مستوردو المواد الغذائية في مأزق: الطلب في تزايد والإمدادات مهددة

14 ابريل 2020
بعض الدول فرضت قيوداً على تصدير القمح (فرانس برس)
+ الخط -
تواجه الدول المستوردة للمواد الغذائية، خصوصا الحبوب، مأزقا متعدد الأبعاد، يتعلق بعضها بحالة الركود التي أصابت الاقتصادات مع التوسع العالمي في الإغلاق في ظل تفشي فيروس كورونا الجديد، وقرارات بعض الدول بوقف التصدير مؤقتا، فضلا عن زيادة الطلب العالمي على الغذاء، الأمر الذي يؤدي إلى ارتفاع أسعار تلك المواد أو تقليل شروط السلامة المفروضة على المواد الغذائية.
وقد اتخذت الحكومات في أنحاء العالم تدابير جذرية سعيا للحد من انتشار الفيروس القاتل، بينها إغلاق المدارس والأماكن العامة، وطلبت من أكثر من نصف سكان الأرض لزوم منازلهم.

وأصدرت منظمة التجارة العالمية مؤخرا، تحذيرا لدول العالم من مخاطر أزمة غذائية مرتقبة بسبب جائحة كورونا وانعزال العديد من الدول وإغلاق حدودها، إلى جانب إجراءات بتقیید تصدير الحبوب ودعوة مستثمريها إلى تخزين ھذه المادة ضمن خطة رفع المخزون الاستراتيجي، ما يضع الدول الموردة لهذه المادة في مهب تقلبات السوق العالمية.
وقالت المنظمة، الأسبوع الماضي، إن "من شأن عودة الحمائية أن تتسبب بصدمات جديدة فوق تلك التي نعاني منها حاليا"، مؤكدة أن "إبقاء الأسواق مفتوحة أمام التجارة والاستثمارات الدولية من شأنه أن يساعد الاقتصادات على الانتعاش بشكل أسرع" مؤكدا: "سنرى انتعاشا أسرع مما لو تصرفت كل دولة على حدة".


وتتوقع منظمة التجارة العالمية أن "تنخفض التبادلات التجارية في 2020 بشكل حاد في جميع مناطق العالم، وفي كافة قطاعات الاقتصاد".

كما حذرت الأمم المتحدة من مخاطر نقص في المواد الغذائية بسبب اضطراب الإمدادات الذي سببه الوباء، موضحة أنها تخشى "موجة تقييد للصادرات".

مزيد من القيود

فرضت روسيا، أكبر مصدر للقمح في العالم، قيودا على تصديره، قبل أن تسمح بعد ذلك بتصدير شحنات متفق عليها.
أما رومانيا، إحدى أبرز الدول المصدرة للقمح أيضا، فقد أصدرت، الخميس الماضي، قرارا بحظر التصدير حتى منتصف مايو المقبل.
وقال وزير الداخلية الروماني، مارسل فيلا، إن رومانيا حظرت تصدير الحبوب إلى غير دول الاتحاد الأوروبي أثناء حالة الطوارئ المعلنة حتى منتصف مايو/ أيار، وذلك لتلبية حاجاتها المحلية في خضم تفشي فيروس كورونا المستجد.

وأضاف فيلا أن الأمر العسكري الصادر عن الحكومة يشمل القمح والشعير والشوفان والذرة والأرز ودقيق القمح والبذور الزيتية والسكر.
ورومانيا، مصدر رئيس للحبوب لمنطقة الشرق الأوسط، وقال متعامل في المنطقة إنه "في هذه الأوقات العصيبة، يجب أن تظل سلاسل إمداد الأنظمة الغذائية مفتوحة ومرنة"
في المقابل، تواجه الأرجنتين، التي تعد من أكبر الدول المصدرة للأغذية في العالم، تعقيدات متزايدة في تصدير سلعها، ليس بسبب قرارات حكومية بوقف التصدير، ولكن بسبب ظروف الإغلاق التي أثرت على سلسلة الإمدادات في قطاع مهم لإيرادات الدولة التي تواجه مشاكل اقتصادية قبل تفشي الفيروس.
ولا يبدو هوراسيو فراغولا، الذي يرأس شركة "فارم بروداكتس"، متفائلا. فمنذ فرض العزل على سكان الأرجنتين البالغ عددهم 44 مليون نسمة، في 20 آذار/مارس، توقف شحن المنتجات.
وفي الأوقات العادية، تصدّر الشركة أربعة آلاف طن كل شهر إلى حوالي ثمانين بلدا في كل القارات. وفي آذار/مارس انخفضت المبيعات بمقدار النصف.
وقال فراغولا، لوكالة "فرانس برس"، إن "هناك الكثير من الطلبيات التي لم نتمكن من احترامها، وتلك المقررة في آذار/مارس تأجلت إلى نيسان/إبريل".

