زادت معاناة المصريين بعد مرور سبع سنوات على ثورة يناير/كانون الثاني 2011، إلا أن السنوات الأربع الأخيرة كانت الأشد وطأة على الحياة المعيشية، خاصة أنها شهدت تهاوي الجنيه أمام العملات الأجنبية وزيادات ثقيلة ومتلاحقة في الأسعار، جرفت الملايين من أصحاب الدخول المتوسطة إلى منحدر الفقراء، كما زادت معدلات البطالة، خلافا لم تعلنه البيانات الرسمية.
ووصف خبراء سنوات ما بعد الثورة بالسبع العجاف، حيث لم تتحقق آمال المصريين الذين خرجوا من أجلها إلى الشوارع لإسقاط نظام حسني مبارك ذي الخلفية العسكرية، بل تفاقمت الأزمات خاصة في سنوات الرئيس الحالي عبد الفتاح السيسي الذي كان وزيرا للدفاع حينما أطاح الجيش بالرئيس محمد مرسي الذي كان أول رئيس مدني منتخب بعد الثورة، لكن حكمه لم يستمر أكثر من عام.
وبينما يأمل المصريون في حلول "سبع سمان"، إلا أن العديد من المؤشرات الاقتصادية تستبعد تحقق هذه الآمال، في ظل استمرار سياسات تنذر بسقوط مدوٍ للاقتصاد المصري.
فقد قفز التضخم إلى نحو ثلاثة أضعاف مستوياته قبل 7 سنوات، وسط موجة غلاء غير مسبوقة، كما ارتفعت معدلات البطالة والفقر.
غلاء غير مسبوق
وأدى الارتفاع غير المسبوق في الأسعار إلى قفزات قياسية في معدل التضخم، ليصل إلى 30.7% خلال 2017، مقارنة بـ10.2% في 2010. وبدأ التضخم موجة من الصعود المتسارع منذ تعويم سعر صرف الجنيه أمام العملات الأجنبية، في الثالث من نوفمبر/تشرين الثاني 2016، بناء على مطالب صندوق النقد.
وسجل التضخم مستوى قياسيا، في يوليو/تموز 2017، عند 34.2%، لكنه تراجع تدريجياً اعتباراً من أغسطس/آب، وفق البيانات الحكومية. وقال الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء، في بيان في وقت سابق من يناير/كانون الثاني الجاري، إن معدل التضخم تراجع إلى 22.3%، في ديسمبر/كانون الأول 2017، مقابل 26.7% في الشهر السابق له، بينما شكك خبراء اقتصاد في شفافية هذه المؤشرات، مشيرين إلى أن النسبة الحقيقية للتضخم تصل إلى 50%.
واعتبر مسؤول حكومي، أن "تراجع التضخم لا يعني انخفاض الأسعار النهائية للمواطن"، مضيفا: "لم نتحدث مطلقاً عن أن أسعار السلع ستعود لسابق عهدها، وإنما ستكون هناك بدائل في تحسن جودة السلع والخدمات".
وتوقع المسؤول في تصريح لـ"العربي الجديد"، أن يشعر المواطنون بالتحسن من خلال ثبات تدريجي للأسعار، خاصة مجموعة الغذاء بنهاية العام الحالي 2018.
ثبات الأجور
ورغم نجاح الثورة في إجبار الحكومة على رفع الحد الأدنى للأجور بواقع 1200جنيه شهريا، إلا أن هذا الحد لم يتحرك منذ 2011، ومع تحرير أسعار الصرف حيث بات يعادل (67.8 دولار) حالياً، أصبحت الأجور منخفضة جدا مع تراجع القدرة الشرائية للعملة المحلية.
ولم يقتصر الأمر على عدم زيادة الأجور، وإنما أقرت الحكومة في 2016 قانون الخدمة المدنية الجديد، لتوقف نمو الأجور، في وقت يلقي فيه السيسي باللوم على الموظفين في زيادة الاقتراض غير المسبوق الذي لجأ إليه نظامه، مبررا الاستدانة بدفع رواتب الموظفين.
