قلل محللون من آثار التصعيد الروسي الاقتصادي على توقعات الانتعاش والنمو في تركيا، مؤكدين أن تأثيرات العقوبات على خلفية أزمة إسقاط طائرة موسكو الحربية، سيكون محدوداً على اقتصاد أنقرة الذي يواصل خططه التي تستهدف زيادة معدل النمو الاقتصادي خلال عام 2016 الذي أصبح على الأبواب.
وكان وزير الاقتصاد التركي، نهاد زيبكجي، أعلن خلال قمة العشرين التي استضافتها بلاده الشهر الماضي أن "الاقتصاد التركي سيعود إلى مرحلة الانتعاش في عام 2016، وسيصل معدل النمو الاقتصادي إلى مستويات 5% مجدداً".
ورجح المحللون في تصريحاتهم لـ"العربي الجديد"، اقتراب نسبة النمو من توقعات وزير الاقتصاد، بناء على التعافي خلال الربع الثالث وفق ما أعلن مركز الإحصاءات التركي "تويك" قبل أيام بأن "الاقتصاد التركي نما خلال الربع الثالث من العام الجاري بنسبة 4%، مقارنة بـ3.8% في الربع الثاني".
ويقول الباحث بالشأن التركي أحمد حسن، لـ"العربي الجديد"، ربما تتأثر تركيا، بشكل محدود، على صعيد السياحة وتصدير الخضروات والفواكه، إلى حين إيجاد البدائل، التي بدأت الحكومة في محاولة توفيرها مبكراً، وأشار إلى أن تركيا تبحث عن أسواق أخرى سواء للاستيراد أو التصدير، منها إقليم كردستان في شمال العراق، وقطر، ووسط آسيا وغيرها.
وأوضح حسن، أن هذا التأثير لن يطاول نسبة النمو بشكل كبير، فرغم اعتماد الناتج الإجمالي على السياحة وأهمية نحو 4 ملايين روسي يزورون تركيا سنوياً، إلا أن تنوع المصادر باقتصاد البلاد، سيعوض ذلك الفاقد عبر "فتح أسواق تصدير جديدة باتجاه المنطقة العربية، خاصة دول الخليج العربي التي أبدت استعداداً لزيادة التبادل مع تركيا ووقوفها إلى جانب أنقرة بعد التوتر مع روسيا التي تدعم الأسد وتقتل السوريين، فضلاً عن زيادة الاستثمارات وتدفق رؤوس الأموال الخارجية المباشرة التي يتوقع أن ترتفع 40% هذا العام مقارنة بالعام الماضي، حسب تصريحات حكومية وبناء على وكالات التصنيف الائتماني التي تؤكد أن تركيا بلد مناسب للاستثمار، في حين تعطي نظرة سلبية لمعظم دول العالم".
ولفت حسن إلى أن آثار التصعيد الاقتصادي ستنعكس على روسيا أضعاف ما سيطاول الاقتصاد التركي، مشيراً إلى أن حجم التبادل الذي يبلغ 44 مليار دولار، لصالح روسيا وبالتالي ستكون الخاسر الأكبر، ولا سيما في ظل معاناتها من تراجع ناتجها الإجمالي ونسبة النمو بسبب هبوط سعر النفط الذي تعتمد عليه موسكو بنحو 70% من ناتجها".
وأقر رئيس الوزراء الروسي، ديمتري ميدفيديف، أن العقوبات التي فرضتها حكومته على المنتجات التركية تسببت بارتفاع الأسعار، في بلاده وذلك في لقاء تلفزيوني على القناة الروسية الرسمية، الأربعاء قبل الماضي.
اقرأ أيضاً: أردوغان: نحن من أوقفنا مشروع السيل التركي وليس الروس
وبالنسبة لإمدادات الغاز، يرى الخبير في الاقتصاد التركي خليل أوزون، في حديثه إلى "العربي الجديد"، أن روسيا لن تطور الخلافات لمستوى إلغاء الاتفاقات الخاصة بالغاز، وإن فعلت "فلن يسقط الاقتصاد التركي الذي يؤمّن مسؤولوه البدائل مع دول أخرى".
وأشار أوزون، إلى تراجع التصعيد الروسي خلال الفترة الأخيرة، وخاصة فيما يتعلق بتهديد قطع إمدادات الغاز، بالتوازي مع تأكيدات إيران التزامها بجميع التعهدات الموقعة مع تركيا بشأن الغاز، بعد أن خفضت ضخ الغاز إلى النصف".
ويضيف أوزون، إن تركيا مقبلة على "شهر عسل" مع دول الاتحاد الأوروبي، وخاصة بعد قمة بروكسل واحتمال عودة التفاوض للانضمام إلى الاتحاد، ما سيعطي دفعة كبيرة للاقتصاد التركي.
وحسب الإحصاءات الرسمية، زادت مساهمة الأنشطة الاقتصادية في ارتفاع الناتج المحلي الإجمالي، فقد نما القطاع بنسبة 20.1% بالأسعار الحالي عن الربع الثالث من عام 2014، وارتفعت القيمة المضافة من الصناعة بنسبة 7.5% في نفس الفترة، فيما ارتفعت قيمة مساهمة قطاع الخدمات في النمو إلى 11.2%، كما زاد الإنتاج الزراعي.
ويرى المستشار في مركز الدراسات الاستراتيجية للشرق الأوسط، جيواد غوك، أن نتائج النمو التي أصدرتها جهات عدة، وأشار لها رئيس الوزراء أحمد داود أوغلو، خلال إعلان البيان الحكومي، قد تحققت قبل الأزمة مع روسيا "لكن الأرقام ستتأثر ويظهر ذلك خلال نسب النمو للربع الرابع وربما بالعام المقبل الذي كانت التوقعات تشير لنسبة نمو 5% ".
وتوقع غوك، في حديثه لـ"العربي الجديد"، تراجع الأداء الاقتصادي عموماً بما فيه سعر صرف الليرة التركية مقابل الدولار، في حالة تفاقم الأزمة مع روسيا، مشيراً إلى أن اقتصاد أنقرة يترقب إصدار الحكومة لقرارات خطة عملها لعام 2016 ولا سيما فيما يتعلق بالشارع الذي يتطلع إلى تحسين مستوى معيشته بعد الاستقرار السياسي الداخلي في تركيا، عقب فوز حزب العدالة والتنمية بالانتخابات الأخيرة.
وكان رئيس الوزراء التركي، أكد خلال كلمة ألقاها الخميس الماضي، في اجتماع عرض خلاله خطة مبدئية لعمل حكومته عام 2016، بقاعة غرفة تجارة أنقرة للمؤتمرات إلى أن التنمية والرخاء اللذين تشهدهما تركيا، جاء عبر الاستقرار السياسي وإصلاحات الحكومة، فقد تحولت النظرة الاقتصادية المستقبلية لتركيا إلى منحى إيجابي.
وتطرق أوغلو، إلى معدلات الأجور في تركيا، مؤكداً أن حكومته سترفع الحد الأدنى للأجور إلى 1300 ليرة تركية (نحو 445 دولارا).
اقرأ أيضاً:
تركيا تؤكد التزامها باتفاقية دولية لعبور السفن الروسية
تركيا تبحث عن أسواق بديلة لتعويض وارداتها من روسيا