وعد رئيس الحكومة المغربية، سعد الدين العثماني، بتدابير قوية ستتضمنها موازنة العام المقبل، من أجل تشجيع الاستثمار والشركات، غير أنه لم يوضح طبيعة التدابير التي ستتخذ من أجل ذلك.
وذهب مصدر حكومي في تصريح لـ "العربي الجديد"، بعد تقديم العثماني لحصيلة عمل فريقه لمدة أربعة أشهر، أول من أمس الاثنين بالرباط، أن وزارة الاقتصاد والمالية تدرس إمكانية تبني ضريبة تصاعدية خاصة بالشركات، استجابة لمطالب أرباب العمل.
ويشير ذات المصدر إلى أن اعتماد نظام تصاعدي على مستوى الضريبة على الشركات، قد يساعد على تشجيع الاستثمار وخلق فرص العمل.
ويعتبر رئيس الحكومة الذي يراهن على خفض معدل البطالة إلى 8.5% في خمسة أعوام، أن المغرب مطالب بخلق 200 ألف فرصة عمل في العام.
غير أن خبراء وزارة الاقتصاد والمالية، يدرسون تأثيرات الضريبة التصاعدية على الشركات، على الإيرادات الضريبية التي تحصلها الدولة، خاصة في ظل سعيها لتوفير إيرادات لتمويل نفقاتها.
وتأتي الضريبة على الشركات على رأس الإيرادات الجبائية المباشرة، التي تعول عليها خزانة الدولة في العام الحالي، حيث ينتظر تحصيل 4.6 مليارات دولار.
وارتفعت حصيلة الضريبة على الشركات إلى حدود يوليو/تموز الماضي بنحو 18.8%، لتصل إلى 3.1 مليارات دولار، حسب بيانات الخزانة العامة للمملكة.
ويفترض في الضريبة التصاعدية أن تؤدي إلى تطبيق أسعار تبدأ من 10% وترتفع حسب الأرباح التي تحققها الشركات، إلى أن تصل إلى 20 و30 و31%، ويمكن اعتماد سعر يتجاوز31% بالنسبة للأرباح الكبيرة.
وعملت الحكومة منذ البداية على تطبيق أسعار مختلفة حسب مستويات أرباح الشركات، غير أن أرباب العمل طالبوا بتطبيق تصاعدية حقيقية، حسب شرائح الأرباح المحققة.
ويلاحظ محمد الرهج، الخبير في المالية العامة، أن ثمة هوامش كبيرة من أجل تحصيل إيرادات عبر الضريبة على الشركات، على اعتبار أن 64% من الشركات تؤدي مساهمة دنيا، بسبب إعلانها عن خسارات سنوية.
ويذهب إلى أن 2% من الشركات في المغرب، تفي بنحو 90% من إيرادات الضريبة على الشركات، خاصة الكبيرة منها الخاصة والمملوكة للدولة، مشيرا إلى أن تحقيق نوع من العدالة الضريبية، يستدعي تطبيق الإصلاح الجبائي الذي حصل حوله إجماع بين الفاعلين قبل أربعة أعوام.
وتدعو الشركات إلى تمتيعها بإعفاء من الضريبة على مدى ثلاثة أعوام من تأسيسها، أيا كان النشاط الذي تمارسه، وهو الإعفاء الذي تستفيد منه الشركات العاملة في الصناعة.
ويصل عدد الشركات التي يفترض فيها تسديد الضريبة إلى أكثر من 278 ألفاً، فيما يبلغ عدد الملزمين الذين سددوا الضريبة على الدخل في العام الماضي إلى 6 ملايين مواطن.
وشددت المديرية العامة للضرائب المراقبة على الملزمين بالضريبة، حيث ساهم ذلك في ضخ 1.2 مليار دولار في خزانة الدولة في العام الماضي.
وأثار ذلك انزعاج الشركات التي عبرت عن قلقها من المخاطر التي تترتب عن تكثيف المراقبة الجبائية، من جانب المديرية العامة للضرائب.
ويُطرح في المغرب تفعيل مبدأ المساواة أمام الضريبة، كما يشير إلى ذلك الخبير محمد الرهج، الذي يستغرب تصريح أغلبية الشركات بتحقيقها خسائر.
ويدعو برلمانيون وخبراء إلى العدالة الضريبية. ويعتبر الاقتصادي نجيب أقصبي، أن الحكومة السابقة لم تسع إلى توزيع العبء الضريبي بشكل متوازن.
ويحث صندوق النقد الدولي المغرب، على تسريع الإصلاح الضريبي، حيث طالب برفع العائدات الجبائية على القيمة المضافة وخفض الإعفاءات التي تستفيد منها قطاعات مثل الزراعة.
والتزمت حكومة العثماني في برنامجها للخمسة أعوام المقبلة، بتسهيل إجراءات الشركات من أجل التركيز أكثر على خلق الثروة وإتاحة فرص العمل.