تنازلات لزيادة المخزون

تجد دول مثل مصر والسعودية والجزائر، التي تستورد كميات كبيرة سنويا من الحبوب خاصة القمح، نفسها في هذا المأزق، خاصة مع إعلان دول مصدرة رئيسة للقمح عن وقف تصديره مؤقتا حتى منتصف مايو/أيار المقبل، مثل رومانيا.
كما تجد هذه الدول نفسها مضطرة في بعض الأحيان لتخفيف الشروط الصحية المفروضة على المواد الغذائية المستوردة، مقابل ضمان تزايد الإمدادات والقدرة على ضمان وجود مخزون استراتيجي كاف في ظل أزمة كورونا الحالية.
ففي مصر، تعتزم الحكومة استيراد 800 ألف طن من القمح أثناء موسم التوريد المحلي، وذلك عملا بتوجيهات من الرئيس عبد الفتاح السيسي.
ومن غير المعتاد أن تستورد مصر، أكبر مشتر للقمح في العالم، أثناء موسم التوريد المحلي، لكن السيسي حث المسؤولين على تعزيز مخزونات السلع الاستراتيجية وسط مخاوف حيال الإمدادات في خضم تفشي فيروس كورونا.
وقال مصدر بالسوق لوكالة "رويترز"، في وقت سابق من الشهر الجاري، إن "ثمة سؤالا عن المصدر الذي ستجلب منه هيئة السلع تلك الكمية من القمح، بما أن أوكرانيا والبلطيق قد أغلقا الدكان للموسم الحالي.. سيكون من المثير للاهتمام بشدة أن نرى عودة القمح للأميركي".
وقدرت وزارة الزراعة الأميركية إجمالي واردات مصر من القمح للسنة المالية 2019-2020، التي تبدأ في يوليو/ تموز وتنتهي في يونيو/حزيران، بنحو 12.8 مليون طن.
وفي السعودية، من المرجح أن يظل الطلب من السعودية قويا، إذ يسعى كبار مستوردي المواد الغذائية إلى زيادة المخزونات الاستراتيجية بسبب كوفيد-19.
وفي وقت سابق هذا الأسبوع، قالت المؤسسة العامة للحبوب في السعودية إنها تطلب من المستثمرين السعوديين، الذين لهم أراض زراعية في الخارج، توريد 355 ألف طن من القمح إلى المملكة.


كما خففت السعودية، في أغسطس/ آب الماضي، مواصفات استيراد القمح الروسي، ويعد القمح القادم من منطقة البحر الأسود، والذي منشأه روسيا وأوكرانيا ورومانيا، عادة ما يكون أقل تكلفة بالنسبة للسعودية من حيث الشحن بسبب قصر زمن الرحلات. لكن أحجام الإمدادات في المستقبل ستتوقف على معايير الجودة في السعودية.

وقالت وزيرة الزراعة البرازيلية تريزا كريستينا إنه "في ضوء الوضع الحالي، فإن بعض القيود الصحية، التي عادة ما تطيل أمد العمليات وتستخدم كعوائق تجارية، يجري تجاوزها". وفتحت الكويت سوقها أمام لحم الأبقار البرازيلي، وستبدأ البرازيل أيضا في تصدير البيض المخصب إلى المغرب والإمارات العربية المتحدة، وفقا للوزارة.

وقالت الوزارة إن مصر أذنت لاثنين وأربعين مصنع لحوم بالتصدير إليها، بما في ذلك 27 مصنعا للدجاج و15 مصنعا للحم الأبقار.