أرامكو في إطار خطة للخصخصة لجمع أموال في ظل هبوط أسعار النفط.
وأصدرت أرامكو، أكبر شركة للنفط على مستوى العالم، بيانا مقتضبا، يوم الجمعة الماضي، قالت فيه إنها تدرس خيارات مختلفة للإدراج في أسواق المال.
وأضافت، في البيان، أنها "بدأت منذ فترة بدراسة عدة خيارات لإتاحة الفرصة - عبر الاكتتاب العام في السوق المالية - أمام شريحة واسعة من المستثمرين لتملك حصة مناسبة من أصولها مباشرة أو من خلال طرح حزمة كبيرة من مشاريعها للاكتتاب في عدة قطاعات وبالذات قطاع التكرير والكيميائيات".
وتقدر احتياطيات أرامكو من النفط الخام بنحو 265 مليار برميل، وهو ما يزيد عن 15% من إجمالي احتياطيات النفط العالمية. وإذا تم طرح أسهمها للبيع، فستكون أول شركة مدرجة تبلغ قيمتها تريليون دولار أو أكثر، بحسب تقديرات محللين.
لكن عدة مصادر قريبة من أرامكو قالت إن ضخامة حجمها والسرية المحيطة بها بوصفها الأداة الرئيسية لسياسات النفط السعودية تعني أن بيع حصة في الشركة الأم ليس موضع بحث جدي.
وقال مصرفي كبير في الرياض: "لن تتخلى الحكومة أبدا عن جوهرة التاج".
وتتجه السلطات إلى تسريع وتيرة خطط جرى العمل عليها على مدى سنوات لبيع أسهم في جزء من إمبراطورية أرامكو الهائلة للتكرير والبتروكيماويات، والتي تقدر قيمتها وحدها بعشرات المليارات من الدولارات.
وهناك سابقة للبيع بالفعل هي شركة رابغ للبترول والبتروكيماويات (بترورابغ)، وهي مشروع مشترك بين أرامكو وسوميتومو اليابانية للكيماويات، وتبلغ حصة كل منهما فيها 37.5%. وتم إدراج أسهم بترورابغ بطرح عام أولي في بورصة السعودية عام 2008.
وقال عصام الزامل، الكاتب البارز المتخصص في الشؤون الاقتصادية بالسعودية: "الأولوية القصوى هي طرح عام أولي لأنشطة المصب... ستكون هدفا سهلا".
ولم يتسن الوصول لأرامكو للتعليق، حيث إن أمس الأحد يوم عطلة لموظفي الشركة.
ولم يتضح أي المشاريع التي ستطرح أسهمها للبيع، لكن هناك مجموعة واسعة من المشاريع المرشحة، إذ إن أرامكو والوحدات التابعة لها تملك بالكامل أو لها حقوق ملكية في طاقة تكرير تبلغ أكثر من خمسة ملايين برميل يوميا.
اقرأ أيضا: الخام العربي بـ27 دولاراً للبرميل
وتشمل عملياتها مصفاة تملكها بشراكة مع "رويال داتش شل" في الجبيل، وتعرف باسم (ساسرف) ومشروعا مع إكسون موبيل في ينبع يعرف باسم سامرف، إلى جانب مصفاة ياسرف، وهي مشروع مشترك مع شركة سينوبك الصينية للبتروكيماويات. وسبق أن قالت ياسرف بالفعل إنها تدرس إدراج أسهمها في البورصة السعودية.
ومن بين المشاريع التي تملك أرامكو حصصا فيها في الخارج، إس-أويل في كوريا ومصفاة فوجيان، مملوكة للصين، وإكسون موبيل وسينوبك وموتيفا في الولايات المتحدة، وهي مشروع مشترك مع شل.
وقال الأمير محمد بن سلمان لمجلة "ذا إيكونوميست" إنه يتوقع اتخاذ القرار بشأن خصخصة أرامكو "خلال الأشهر القليلة المقبلة". لكن بيع الأسهم سيستغرق على الأرجح وقتا أطول بكثير، لأنه سينطوي على إعادة هيكلة أرامكو.
وقال المصدر الأول: "لا تزال هذه مرحلة أولية جدا. يجب أن يجروا دراسة أولا، ثم يقدموا النتائج لأعضاء مجلس الإدارة، ثم يقرروا ما إذا كانوا سيمضون قدما في هذا أم لا".
ومن الممكن أن يواجه بيع الأسهم في المشاريع المشتركة مشاكل إذا لم يوافق الشركاء الأجانب. وقال مصدر في قطاع النفط إنه لم يتم التشاور بعد مع الشركاء الأجانب لأرامكو بشأن الفكرة، مشيرا إلى أنهم لا يعلمون بأي شيء في الوقت الحالي.
وربما يحرص المستثمرون على الفوز بنصيب من عمليات التكرير بالسعودية بالسعر المناسب، والتي تتزايد على الرغم من انهيار أسعار النفط في الأشهر الثمانية عشر الماضية، وهو ما يشكل ضغطا على شركات أنشطة المنبع.
لكن الحساسيات السياسية في السعودية قد تؤثر على أي عملية بيع. تقليديا، كانت الأسهم في الشركات الحكومية تباع بأسعار مخفضة وتقتصر على المستثمرين السعوديين كوسيلة لاقتسام الثروة النفطية للمملكة.
وبالتالي، فإن الأسهم ستدرج على الأرجح في سوق الأسهم السعودية. وعلى الرغم من فتح السوق للاستثمار الأجنبي المباشر العام الماضي، فإن المشاركة في طرح عام أولي قد تقتصر على المستثمرين المحليين، وسيضطر الأجانب لشراء الأسهم من السوق الثانوية.
وتعرضت سوق الأسهم السعودية، التي تبلغ قيمتها الرأسمالية 379 مليار دولار، إلى ضربة قوية بفعل الهبوط الشديد في أسعار النفط، حيث انخفض حجم التداول فيها إلى أدنى مستوى له منذ أربعة أعوام، وبالتالي فإنها ليست في وضع يسمح باستيعاب دفعة جديدة كبيرة من الأسهم. ويقول مصرفيون إن أي عملية بيع لأصول في أرامكو قد لا تتجاوز في البداية عدة مليارات من الدولارات.
إلا أن محللين يقولون إن الحكومة عازمة على ما يبدو على المضي في بيع الأسهم ليس لمجرد جمع الأموال، وإنما في إطار مسعى لتنويع مصادر الدخل بعيدا عن إنتاج النفط الخام وتمكين القطاع الخاص من الاضطلاع بدور أكبر في التنمية الاقتصادية.
وقال جون سفاكياناكيس، الاقتصادي المقيم في الرياض: "هذا جزء من موجة إصلاحية عملاقة في السعودية... هذا جزء لا يتجزأ من مسعى (الأمير) محمد بن سلمان إلى تغيير بنية الاقتصاد".
اقرأ أيضا: السعودية تتجه لطرح جزء من "أرامكو" للاكتتاب