ستكون صناعة السيارات في قلب المباحثات، التي ينتظر أن يقوم بها وزير الاقتصاد الفرنسي برونو لومير للمغرب في يناير/كانون الثاني من العام المقبل، بعد التصريحات التي انتقد فيها نقل إنتاج سيارات العملاقين الفرنسيين "رينو" و"بيجو" إلى المغرب وسلوفينيا وتركيا.
وانتقد الوزير الفرنسي، في تصريحات خلال اجتماع مع المصنعين الفرنسيين على هامش لقاء جمع رجال أعمال ومسؤولين حكوميين من المغرب وفرنسا في باريس، الأسبوع الماضي، تصنيع السيارات الأكثر مبيعا في فرنسا، مثل "بيجو 2008" و"رينو كليو" خارج بلدها الأم، حيث تصنع الأولى في المغرب وسلوفينيا، بينما تصنع الثانية في تركيا.
وأشار إلى أن النموذج الذي جرى تبنيه منذ 20 عاما أضحى متقادما، على اعتبار أن ترحيل التصنيع إلى بلدان أخرى يؤدي إلى فقدان فرص عمل واستيراد ثاني أوكسيد الكربون، مؤكدا أنه "لن يعطي شيكا على بياض لهذا النوع من التصنيع لأنه غير مفيد للفرنسيين".
ويعتبر المصنعون وأصحاب شركات إنتاج السيارات أن الترحيل تمليه الرغبة في خفض التكاليف، غير أن الوزير الفرنسي، اعتبر أن ذلك لا معنى له، مؤكدا أنه سيتم تقييم هذا النموذج في الأشهر المقبلة مع المصنعين من أجل الحفاظ على صناعة السيارات داخل فرنسا.
وتترقب الأوساط الاقتصادية في المغرب تحركات الدولة الفرنسية التي تساهم في "رينو" و"بيجو"، في ظل ورود تقارير تشير إلى أن 1.7 مليون سيارة فقط ستصنع في فرنسا العام المقبل بانخفاض تبلغ نسبته 22 في المائة عن العام الجاري.
وكان لتصريحات الوزير الفرنسي أصداء قوية بالمغرب، الذي بنى جزءا من استراتيجيته الصناعية على جذب صناعة السيارات الفرنسية التي وفر لها امتيازات كبيرة، ما أتاح توفير طاقة إنتاجية تصل إلى 500 ألف سيارة في مصنعي "رينو" في طنجة والدار البيضاء، وتوجه "بيجو" نحو مضاعفة إنتاجها بالقنيطرة إلى ما بين 100 و200 ألف سيارة في المستقبل.
ويتطلع المغرب إلى رفع القدرات الإنتاجية إلى مليون وحدة، وزيادة قيمة صادراته إلى 10 مليارات دولار سنوياً من 7 مليارات دولار حاليا، وهو ما يقتضي توسيع القدرات الإنتاجية للفاعلين الفرنسيين مع السعي لجذب مصنعين جدد.
ويرى مصدر مسؤول في قطاع الصناعة بالمغرب في تصريح لـ"العربي الجديد" أنه رغم تصريحات وزير الاقتصاد الفرنسي حول إعادة مصانع السيارات لبلده، إلا أن الشركات الفرنسية لن تغادر دولا مثل المغرب أو تركيا وسلوفينيا، على اعتبار أن هذه الشركات تبحث عن امتيازات تنافسية تمنحها هذه الدول، فالمغرب يوفر مناطق صناعية وامتيازات جبائية (ضريبية) ولوجستية مغرية للشركات الفرنسية.
ويقول المصدر: " الوزير الفرنسي يدرك جيداً أن قواعد اللعب لن تتغير كثيراً، إلا أنه يسعى إلى إقناع تلك الشركات بالاستثمار في السيارة الكهربائية في فرنسا، بعدما تجلى أن هناك نوايا من أجل ترحيل جزء من ذلك النشاط نحو بلدان أخرى مثل المغرب".
