وحسب المصادر، التي طلبت عدم الكشف عن هويتها، فإنّ الإجراءات الجديدة ستكون أسوةً بما فعله نظام الأسد مع رجال أعمال ومتنفذين، كان آخرهم طريف الأخرس الذي رفع النظام الحجز الاحتياطي عن أمواله وممتلكاته قبل أيام.
وأكدت المصادر أنه "خلال الأشهر الثلاثة الأخيرة استُدعي عشرة مديرين لمؤسسات اقتصادية كبرى في سورية، ودفع بعضهم الإتاوة وعاد إلى موقعه". ومن بين هؤلاء مسؤولون في مديرية المعارض والأسواق الدولية ومديرية الجمارك العامة ومؤسسة التبغ.
وتضيف المصادر لـ"العربي الجديد"، أن "الدور الآن على ما يُسمى "لجان الدفاع الوطني والحماية الشعبية"، ما شكل بحسب المصادر نزاعات في مناطق حواضن الأسد بمدينتي اللاذقية وطرطوس".
إصدار سندات وأذونات لسدّ عجز الموازنة
في السياق، وبواقع إفلاس نظام بشار الأسد وعجز الموازنة المتوقع للعام المقبل بنحو 1400 مليار ليرة سورية "الدولار 850 ليرة"، وعودة الليرة إلى التهاوي، بعد تحسن شهدته الأسبوع الماضي، كشفت مصادر إعلامية أن وزارة المال بحكومة بشار الأسد، أتمت مشروع إصدار سندات وأذونات الخزينة وفق الأسس التنفيذية لإصدار السندات، وتم الطلب إلى الوزارات لطرح مشروع أو أكثر للتمويل بسندات الخزينة.
وقال وزير المالية بحكومة الأسد، مأمون حمدان في تصريحات صحافية، إن سندات وأذونات الخزينة ستستخدم في تمويل المشاريع الاستثمارية ذات الجدوى وفق الأولويات المحددة بالقانون 60 للأوراق المالية الصادر في عام 2007.
ويحدد القانون، بحسب ما أوضح الوزير خلال تصريحات إعلامية أدلى بها قبل أيام، الاقتراض الحكومي بواسطة الأوراق المالية الحكومية لأغراض تمويل عجز الموازنة العامة، وتمويل المشاريع ذات الأولوية الوطنية المدرجة في الخطط العامة للدولة، وتوفير التمويل اللازم لمواجهة الكوارث وحالات الطوارئ، وتسديد ديون مستحقة على الحكومة، بما فيها استبدال الدين العام القائم بأوراق مالية حكومية قابلة للتداول، وذلك بشكل تدريجي، وإدارة السيولة الحكومية قصيرة الأجل.
وتعليقاً على فكرة إصدار النظام لسندات لتمويل عجز الموازنة، قال الخبير الاقتصادي السوري محمود حسين، لـ"العربي الجديد" إن "إصدار سندات خزينة فكرة مهمة، لأنها ستساعد في سحب فائض السيولة من الأسواق، كما تحسن سعر الصرف من جهة وتؤمن مالاً لحكومة الأسد لتنفذ المشروعات المعطلة وتموّل عجز الموازنة العامة من جهة أخرى".
لكن السؤال الذي طرحه الاقتصادي السوري خلال حديثه لـ"العربي الجديد"، تمثل في "من سيشتري سندات خزينة بعملة متهاوية ومرشحة للانهيار؟ وهل نسبة الفائدة على السندات مهما ارتفعت، يمكن أن توازي نسبة التضخم؟"، لأن ذلك يعني شراء سندات الخزينة عملية خاسرة لكل مشترٍ، إلا إذا تم الإلزام وبيع السندات قسراً.
تساؤل يتفق معه الأكاديمي أستاذ المالية في جامعة ماردين التركية طالاس مسلم طالاس، في تصريح لـ"العربي الجديد"، قائلاً: "لا يمكن بيع سندات خزينة بسورية وبواقع اقتصادها وعملتها، إلا عبر إلزام رجال الأعمال بالشراء، أو أن يقدم المصرف المركزي على شراء السندات عبر طبع ورق نقدي جديد، وبذلك تسدد الحكومة بعض ديونها وتموّل المشروعات من جيوب السوريين جراء التضخم الذي سيزيد على العملة السورية، لكنها تحرك عجلة الإنتاج وتحفز النمو".
وحسب طالاس، فإنه يمكن أن يكون هناك إقبال على الأذونات، لأنها دين مستحق لفترة أقصاها عام، فيما لا أحد يمكن أن يجازف بشراء سندات قد يمتد استحقاقها لثلاثين سنة، فالواقع السوري مرشح لمزيد من التأزم، والاقتصاد والليرة إلى الانهيار.
وكانت اللجنة الاقتصادية في رئاسة مجلس الوزراء بحكومة بشار الأسد، قد أيدت الشهر الماضي، مقترحات وزارة المالية، حول إصدار أذونات خزينة (استحقاق عام واحد فما دون)، وطرحها للاكتتاب العام.
وبينت حكومة عماد خميس حينها أن إصدار أذونات خزينة ضرورة لتمويل جزء من فجوة احتياجات المالية وخطتها الاستثمارية للفترة الباقية من 2019، وتوجيهها مستقبلاً نحو المشاريع الاستثمارية ذات المردود الاقتصادي الجيد.
ويرى مراقبون أن الهدف الأساس من طرح سندات أو أذونات خزينة بسورية، هو تمويل عجز الموازنة بشقيها الاستثماري أولاً، ومن ثم الجاري، فحكومة الأسد تعاني حتى من دفع الأجور والرواتب ومن تمويل المشروعات التي طرحتها بالموازنة منذ أعوام.
وكانت هيئة التخطيط التابعة لحكومة الأسد، قد أعلنت أن مشروع موازنة 2020، يتضمن عجزاً بمقدار 35% من إجمالي الموازنة، وأن المبلغ المخصص لدعم المشتقات النفطية تراجع بنسبة أكثر من 96%، "من نحو 343 مليار ليرة عام 2019 إلى 11 مليار ليرة عام 2020"
وكشف معاون رئيس هيئة التخطيط، فضل الله غرز الدين، أن هناك 10 مليارات ليرة لصندوق الدعم الزراعي، و15 ملياراً لصندوق المعونة الاجتماعي، و333 ملياراً لصندوق تثبيت الأسعار، ليكون الدعم الأكبر خلال موازنة العام المقبل لقطاع الكهرباء بواقع 711 مليار ليرة، وهو أقل من المبلغ المخصص لدعم الكهرباء خلال عام 2019 والبالغ 720 مليار ليرة.
وبحسب غرز الدين، سيبلغ العجز في مشروع موازنة 2020 حدود 1400 مليار ليرة، وهو فرق بين الإيرادات والنفقات وفقاً للتقديرات الحالية. وكان المجلس الأعلى للتخطيط بحكومة الأسد، قد اعتمد الموازنة العامة للدولة السورية لعام 2020، بمبلغ 4000 مليار ليرة "نحو 8 مليارات دولار"، بزيادة 118 مليار ليرة عن عام 2019، موزعة على جزأين، الاعتماد الجاري بحدود 2700 مليار، و1300 مليار ليرة للاستثماري.
وتشكل موازنة العام المقبل، نصف موازنة عام 2011، إن احتُسبَت بالدولار، بعد أن تراجع سعر صرف العملة من 50 ليرة مقابل الدولار إلى 500 ليرة بموازنة 2020، فيما يتعدى سعر الدولار في السوق اليوم 850 ليرة سورية.