تتجه الجزائر، التي تعتمد كلياً على عائدات المحروقات، مرغمة إلى تجميد مشاريع استثمارية كانت تنوي تنفيذها خلال الفترة القادمة، وذلك على خلفية تهاوي أسعار النفط العالمية وانخفاض الإيرادات، بحسب وثيقة صادرة عن وزارة المالية الجزائرية.
ويمثل النفط والغاز 95% من الصادرات الجزائرية، كما تؤمن إيرادات الطاقة 60% من الموازنة العامة للبلاد.
وتوضح الوثيقة، التي نشرتها وسائل إعلامية جزائرية، أن: "القرار يهم كافة البرامج بما فيها التي تهم قطاعي الصحة والتربية التي كانت مستثناة حتى الآن من إجراءات التقشف، لا سيما في مجال توظيف وترقية الأطقم الإدارية للقطاعين".
وفي يوليو/تموز الماضي، أعلنت الحكومة الجزائرية، أنها ستخفض الإنفاق الحكومي بنسبة 1.35%، إضافة إلى إقرار إجراءات ضريبية وتشجيع الاستثمار، في خطوة اعتبرها خبراء توجه البلاد النفطي نحو التقشف إجبارياً، كما قررت أيضاً رفع الرسوم الجمركية على بعض المنتجات المستوردة، خاصة الحديد والصلب والألمنيوم، في محاولة لتشجيع الإنتاج المحلي
وبحسب الوثيقة الحكومية، فقد قررت الجزائر إلغاء عدة مشاريع تخص البنى التحتية في مختلف مناطق البلاد، أمام تقلص عائدات النفط التي تشكل أساس ميزانية الدولة، وبلغ الأمر بالحكومة حد التوجيه للهيئات التابعة لها بعدم اقتناء أي سيارة جديدة.
وفي تطور للأزمة التي تعاني منها الجزائر بسبب تهاوي أسعار الذهب الأسود، قرر البنك المركزي الجزائري، أمس الإثنين، بشكل مفاجئ، السماح للعملة المحلية الدينار بالانخفاض أمام الدولار، وذلك لكبح جماح الواردات في ظل تراجع إيرادات البلاد النفطية.
وتستطيع الجزائر الحفاظ على وتيرة نفقاتها عندما يكون سعر برميل النفط عند 110 دولارات، في حين يتجه الخام إلى تسجيل مستويات هبوط مخيفة على الاقتصاد الجزائري، وقد يلامس سقف الـ40 دولاراً للبرميل خلال أشهر، بحسب محللين.
اقرأ أيضاً: تراجع إيرادات النفط 50% يجبر الجزائر على التقشف
وفي ظل هذا الهبوط المتسارع لأسعار النفط، يقول خبراء اقتصاد إن الجزائر ستواجه صعوبات في تأمين غذاء شعبها، بحلول 2017 إذا عجزت عن إيجاد بدائل لاقتصاد المحروقات.
ونقل موقع "العربية نت" عن الخبير الاقتصادي، عبد الحق لعميري، إن: "القيمة التي يوجد عليها الدينار الجزائري حاليا ستتسبب سريعاً في ارتفاع معدل التضخم.. سينعكس ذلك سلبياً على القدرة الشرائية لملايين الجزائريين.. حجم الكارثة التي تسبب فيها الاعتماد الكلي على النفط والغاز كبيرة.. وحينها ستواجه الحكومة مشاكل كبيرة، أخطرها سيكون عجزاً متوقعا عن شراء المواد ذات الاستهلاك الواسع".
ونقل الموقع عينه عن مصدر حكومي جزائري أن: "مراقبي العمليات المصرفية بالمحافظات والدوائر الإدارية، تلقوا رسالة من مدير الموازنة بوزارة المالية لوقف كل العتاد والتجهيزات الموجهة للبرامج الاجتماعية، خاصة ما يتعلق ببناء مؤسسات تعليمية وجامعات وببناء الهياكل الطبية"، وبحسب المصدر نفسه، فقد قررت الحكومة أيضا "وقف التوظيف في الإدارة العمومية والمؤسسات الاقتصادية لنفس السبب، إلا للضرورة القصوى".
ورغم أن الجزائر قلصت الإنفاق بنسبة 50% على تكاليف الإنفاق، وتتجه لشد الحزام في أكثر من مجال؛ قالت الحكومة إن مشاريع السكن غير معنية بإجراءات التقشف، وذلك خوفاً من الاحتجاجات الشعبية، نظراً لارتفاع الطلب على العقارات في البلاد.
وتشير توقعات الخبراء الجزائريين إلى أن خسائر بلادهم ستصل إلى 50 مليون دولار يومياً، في حال استمرار سعر النفط في التراجع.
وكانت أجهزة الجمارك الجزائرية قد أعلنت، في يوليو/تموز الماضي، أن العائدات النفطية في البلاد انخفضت بنسبة 71.43% خلال النصف الأول من العام 2015 بسبب انخفاض سعر الخام، ما أدى إلى زيادة العجز التجاري.
ومن يناير/كانون الثاني الماضي إلى نهاية يونيو/حزيران الماضي، سجل الميزان التجاري في الجزائر عجزا بلغ 78.7 مليار دولار مقابل فائض بلغ 2.3 مليار دولار خلال الفترة نفسها، بحسب تقارير رسمية.
وتضغط الجزائر، إلى جانب كل من إيران وفنزويلا، نحو خفض إنتاج منظمة البلدان المصدرة للنفط أوبك لدعم الأسعار، غير أنّ المنظمة أبقت على إنتاجها بدون تغيير في اجتماعها الأخير عند 30 مليون برميل نفط يومياً.
اقرأ أيضاً: الجزائر تخفض قيمة الدينار لكبح الواردات