وقالت جمعية المصارف في بيان لها إن القطاع المصرفي "يبذل ما في وسعه في سبيل المحافظة على ما بقي من اقتصادنا الوطني"، وإن التأخير في تشكيل حكومة جديدة "يضع المصارف في الواجهة، وكأنها المسؤولة عن تردي الأوضاع الحاصلة".
وانتقدت الجمعية "الأحداث الصادمة" التي حصلت ليل الثلاثاء في شارع الحمراء، واستهدفت مصرف لبنان وفروع المصارف.
وقالت جمعية المصارف: "إننا على ثقة بأنّ الفاعلين لا يمتّون إلى ثوار لبنان الحقيقيين بصلة، بل هم جماعة من الغوغائيين المدفوعين والمأجورين والمعروفي الأهداف".
وناشدت جمعية المصارف "القوى الأمنية أخذ التدابير اللازمة لكشف ومعاقبة كل مَن حرّض وخطط وساهم في العمل الهمجي الذي يصيب قطاعاً يجاهد في خدمة الناس والحفاظ على مصالحهم".
وجاء هذا البيان بعد تحرك احتجاجي أمام مصرف لبنان على مدخل شارع الحمراء، تخللته اعتداءات قاسية من القوى الأمنية على المحتجين واعتقال عدد منهم. واقع دفع المحتجين إلى النزول إلى شارع الحمراء وتكسير واجهات المصارف.
وقال محتجون إن هذا التحرك يأتي رداً على العنف الذي مورس على المعتصمين، وأيضاً في سياق الأزمة النقدية التي تراكمت بفعل سياسات مصرف لبنان واستفادة المصارف التجارية من فوائد ضخمة راكمت ثروات كبار المتمولين على حساب المال العام اللبناني.
ولفت محتجون إلى أن المصارف حققت أرباحاً من جيوب اللبنانيين تعدت الـ20 مليار دولار على مدى السنوات الماضية، فيما يتحمّل اليوم أصحاب الودائع المتوسطة والصغيرة وأصحاب الحسابات الجارية تبعات الأزمة، من خلال تحديد سقف السحوبات ومنعهم من سحب أموالهم، فيما هُرِّبَت مليارات الدولار لكبار المتمولين والسياسيين إلى الخارج.
وأدت الاعتداءات الأمنية الثلاثاء وفجر الأربعاء إلى إدخال عشرات المحتجين إلى المستشفيات، إضافة إلى اعتقال أكثر من 50 شخصاً. وفيما يعتصم أهالي هؤلاء اليوم الأربعاء للإفراج عن أبنائهم أمام مركز أمني في بيروت (ثكنة الحلو)، حاولت القوى الأمنية اعتقال الزميل في "العربي الجديد" حسين بيضون، لمنعه من التصوير أمام المركز.
في السياق، قال يان كوبيش، المنسق الخاص للأمم المتحدة في لبنان، اليوم الأربعاء، إن السياسيين في لبنان في موقف المتفرج، بينما ينهار الاقتصاد، وانتقد بشدة النخبة السياسية التي فشلت في تشكيل حكومة في بلد ينزلق أكثر نحو أزمة اقتصادية ومالية.
ويواجه لبنان أزمة منذ استقالة رئيس الوزراء سعد الحريري في أكتوبر/ تشرين الأول بعد احتجاجات على الفساد وسوء الإدارة، باعتبارهما السببين الرئيسيين للأزمة الاقتصادية.
وكتب يان كوبيش المنسق الخاص للأمم المتحدة في لبنان على تويتر: "يوم آخر من الغموض بشأن تشكيل حكومة وسط احتجاجات غاضبة متزايدة واقتصاد في حالة سقوط حر". وتابع: "على السياسيين أن يلوموا أنفسهم، وليس الشعب على هذه الفوضى الخطيرة".
وكتب كوبيش: "لبنان متفرد بحق، طلب حاكم مصرف لبنان سلطات استثنائية لإدارة الاقتصاد بشكل ما على الأقل بينما يقف المسؤولون في موقف المتفرج والاقتصاد ينهار، هذا أمر لا يصدق".
وأطلقت قوات الأمن الغاز المسيل للدموع لتفريق المحتجين أمام البنك المركزي مساء أمس الثلاثاء في مواجهات مع مئات الأشخاص. وتعرضت واجهات عدة بنوك تجارية وماكينات سحب النقود فيها للتكسير بالقرب من البنك المركزي.
قال رئيس الوزراء اللبناني المؤقت سعد الحريري يوم الثلاثاء إنه يتعين على لبنان أن يتعاون مع صندوق النقد الدولي والبنك الدولي بشأن اقتصاده الذي يعاني من أزمة عميقة، لكن ينبغي أن تشرف على ذلك حكومة جديدة، وليس الحكومة المؤقتة الحالية.
ولم يتمكن الساسة اللبنانيون من الاتفاق على حكومة جديدة، الأمر الذي ترك البلاد بلا دفة ودون خطة إنقاذ مع تأزم الوضع المالي والاقتصادي.
وأضاف الحريري: "إذا فرضنا أنني تحدثت مع البنك الدولي واتفقنا على أمر ما، فهل بإمكاني أن أنفذ هذا الاتفاق ضمن حكومة تصريف أعمال؟ كلا لا يمكن".
وقال الحريري في تصريحات نقلتها الوكالة الوطنية للإعلام اللبنانية: "إنّ من يستطيع تنفيذ هذه الأمور، حكومة تحوز الثقة من مجلس النواب وتعمل بشكل طبيعي".