ردَّ الاتحاد الأوروبي بعنف على القيود التجارية الأميركية التي من المقرر أن يعلن عنها الرئيس الأميركي دونالد ترامب خلال ساعات، وتتعلق بفرض رسوم جمركية على بعض الواردات، حيث قال بيير موسكوفيتشي مفوض الشؤون المالية الأوروبي إن أوروبا تملك "ترسانة" للرد على رسوم ترامب.
وأضاف "أوروبا تريد تجنب حرب تجارية متصاعدة مع الولايات المتحدة إذا فرضت واشنطن رسوماً على واردات الصلب والألمنيوم لكنها تجهز رداً وإجراءات مضادة ستكون فورية".
وأثارت قرارات الرئيس الأميركي دونالد ترامب المرتقبة بوضع قيود على واردات الصلب والألمنيوم، موجة انتقادات وخطوات تصعيدية من قادة العالم الصناعي وخصوصاً في الاتحاد الأوروبي والصين، ما يبشر بحرب تجارية بدأت معالمها تلوح في الأفق.وأبلغ مفوض الشؤون المالية الأوروبي بيير موسكوفيتشي، تلفزيون "بي.اف.ام" اليوم "إذا قرر ترامب الإجراءات هذا المساء، فلدينا ترسانة كاملة تحت تصرفنا للرد بها"، موضحاً أن "الإجراءات المضادة ستشمل رسوماً أوروبية على صادرات الولايات المتحدة من البرتقال والتبغ والبوربون"، وهي سلع قال إنها "تُنتج بدرجة كبيرة في الدوائر الانتخابية المؤيدة للحزب الجمهوري الذي ينتمي ترامب إليه". وسيحق لأوروبا أيضاً تقديم شكوى أمام "منظمة التجارة العالمية".
وقالت ألمانيا على لسان وزيرة الاقتصاد بريجيته تسيبريس، إنه يتعين على الاتحاد الأوروبي أن يرد إذا فرض ترامب رسوماً جمركية، وإنه سيكون على الاتحاد أن يتقدم بشكوى أمام "منظمة التجارة".
وقالت تسيبريس متحدثة للتلفزيون الألماني: "أعتقد أن علينا، كاتحاد أوروبي، أن نرد لأن ملف المنافسة هو مع الاتحاد الأوروبي"، مضيفة: "يبدو أن علينا أن نتقدم بشكوى لمنظمة التجارة على كل حال".
وأعلن وزير الخارجية الصيني وانغ يي اليوم الخميس، أن بلاده سيكون لها "حتماً رد مناسب وضروري"، إذا ما فرضت الولايات المتحدة إجراءات تجارية ضدها، ملوحاً بإجراءات صينية انتقامية ضد أي رسوم جمركية قد تفرضها الإدارة الأميركية.
وخلال مؤتمر صحافي على هامش جلسة للبرلمان، قال وانغ "في عصرنا المعولم اليوم، من يلجؤون إلى الحرب التجارية يختارون العلاج الخاطئ لأن جلّ ما يفعلونه هو معاقبة أنفسهم".
وفي الإطار نفسه، شدد وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لو دريان، على أن "على أوروبا الردُّ بحسم على الرسوم الجمركية التي يقترح ترامب فرضها، واصفاً إياها بالحواجز التجارية التي ستضر بالمصالح الأميركية في المدى الطويل"، وأبلغ لو دريان قناة "سي-نيوز" الإخبارية، أن "أوروبا يجب أن تظهر قوتها. يجب أن ترد بحسم".
إلى ذلك، أكد مصدر مطلع أن من المقرر إطلاق مراسم توقيع الرئيس الأميركي على وثيقة بفرض رسوم على واردات الصلب والألمنيوم في البيت الأبيض اليوم الخميس.
وسبق للبيت الأبيض أن أكد أمس الأربعاء، أن كندا والمكسيك، وربما دول أخرى، قد تُستثنى من رسوم الاستيراد الأميركية على واردات الصلب والألمنيوم استناداً إلى اعتبارات الأمن القومي.
وأبلغت سارة ساندرز الناطقة باسم البيت الأبيض الصحافيين: "نتوقع أن الرئيس سيوقع شيئاً ما بحلول نهاية الأسبوع، وهناك استثناءات محتملة للمكسيك وكندا على أساس الأمن القومي، وربما دول أخرى أيضاً، استناداً إلى تلك العملية".
وكان رئيس المجلس الأوروبي دونالد توسك قد شدد أمس الأربعاء على أن الحروب التجارية "سيئة ومن السهل خسارتها"، وذلك رداً على قول ترامب إن هذه الحروب "جيدة ومن السهل الانتصار فيها".
وأضاف توسك في مؤتمر صحافي عقده في لوكسمبورغ "الحقيقة هي العكس تماماً (...) لهذا السبب أعتقد بقوة أن الوقت حان لكي يتحرك المسؤولون السياسيون على جانبي الأطلسي بشكل مسؤول"، موضحاً أنه يتوقع حصول "نقاش رائع" خلال القمة المقبلة للاتحاد الأوروبي في بروكسل في الثاني والعشرين والثالث والعشرين من مارس/ آذار.
وأعلنت المفوضة الأوروبية لشؤون التجارة سيسيليا مالمستروم من بروكسل أن "ليس هناك رابحون في حرب تجارية"، وذلك في إطار تقديم الاستراتيجية الأوروبية للرد على القرار الأميركي الذي اعتبرته "سيضر بالعلاقات بين ضفتي الأطلسي"، مشددة على أنها تريد تجنب أي "تصعيد"، وأنها لا تزال تأمل بإعفاء الاتحاد الأوروبي من القرار الأميركي بزيادة الرسوم.
ويسعى الاتحاد الأوروبي إلى اللعب على التداعيات السياسية لإجراءات الرد الاقتصادية، عبر استهداف سلع تُصنع في ولايات جمهورية مؤيدة لترامب. وتتناسب إجراءات الرد الأوروبية مع قواعد منظمة التجارة العالمية وتعوض خسارة الاتحاد الأوروبي من الإجراءات الأميركية والمقدرة بنحو 2.8 مليار يورو.
وكان ترامب قد استبق الأمر الثلاثاء، وقال رداً على سؤال حول إجراءات الرد الأوروبية المحتملة: "بإمكانهم أن يفعلوا ما يريدون، إلا أنهم في حال أقدموا على ذلك سنضع رسوماً باهظة على سياراتهم تصل إلى 25% وصدقوني لن يتمكنوا من المضي في ذلك فترة طويلة".
وكان وزير التجارة الأميركي ويلبور روس أعلن الأربعاء أن الولايات المتحدة "لا تسعى الى حرب تجارية"، وأن قرار فرض رسوم على واردات الصلب والألمنيوم "قد تم درسه بعناية".
وجاء كلام روس غداة استقالة غاري كون، أبرز مستشار اقتصادي لدى الرئيس ترامب، الذي كان يعارض فرض هذه الرسوم.
وتابع روس "نريد علاقات جيدة مع حلفائنا"، مضيفاً أن قيام الولايات المتحدة بزيادة إنتاجها من الصلب، سيجنب ارتفاع أسعار هذا المعدن.
(العربي الجديد، وكالات)