لكن البيانات الرسمية تشير إلى أن غالبية موظفي الدولة في الدرجات الوظيفية التي تتقاضى رواتب محدودة، مقارنة بمرتبات المنتسبين للجيش ووزارة الداخلية سواء العسكريون أو المدنيون.
ويهدف قانون الخدمة المدنية إلى خفض العاملين في الجهاز الإدارى للدولة بنحو مليوني موظف من خلال وقف التعيينات وفتح المجال للمعاش المبكر.
وتقول الحكومة إن أجور موظفي الدولة تضاعفت خلال السنوات السبع الماضية، حيث بلغت في العام المالي 2010/2011 نحو 96.2 مليار جنيه، بينما وصلت إلى 240 مليار جنيه خلال موازنة العام الحالي التي تنقضي بنهاية يونيو/حزيران 2018.
لكن الزيادات في الأجور التهمتها الأسعار المشتعلة وفق نقابيين، وكان الأمر أشد قسوة على أصحاب المعاشات (المتقاعدين) الذين يقدر عددهم بنحو 9 ملايين شخص.
ويقول سعيد الصباغ رئيس نقابة أصحاب المعاشات لـ"العربي الجديد"، إن أصحاب المعاشات الأكثر تأثراً بالغلاء الحالي، خاصة أن الفجوة بين الراتب والمعاش كبيرة، لافتا إلى أن الدولة لا تتعامل مع المتقاعدين بصفتهم ممثلين لأسر.
بطالة متزايدة
ورغم حمل المصريين شعارات "عيش، حرية، عدالة اجتماعية" في ثورة يناير، حيث كان الحصول على فرصة عمل كريمة ضمن المطالب الرئيسية، إلا أن معدلات البطالة لم تتراجع بل زادت عن معدلاتها السابقة.
وبحسب بيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء (حكومي)، فإن معدل البطالة بلغ بنهاية نوفمبر/ تشرين الأول 2017 11.9%، بينما كانت هذه النسبة نحو 9% في ديسمبر/كانون الأول 2010. ويشير خبراء في مجال التوظيف إلى أن نسبة البطالة الحقيقية تتجاوز 25% خلافا لما تعلنه الحكومة.
كما انتقلت نسبة الفقراء وفق بيانات الجهاز المركزي للإحصاء من 25.2% عام 2011 إلى 26.3 عام 2013 ثم 27.8% في 2015، بينما تشير بيانات غير رسمية إلى تجاوز معدلات الفقر 40% من إجمالي السكان بعد موجات الغلاء الأخيرة وانهيار القدرات الشرائية للمصريين.
ووفق البيانات الرسمية فإن عامي 2014 و2015 فقط سقط خلالهما نحو 1.4 مليون مصري جديد تحت خط الفقر، بينما يشير خبراء اقتصاد إلى أن 2016 فقط سجل سقوط ما يصل إلى ضعفي هذا الرقم على الأقل.
وتقدّر الحكومة المصرية خط الفقر بمن يحصلون على دخل شهري بنحو 482 جنيهاً (27.3 دولارا)، بينما خط الفقر العالمي يصل إلى 57 دولاراً شهرياً، وهو ما يعادل أكثر من ألف جنيه، وفق سعر الصرف الرسمي حالياً.
تآكل المدخرات
وتسبب قيام البنك المركزي بتعويم الجنيه في تآكل مدخرات المصريين، ولم يؤدِ رفع أسعار الفائدة في البنوك إلى ما يصل إلى 20%، إلى الحيلولة دون هذا التآكل لاسيما أن قفزات أسعار السلع والأصول كانت أضعاف ارتفاع أسعار الفائدة.
