قال وزير الري المصري، محمد عبد العاطي، إن بلاده تحتاج إلى 114 مليار متر مكعب من المياه لتحقيق الاكتفاء الذاتي، سواء على صعيد استهلاك مياه الشرب، أو ري الأراضي الزراعية، في حين تبلغ حصتها من مياه النيل، مضافةً إليها المياه الجوفية، نحو 60 ملياراً، موضحاً أن العجز الفعلي يبلغ 20 مليار متر مكعب، لاستيراد مصر محاصيل زراعية بما يوازي 34 ملياراً.
وأشار عبد العاطي، خلال اجتماع لجنة الزراعة والري في البرلمان، مساء الإثنين، إلى أنه لا بديل عن مواجهة العجز سوى بإعادة استخدام مياه الصرف الزراعي، ومعالجة مياه الصرف الصناعي، والاعتماد على تحلية مياه البحر بجميع المدن الساحلية، علاوة على ترشيد الاستهلاك باعتماد الري الحديث في الأراضي الزراعية القديمة، بدلاً من نظام الغمر.
كما أفاد بأن لدى الدولة خطة قومية للمياه بقيمة إجمالية تصل إلى 900 مليار جنيه، بهدف تنفيذها بشكل تدريجي حتى حلول العام 2050، آخذة في الاعتبار ارتفاع عدد السكان في مصر إلى 170 مليون نسمة، لافتاً إلى أن أحد محاورها "اختيار نوعية بذور مستقبلاً لمحاصيل كثيفة الإنتاج، وقليلة الاستهلاك من المياه".
وأشار الوزير المصري إلى أن "قانون الري الموحد يراجع حالياً بقسم التشريع في مجلس الدولة، تمهيداً لإرساله إلى مجلس النواب"، منوهاً إلى أنه ينص - للمرة الأولى - على أهمية الحفاظ على مياه السيول، ومواجهة التعديات على نهر النيل، والمجاري المائية، وتوقيع عقوبات بحق المتورطين في إهدار مياه النيل، في إطار إستراتيجية الدولة للحفاظ على المياه.
وعن أزمة سد النهضة، أكد أنه لن يوقع أبداً، أي اتفاقية تضر بحصة مصر من المياه، معتبراً أن المشكلة ليست في بناء السد ذاته، وإنما في تأثر الحصة المائية لبلاده سلباً، في ضوء مشاركتها في بناء العديد من السدود بدول حوض النيل، على غرار أوغندا، بهدف تحقيق التنمية والمنفعة المتبادلة.
واعتبر أن "اللجنة الفنية المشكلة من إثيوبيا، ومصر، والسودان، وراء تعثر مفاوضات السد، بسبب طلبها عمل ثلاثة خطوط أساس لمعرفة تأثير السد على دول المصب، في حين طلبت مصر عمل خط واحد"، معرباً عن أمله بأن يعمد وزير الخارجية المصري سامح شكري، لكسر حالة الجمود في المفاوضات، خلال زيارته إلى أديس بابا الأسبوع الجاري.
وأضاف عبد العاطي "إن مفاوضات سد النهضة لها طبيعتها الخاصة، ومن المهم التوصل لاتفاق عادل يحفظ حقوق الدولة المصرية من المياه"، مدعياً وجود عدداً من الآليات لدى حكومته للتوصل إلى حلول "لن تكون نتائجها غداً، أو في وقت قريب.. لأن السكة طويلة، ولا ينبغي أن يصيب اليأس المسؤولين المصريين".
إلى ذلك، شدد على أهمية تنمية التعاون مع دول حوض النيل، من خلال ربط بحيرة فيكتوريا بالبحر المتوسط، وتهيئة البيئة المناسبة لمصارحة الشعب حول الوضع المائي الحالي، وإجراءات الدولة للحفاظ عليه، من خلال حملة إعلامية تظهر قريباً، بالتعاون مع المجتمع المدني، للتوعية بأهمية الحفاظ على المياه، وتدريب الشيوخ، والقساوسة، والفلاحين، لرفع الوعي في محيطهم.
واختتم الوزير المصري بالقول إن "الرئيس الأسبق، حسني مبارك، وقع اتفاقية في العام 1993، تقضي بعدم الشروع في أعمال على النيل الأزرق، إلا بتوافق مع مصر، ما دفع الأخيرة لإرسال خطاب إلى البنك الدولي حول عدم الالتزام بالاتفاقية، ومطالبة البنك في العام 2008 بتمويل أول دراسة جدوى، بالتزامن مع الإعلان عن دراسات بناء السد الإثيوبي".
من جهته، قال عضو اللجنة، النائب مجدي ملك، إن ملف العلاقات المصرية مع دول حوض النيل "مؤلم"، بالنظر إلى النتائج التى يتم حصدها حتى الوقت الراهن، والتي اعتبرها "نتاجا لسياسات متراكمة في هذا الملف منذ سنوات طويلة"، محملاً الأنظمة المتعاقبة مسؤولية أزمة سد النهضة، لتهاونها في ملف التكامل المصري السوداني.
وطالب ملك، النظام الحاكم، بضرورة إطلاع الرأي العام المصري عن نتائج المباحثات، والإجراءات التي تتخذ على أرض الواقع من قبل مصر للحفاظ على مياه النيل، خصوصاً أن الجميع يعلم ارتفاع فاقد المياه إلى نحو 30% من حصة البلاد المائية، وأن ما يتوافر من الموازنة العامة للدولة لتطوير قطاع الري "غير كاف تماماً".