لكن الموقف الفرنسي يبدو متشددا حيال نشاط صناعة السيارات في الخارج. ففي المؤتمر الصحافي الذي تلا لقاء الحكومتين، يوم الخميس الماضي، صرح رئيس الوزراء الفرنسي إدوارد فيليب ورئيس الحكومة المغربية سعد الدين العثماني، أنه تم التباحث حول موضوع السيارات.
اقــرأ أيضاً
ويقول الخبير الاقتصادي المغربي، محمد الشيكر، إنه يفترض التركيز في تصنيع السيارات على نقل التكنولوجيا بدلا من السعي إلى جذب المستثمرين عبر الامتيازات المغربية بهدف تركيبها فقط في مصانعها بالمملكة، مشيرا إلى أن تلك الصناعة انطلقت في المغرب، كما في الهند في ستينيات القرن الماضي، حيث لم يستطع الأول توفير سيارة وطنية، بينما تمكن البلد الآسيوي من ذلك.
ويشير المندوب السامي في التخطيط، أحمد الحليمي، إلى ضرورة الارتقاء بالصناعات الوطنية كي تنافس في الأسواق الخارجية، لافتا إلى أن المراهنة على الاستثمار الأجنبي في السيارات والطيران لا ينتج قيمة مضافة كافية ولا يوفر فرص عمل كبيرة.
وفي مقابل التلويح الفرنسي بالعمل على إعادة مصانع السيارات إلى البلد الأم، يرى الخبير الاقتصادي المهدي الداودي أن لفرنسا مصالح كبيرة في المغرب، مشيرا إلى أن الفرنسيين أبدوا اهتماماً كبيراً بمشروع القطار فائق السرعة الذي يراد تسييره بين مراكش وأكادير، بينما تشير تقارير إلى أن الصينيين يريدون المنافسة من أجل الفوز به، ما يشكل مصدر إزعاج للفرنسيين، الذين يتراجع نفوذهم في أفريقيا.
لكن مراقبين يرون أن سياسات فرنسا في إعادة المصانع إلى موطنها تشبه إلى حد كبير النهج الشعبوي الذي ينتهجه الرئيس الأميركي دونالد ترامب، ما يستدعي أخذ تصريحات المسؤولين الفرنسيين على محمل الجد.
وكان ترامب قد مارس ضغوطاً كبيرة على العديد من شركات السيارات على رأسها جنرال موتور العملاقة لنقل مصانعها من المكسيك والصين إلى الولايات المتحدة من أجل توفير فرص عمل للأميركيين، وهو ما قوبل بانصياع في النهاية لتجنب قرارات تقلص من امتيازات هذه الشركات.
وانتقد الوزير الفرنسي، في تصريحات خلال اجتماع مع المصنعين الفرنسيين على هامش لقاء جمع رجال أعمال ومسؤولين حكوميين من المغرب وفرنسا في باريس، الأسبوع الماضي، تصنيع السيارات الأكثر مبيعا في فرنسا، مثل "بيجو 2008" و"رينو كليو" خارج بلدها الأم، حيث تصنع الأولى في المغرب وسلوفينيا، بينما تصنع الثانية في تركيا.
وأشار إلى أن النموذج الذي جرى تبنيه منذ 20 عاما أضحى متقادما، على اعتبار أن ترحيل التصنيع إلى بلدان أخرى يؤدي إلى فقدان فرص عمل واستيراد ثاني أوكسيد الكربون، مؤكدا أنه "لن يعطي شيكا على بياض لهذا النوع من التصنيع لأنه غير مفيد للفرنسيين".
ويعتبر المصنعون وأصحاب شركات إنتاج السيارات أن الترحيل تمليه الرغبة في خفض التكاليف، غير أن الوزير الفرنسي، اعتبر أن ذلك لا معنى له، مؤكدا أنه سيتم تقييم هذا النموذج في الأشهر المقبلة مع المصنعين من أجل الحفاظ على صناعة السيارات داخل فرنسا.
وتترقب الأوساط الاقتصادية في المغرب تحركات الدولة الفرنسية التي تساهم في "رينو" و"بيجو"، في ظل ورود تقارير تشير إلى أن 1.7 مليون سيارة فقط ستصنع في فرنسا العام المقبل بانخفاض تبلغ نسبته 22 في المائة عن العام الجاري.
