تونس: الحكومة تطلب الغوث من الشعب لمواجهة كورونا

17 مارس 2020
احتجاجات متكررة بسبب البطالة والصعوبات المعيشية (Getty)
+ الخط -

 

بينما لم تخرج تونس من دائرة الصعوبات المعيشية والاحتجاجات الاجتماعية المتكررة منذ 10 سنوات، جراء استمرار البطالة عند مستويات مرتفعة وصعود الأسعار، حتى أطل فيروس كورونا الجديد، ليحمل المزيد من التهديدات للاقتصاد، ما ينذر بأزمات اجتماعية صعبة يدفع ثمنها الفقراء والعمال بأجر دون غيرهم، في حين تطلب الحكومة الغوث من الشعب لمواجهة التداعيات.

ويبدو تسريح العمال جراء تقليص الأنشطة المختلفة، الخطر الأكبر الذي يداهم التونسيين، إذ أعلنت الحكومة مؤخراً عن تقليص ساعات العمل في المطاعم والمقاهي وغيرها من الأنشطة، ليبدأ أصحاب أعمال في تقليص اليد العاملة والاكتفاء بالحد الأدنى، للحد من الخسائر التي قد يتكبدونها، فيما خيّر آخرون العمال بين التسريح أو تقليص المرتبات.

وقال محسن حسن، الخبير الاقتصادي إن السياحة والنقل والصناعات التقليدية والتجارة الخارجية، ستكون أكثر القطاعات تضرراً من كورونا، مشيرا إلى ضرورة وضع خطة إنقاذ اقتصادي لتفادي الأزمة الاجتماعية.

وأضاف حسن لـ"العربي الجديد" أنه "لا بد من العمل على وضع خطط للحفاظ على الاقتصاد الوطني وضمان استدامة المؤسسات خاصة المتوسطة والصغيرة التي تستوعب أعداداً كبيرة من العمالة".

ووصف الخبير الاقتصادي، الوضع الاجتماعي في تونس بالدقيق، مشيرا إلى أهمية التدخل الحكومي في هذه الفترة لحماية الفئات الهشة (الفقيرة) والمتضررة من الوضع الاقتصادي والمالي الحالي، وذلك عن طريق تحويلات مالية إضافية لضمان العيش الكريم والحفاظ على القدرة الشرائية للمواطنين.

وأكد ضرورة مكافحة الغلاء بسبب الاحتكار والمضاربة، لافتا إلى أن التحكم في الأسعار وانتظام تزويد السوق بالسلع الضرورية أمر بالغ الأهمية في هذه المرحلة.

وعام 2015 جابهت تونس انهيار القطاع السياحي، الذي تلقى ضربات إرهابية موجعة، عبر إجراءات لمساعدة المهنيين على تخطي المرحلة، تتمثل في تحمل الدولة قسط من الضرائب وكلفة التغطية الاجتماعية لتجنب تسريح العمال.

لكن آرام بالحاج، الأستاذ الجامعي المختص في الاقتصاد، رأى أن الأزمة هذه المرة أكثر توسعاَ وتمتد إلى قطاعات عدة، مشيرا إلى ضرورة تفعيل آليات على غرار صندوق وطني يسمح للتونسيين تحمل جزء من الأعباء المالية المنتظرة. والأحد الماضي، طلبت الحكومة بالفعل من المواطنين تقديم مساعدات مالية لتمويل صندوق لمواجهة تداعيات كورونا اقتصاديا واجتماعيا وصحياً.

كما تدرس منظمات الأعمال، خطة طوارئ ينتظر الكشف عنها الأسبوع الجاري، لما يساعد على تخطي المرحلة بأخف الأضرار. بينما طالب سامي الطاهري، الناطق الرسمي باسم الاتحاد العام التونسي للشغل (لنقابة الأكثر تمثيلاً للعمال في تونس) إلى التدخل العاجل لحماية العاملين في القطاع الخاص الذي يشغل نحو مليوني شخص، مضيفا أن "تم ترك هؤلاء العمال ليواجهوا مصيرهم وحدهم".

وتأتي تداعيات كورونا، في الوقت الذي تعاني فيه الدولة من صعوبات مالية حادة، قد تدفعها إلى التخلف عن سداد ديونها الخارجية حال اتساع نطاق الأضرار التي يخلفها الفيروس واسع الانتشار وطول أمد التداعيات.

وبحسب خريطة الدين الخارجي، التي كشف عنها البنك المركزي مؤخراً، ينتظر أن تسدد تونس في إبريل/ نيسان المقبل قسطا بقيمة 200 مليون دولار، بالإضافة إلى 444 مليون دولار في يونيو/حزيران. وأكد مصدر مسؤول في تصريح لـ"العربي الجديد"، أمس، أن آجال سداد الديون تأتي في وضع اقتصادي محلي وعالمي صعب.