يبدي كثير من الشباب الجزائريين قلقاً متزايداً من عدم تمكنهم من الحصول على فرص عمل في مجتمع يشهد صعوداً في معدل البطالة، بينما يمثل الشباب نحو 60% من السكان في البلد، الذي يشهد ضغوطاً مالية منذ تراجع أسعار النفط قبل نحو 4 سنوات، ما أثر على قدرة الحكومة على الإنفاق والتشغيل.
وحسب الأرقام الرسمية فإن البطالة بلغت في الربع الأول من العام الجاري 2018 نحو 11.1%، بينما ترتفع هذه النسبة في صفوف الشباب دون الثلاثين عاماً الذين يشكّلون ما يزيد عن ثلثي سكان البلاد إلى 26.4%.
وكانت البطالة قد بلغت في نهاية العام الماضي في البلد الذي يبلغ عدد سكانه 41 مليون نسمة نحو 11%، مقابل 10% في العام السابق عليه 2016، بينما تعدّ النسبة الحالية هي الأعلى منذ أكثر من عشر سنوات. ويرجع صعود البطالة وفق خبراء إلى التباطؤ الذي شهدته مختلف القطاعات المشغلة لليد العاملة، ومنها قطاع الأشغال العامة.
وفي مكتب وكالة التشغيل في ضاحية حسين داي في العاصمة، التقت "العربي الجديد" الشاب عمر ركاب، الذي عمل محاسبا في إحدى الشركات قبل أن تقوم بتسريحه ونحو 20 آخرين لتراجع أعمالها.
قال عمر: "أبحث عن عمل منذ قرابة 6 أشهر، وأخشى أن تطول المدة بسبب شح عروض العمل، خاصة أن الركود الاقتصادي ألقى بظلاله على كل القطاعات".
ووفق تقرير صادر عن صندوق النقد الدولي، عقب زيارة بعثة له الجزائر في مطلع مارس/ آذار الماضي، فإن من المتوقع أن ترتفع نسبة البطالة إلى 11.7% بنهاية العام الحالي و13.2% في العام المقبل 2019، نتيجة ركود الاقتصاد.
وتزداد المخاوف من البطالة لدى خريجي الجامعات، في وقت تشير فيه الأرقام الرسمية إلى أن 4 من أصل 10 خريجين من الجامعة ينجحون في الظفر بعملٍ في مجال تخصصهم.
ففي جامعة هواري بومدين للعلوم التكنولوجية، نقل العديد من الطلبة في لقاءات مع "العربي الجديد" مخاوفهم من عدم تمكنهم من الظفر بعمل بعد التخرج، كما هو حال الطالب سليمان تبسي، الذي قال "أدرس في الجامعة وأنا أفكر في مستقبلي، سأتخرج في أغسطس/ آب المقبل ولا أرى أي احتمال لدخول عالم الشغل مبكراً، فأصحاب الخبرة ينتظرون فرصتهم فما بالك بمتخرج جديد من الجامعة".
كما قالت وسام كلاش، الطالبة في قسم الجيولوجيا، إنها "لا تتوقّع الحصول على فرصة عمل، خاصة أن القطاعات التي يمكن أن تشتغل فيها تعاني ركوداً كبيراً كقطاع الأشغال العامة، بعد قرابة 20 عاماً من الدراسة سأضطر إلى قبول أي عمل يتاح لي مستقبلاً، في ظل ارتفاع نسب البطالة".
وتعتبر البطالة أحد الملفات الساخنة التي تنتظر الحكومة، التي لجأت إلى تقليص الإنفاق العام في موازنة العام المقبل 2019، ما سيؤثر على الاستثمارات العمومية التي تعتبر محرك الاقتصاد الجزائري.
وقال كمال فراحي، أستاذ الاقتصاد السياسي في جامعة الجزائر، إن "الحكومة مطالبة بالرد على مخاوف الشباب البطال (العاطل) أو حتى الموجود في الجامعات بالأفعال وليس بالشعارات، إذ تعتبر مخاوفهم مشروعة بالنظر لما يعيشه الاقتصاد الجزائري".
وأضاف فراحي لـ "العربي الجديد" أن "البطالة مرشحة للارتفاع في النصف الثاني من العام الجاري إلى ما فوق 12% لعدة عوامل، منها رفع سن التقاعد وعدم فتح الحكومة التوظيف في القطاعات التي تمتصّ عادة عشرات الآلاف من خريجي الجامعات كقطاع الأشغال العامة، الذي دخل الإنعاش بعد تجميد المشاريع الكبرى من جراء غياب الموارد المالية".
وتابع أن "سياسة التقشف التي فرضتها الحكومة منذ 2014، أثرت على القطاع العمومي، الذي يعتبر الأمل الأول للشباب في التوظيف، إذ اعتادت الحكومة في السابق فتح فرص عمل فوق احتياجات القطاعات من أجل شراء السلم الاجتماعي، وهو ما لا تستطيع فعله اليوم، في ظل تراجع إيرادات النفط، وهو ما زاد من المخاوف حول ارتفاع البطالة مستقبلاً".
كان البنك المركزي، قد اعلن الأسبوع الماضي، تراجع احتياطات البلاد من النقد الأجنبي بـواقع 8.72 مليارات دولار خلال النصف الأول من العام الجاري، ليصل إلى حوالي 88.61 مليار دولار نهاية يونيو/حزيران 2018، مقابل 97.33 مليار دولار نهاية ديسمبر/كانون الأول 2017.
وبدأت احتياطات الجزائر بالتراجع منذ النصف الثاني من 2014، متأثرة بانخفاض أسعار النفط في السوق الدولية، لتنهي بذلك 8 سنوات متتالية من الارتفاع على التوالي.