يرى منتقدون لحكومة سعد الدين العثماني، أن من أسباب أزمة الأساتذة المتعاقدين في المغرب ضغوط صندوق النقد الدولي لتقليص كتلة أجور الموظفين الحكوميين.
ويؤكد الأساتذة المتعاقدون الذين انخرطوا في حركة احتجاجية توجت، بمسيرة وطنية بالرباط، على حقهم في التوظيف وفق القانون الأساسي للوظيفة العمومية الذي يسري على جميع الموظفين الحكوميين في المملكة منذ ستين عاما.
وأفضى الضغط الذي مارسه الأساتذة المتعاقدون، إلى إعلان الحكومة عن إلغاء التعاقد، غير أنها تشدد على أنهم لن يسري عليهم قانون الوظيفة العمومية، بل سيخضعون للنظام الخاص بالأكاديميات الجهوية للتعليم.
وإذا كانت الحكومة تؤكد أن ذلك النظام يمنح للأساتذة المتعاقدين كل الحقوق المخولة للموظفين العموميين، فإن المعنيين به يشددون على أنهم لن يخضعوا لنفس نظام التقاعد والمعاشات، ولن يكون لهم الحق في العمل في جهات غير تلك التي عينوا بها، كما أنهم يتخوفون من إنهاء العلاقة التي تربطهم بالأكاديميات بقرار من الأخيرة.
يعتبر الأساتذة المحتجون، والذي يحظون بدعم من اتحادات عمالية وهيئات سياسية، أن التعاقد فرض عليهم، علما أن ذلك النظام الذي شرع في تطبيقه بالتعليم، يشمل 55 ألف أستاذ، هذا في الوقت الذي ينتظر أن توظف الحكومة 15 ألف أستاذ أخر في العام الحالي. وتسعى الحكومة إلى توفير النقص على مستوى الوظائف في التعليم عبر التعاقد.
ويصل عدد الموظفين المدنيين في الوظيفة العمومية بالمغرب إلى حوالي 564 ألفا، أكثر من 51% منهم يستوعبهم التعليم و23% وزارة الداخلية و9% وزارة الصحة.
ورغم استحواذ التعليم على أكثر من نصف الوظائف الحكومية في المغرب، إلا أنه يعاني من نقص كبير على مستوى المدرسين، ما دفع الحكومة إلى التفكير في نظام التعاقد لأنها صيغة لا تثقل على موازنة الدولة.
وتتوقع وزارة التربية الوطنية والتكوين المهني والتعليم العالي والبحث العلمي، إحداث 200 ألف وظيفة عبر التعاقد في التعليم من أجل تلبية احتياجات العشرة أعوام المقبلة، وتعويض عدد الأساتذة الذين سيحالون إلى التقاعد، والبالغ عددهم 146 ألفا.
ويعتبر العضو السابق في اللجنة الفنية لإصلاح التقاعد، محمد الهاكش، في حديثه لـ"العربي الجديد" أنه يفترض في الحكومة التخلي عن نظام التوظيف الجهوي أو التعاقد، في ظل رفض الأساتذة المحتجين.
ويؤكد الهاكش أن الحكومة تسعى إلى ضرب الاستقرار الوظيفي، الذي يتطلع إليه الأساتذة، عبر الإلحاح على الخضوع لنظام الوظيفة العمومية الذي يسري على الموظفين الحكوميين، بينما تسعى الحكومة إلى إخضاعهم للنظام الأساسي للأكاديميات الجهوية، التي ينظر إليها كمؤسسات عمومية، متمتعة بالاستقلالية الإدارية والمالية.
ويعتبر مراقبون أن الحكومة، تبنت التعاقد في التعليم، والذي سيسري في قطاعات أخرى، مستجيبة في ذلك لتوصيات لصندوق النقد الدولي تدعو إلى خفض كتلة الأجور، إذ التزمت بحصرها في حدود 10.5% من الناتج الداخلي الخام، بما يساعد على التحكم بعجز الموازنة.
ويؤكد رئيس الاتحاد النقابي الوطني، عبد الرحيم الهندف، أن السعي وراء التحكم في كتلة الأجور عبر التعاقد وعدم تعويض المحالين على التقاعد، سيؤثر على إصلاح الإدارة العمومية على اعتبار أنه سيفضي إلى إشاعة نوع من الهشاشة في وضعية الموظفين الحكوميين.
ويشدد خبراء على أن هاجس التحكم في عجز الموازنة، أملى على الحكومة اختيار نظام التعاقد في الوظائف الحكومية ما يكرس نوعا من الهشاشة في التعامل مع مثل هذه القضايا.