وكان لتصريحات الوزير الفرنسي أصداء قوية بالمغرب، الذي بنى جزءا من استراتيجيته الصناعية على جذب صناعة السيارات الفرنسية التي وفر لها امتيازات كبيرة، ما أتاح توفير طاقة إنتاجية تصل إلى 500 ألف سيارة في مصنعي "رينو" في طنجة والدار البيضاء، وتوجه "بيجو" نحو مضاعفة إنتاجها بالقنيطرة إلى ما بين 100 و200 ألف سيارة في المستقبل.
ويتطلع المغرب إلى رفع القدرات الإنتاجية إلى مليون وحدة، وزيادة قيمة صادراته إلى 10 مليارات دولار سنوياً من 7 مليارات دولار حاليا، وهو ما يقتضي توسيع القدرات الإنتاجية للفاعلين الفرنسيين مع السعي لجذب مصنعين جدد.
ويرى مصدر مسؤول في قطاع الصناعة بالمغرب في تصريح لـ"العربي الجديد" أنه رغم تصريحات وزير الاقتصاد الفرنسي حول إعادة مصانع السيارات لبلده، إلا أن الشركات الفرنسية لن تغادر دولا مثل المغرب أو تركيا وسلوفينيا، على اعتبار أن هذه الشركات تبحث عن امتيازات تنافسية تمنحها هذه الدول، فالمغرب يوفر مناطق صناعية وامتيازات جبائية (ضريبية) ولوجستية مغرية للشركات الفرنسية.
ويقول المصدر: " الوزير الفرنسي يدرك جيداً أن قواعد اللعب لن تتغير كثيراً، إلا أنه يسعى إلى إقناع تلك الشركات بالاستثمار في السيارة الكهربائية في فرنسا، بعدما تجلى أن هناك نوايا من أجل ترحيل جزء من ذلك النشاط نحو بلدان أخرى مثل المغرب".
لكن الموقف الفرنسي يبدو متشددا حيال نشاط صناعة السيارات في الخارج. ففي المؤتمر الصحافي الذي تلا لقاء الحكومتين، يوم الخميس الماضي، صرح رئيس الوزراء الفرنسي إدوارد فيليب ورئيس الحكومة المغربية سعد الدين العثماني، أنه تم التباحث حول موضوع السيارات.
ويقول الخبير الاقتصادي المغربي، محمد الشيكر، إنه يفترض التركيز في تصنيع السيارات على نقل التكنولوجيا بدلا من السعي إلى جذب المستثمرين عبر الامتيازات المغربية بهدف تركيبها فقط في مصانعها بالمملكة، مشيرا إلى أن تلك الصناعة انطلقت في المغرب، كما في الهند في ستينيات القرن الماضي، حيث لم يستطع الأول توفير سيارة وطنية، بينما تمكن البلد الآسيوي من ذلك.
وفي مقابل التلويح الفرنسي بالعمل على إعادة مصانع السيارات إلى البلد الأم، يرى الخبير الاقتصادي المهدي الداودي أن لفرنسا مصالح كبيرة في المغرب، مشيرا إلى أن الفرنسيين أبدوا اهتماماً كبيراً بمشروع القطار فائق السرعة الذي يراد تسييره بين مراكش وأكادير، بينما تشير تقارير إلى أن الصينيين يريدون المنافسة من أجل الفوز به، ما يشكل مصدر إزعاج للفرنسيين، الذين يتراجع نفوذهم في أفريقيا.
لكن مراقبين يرون أن سياسات فرنسا في إعادة المصانع إلى موطنها تشبه إلى حد كبير النهج الشعبوي الذي ينتهجه الرئيس الأميركي دونالد ترامب، ما يستدعي أخذ تصريحات المسؤولين الفرنسيين على محمل الجد.
وكان ترامب قد مارس ضغوطاً كبيرة على العديد من شركات السيارات على رأسها جنرال موتور العملاقة لنقل مصانعها من المكسيك والصين إلى الولايات المتحدة من أجل توفير فرص عمل للأميركيين، وهو ما قوبل بانصياع في النهاية لتجنب قرارات تقلص من امتيازات هذه الشركات.