وقال أحمد آدم الخبير المصرفي، إن عدم وجود استثمار فعلي، بالإضافة إلى ارتفاع معدل التضخم ساهم فى تأكل المدخرات، مشيرا إلى هناك من لجأ إلى القطاع العقاري لحماية مدخراته لكن هذه الشريحة ليست بالكبيرة في المجتمع.
اقــرأ أيضاً
ووصف خبراء سنوات ما بعد الثورة بالسبع العجاف، حيث لم تتحقق آمال المصريين الذين خرجوا من أجلها إلى الشوارع لإسقاط نظام حسني مبارك ذي الخلفية العسكرية، بل تفاقمت الأزمات خاصة في سنوات الرئيس الحالي عبد الفتاح السيسي الذي كان وزيرا للدفاع حينما أطاح الجيش بالرئيس محمد مرسي الذي كان أول رئيس مدني منتخب بعد الثورة، لكن حكمه لم يستمر أكثر من عام.
وبينما يأمل المصريون في حلول "سبع سمان"، إلا أن العديد من المؤشرات الاقتصادية تستبعد تحقق هذه الآمال، في ظل استمرار سياسات تنذر بسقوط مدوٍ للاقتصاد المصري.
فقد قفز التضخم إلى نحو ثلاثة أضعاف مستوياته قبل 7 سنوات، وسط موجة غلاء غير مسبوقة، كما ارتفعت معدلات البطالة والفقر.
غلاء غير مسبوق
وأدى الارتفاع غير المسبوق في الأسعار إلى قفزات قياسية في معدل التضخم، ليصل إلى 30.7% خلال 2017، مقارنة بـ10.2% في 2010. وبدأ التضخم موجة من الصعود المتسارع منذ تعويم سعر صرف الجنيه أمام العملات الأجنبية، في الثالث من نوفمبر/تشرين الثاني 2016، بناء على مطالب صندوق النقد.
وسجل التضخم مستوى قياسيا، في يوليو/تموز 2017، عند 34.2%، لكنه تراجع تدريجياً اعتباراً من أغسطس/آب، وفق البيانات الحكومية. وقال الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء، في بيان في وقت سابق من يناير/كانون الثاني الجاري، إن معدل التضخم تراجع إلى 22.3%، في ديسمبر/كانون الأول 2017، مقابل 26.7% في الشهر السابق له، بينما شكك خبراء اقتصاد في شفافية هذه المؤشرات، مشيرين إلى أن النسبة الحقيقية للتضخم تصل إلى 50%.
واعتبر مسؤول حكومي، أن "تراجع التضخم لا يعني انخفاض الأسعار النهائية للمواطن"، مضيفا: "لم نتحدث مطلقاً عن أن أسعار السلع ستعود لسابق عهدها، وإنما ستكون هناك بدائل في تحسن جودة السلع والخدمات".
وتوقع المسؤول في تصريح لـ"العربي الجديد"، أن يشعر المواطنون بالتحسن من خلال ثبات تدريجي للأسعار، خاصة مجموعة الغذاء بنهاية العام الحالي 2018.
ثبات الأجور
ورغم نجاح الثورة في إجبار الحكومة على رفع الحد الأدنى للأجور بواقع 1200جنيه شهريا، إلا أن هذا الحد لم يتحرك منذ 2011، ومع تحرير أسعار الصرف حيث بات يعادل (67.8 دولار) حالياً، أصبحت الأجور منخفضة جدا مع تراجع القدرة الشرائية للعملة المحلية.
ولم يقتصر الأمر على عدم زيادة الأجور، وإنما أقرت الحكومة في 2016 قانون الخدمة المدنية الجديد، لتوقف نمو الأجور، في وقت يلقي فيه السيسي باللوم على الموظفين في زيادة الاقتراض غير المسبوق الذي لجأ إليه نظامه، مبررا الاستدانة بدفع رواتب الموظفين.
لكن البيانات الرسمية تشير إلى أن غالبية موظفي الدولة في الدرجات الوظيفية التي تتقاضى رواتب محدودة، مقارنة بمرتبات المنتسبين للجيش ووزارة الداخلية سواء العسكريون أو المدنيون.
ويهدف قانون الخدمة المدنية إلى خفض العاملين في الجهاز الإدارى للدولة بنحو مليوني موظف من خلال وقف التعيينات وفتح المجال للمعاش المبكر.
وتقول الحكومة إن أجور موظفي الدولة تضاعفت خلال السنوات السبع الماضية، حيث بلغت في العام المالي 2010/2011 نحو 96.2 مليار جنيه، بينما وصلت إلى 240 مليار جنيه خلال موازنة العام الحالي التي تنقضي بنهاية يونيو/حزيران 2018.
لكن الزيادات في الأجور التهمتها الأسعار المشتعلة وفق نقابيين، وكان الأمر أشد قسوة على أصحاب المعاشات (المتقاعدين) الذين يقدر عددهم بنحو 9 ملايين شخص.
ويقول سعيد الصباغ رئيس نقابة أصحاب المعاشات لـ"العربي الجديد"، إن أصحاب المعاشات الأكثر تأثراً بالغلاء الحالي، خاصة أن الفجوة بين الراتب والمعاش كبيرة، لافتا إلى أن الدولة لا تتعامل مع المتقاعدين بصفتهم ممثلين لأسر.
بطالة متزايدة
ورغم حمل المصريين شعارات "عيش، حرية، عدالة اجتماعية" في ثورة يناير، حيث كان الحصول على فرصة عمل كريمة ضمن المطالب الرئيسية، إلا أن معدلات البطالة لم تتراجع بل زادت عن معدلاتها السابقة.
وبحسب بيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء (حكومي)، فإن معدل البطالة بلغ بنهاية نوفمبر/ تشرين الأول 2017 11.9%، بينما كانت هذه النسبة نحو 9% في ديسمبر/كانون الأول 2010. ويشير خبراء في مجال التوظيف إلى أن نسبة البطالة الحقيقية تتجاوز 25% خلافا لما تعلنه الحكومة.
كما انتقلت نسبة الفقراء وفق بيانات الجهاز المركزي للإحصاء من 25.2% عام 2011 إلى 26.3 عام 2013 ثم 27.8% في 2015، بينما تشير بيانات غير رسمية إلى تجاوز معدلات الفقر 40% من إجمالي السكان بعد موجات الغلاء الأخيرة وانهيار القدرات الشرائية للمصريين.
ووفق البيانات الرسمية فإن عامي 2014 و2015 فقط سقط خلالهما نحو 1.4 مليون مصري جديد تحت خط الفقر، بينما يشير خبراء اقتصاد إلى أن 2016 فقط سجل سقوط ما يصل إلى ضعفي هذا الرقم على الأقل.
وتقدّر الحكومة المصرية خط الفقر بمن يحصلون على دخل شهري بنحو 482 جنيهاً (27.3 دولارا)، بينما خط الفقر العالمي يصل إلى 57 دولاراً شهرياً، وهو ما يعادل أكثر من ألف جنيه، وفق سعر الصرف الرسمي حالياً.
تآكل المدخرات
وتسبب قيام البنك المركزي بتعويم الجنيه في تآكل مدخرات المصريين، ولم يؤدِ رفع أسعار الفائدة في البنوك إلى ما يصل إلى 20%، إلى الحيلولة دون هذا التآكل لاسيما أن قفزات أسعار السلع والأصول كانت أضعاف ارتفاع أسعار الفائدة.
وقال أحمد آدم الخبير المصرفي، إن عدم وجود استثمار فعلي، بالإضافة إلى ارتفاع معدل التضخم ساهم فى تأكل المدخرات، مشيرا إلى هناك من لجأ إلى القطاع العقاري لحماية مدخراته لكن هذه الشريحة ليست بالكبيرة في المجتمع.