لجأ بعض المصريين الموجودين في تركيا إلى البحث عن موارد رزق غير تقليدية، خاصة أصحاب الأسر، للمساعدة في نفقات المعيشة، من بين هذه الوسائل تسويق السلع والأطعمة المصرية الشهيرة على المصريين والعرب الموجودين في تركيا المهتمين بتناولها.
وأصبح من الطبيعي أن تصادف في إسطنبول، كبرى المدن التركية، أو بعض تجمعات العرب والمصريين هناك، أحد المصريين يعرض بعض أنواع الشاي المنتَج في مصر أو الأكلات الشعبية المصرية، مثل الكشري، أو حتى بعض الفواكه التي يفتقدها السوق التركي، مثل الجوافة والمانجو المصريتين.
ويبرر بعض الشباب المصري عملهم في هذا المجال كطريقة لمواجهة الظروف المعيشية التي يواجهونا، في ظل تضاؤل فرص الحصول على عمل أو تحقيق دخل كاف منه، ووجود جنسيات أخرى منافسة، وكذلك عامل اللغة الذي قلل من فرص عمل المصريين هناك.
وجبات اقتصادية
تقول "فاطمة"، إحدى اللاتي يعملن في مشروع "مطعم البيت"، إن التجهيز للمشروع كان منذ حوالي 4 أشهر، لكن مرحلة العمل الفعلية بدأت منذ شهرين. الفكرة اعتمدت على إعداد الوجبات المصرية، خاصة المحشي بأنواعه والكشري والحواوشي والحمام، والفراخ البانيه، بالإضافة إلى العديد من الأكلات المصرية الأخرى، التي يتم إعدادها صباحا بناء على طلبات الزبائن، من مساء اليوم السابق، حيث ينتهي العمل الساعة الواحدة ظهرا، لتبدأ مرحلة التوزيع.
وتضيف فاطمة لـ"العربي الجديد"، أن دخل المشروع لا يعتمد عليه حتى الآن في تغطية تكاليف معيشة الأسرة، لكنه عامل مساعد لأسرتها المكونة من 6 أفراد، مشيرة إلى أن السبب يعود إلى المساحة الشاسعة لإسطنبول، مما يرفع من تكلفة النقل، إضافة إلى عامل الوقت، حيث يحبذ الزبائن أن تأتيهم الوجبات ساخنة.
وتشير إلى سبب آخر، وهو عامل الدخل، حيث مازال كثير من المصريين لا يستطيعون شراء الوجبات لارتفاع تكلفتها نسبة إلى دخلهم، مشيرة إلى أنها تسعى إلى توفير وجبات تتناسب مع هذه الدخول، بحيث لا يزيد سعرها عن 10 ليرات للوجبة.
وتشير صاحبة المشروع إلى أنه أحيانا تأتيها طلبات من سوريين وفلسطينيين، لكنها محدودة وتقتصر على وجبات محددة مثل الكشري والحمام المحشي.
وحول سبب اتجاهها للعمل في هذا المشروع، قالت إن أسرتها عادت من السعودية إلى مصر لأسباب خاصة بعمل الزوج، لكن سرعان ما فكرت في البحث عن دولة أخرى نتيجة الأوضاع الاقتصادية والأمنية المتردية، حيث لم تجد أمامها سوى تركيا، بسبب سهولة الحصول على تأشيرة الدخول وعمل إقامة سياحية لمدة عامين، كما أنه نتيجة عدم وجود معرفة باللغة التركية، كان من الصعب وجود فرصة عمل مناسبة للزوج، الأمر الذي دفع الأسرة إلى التفكير في هذا المشروع.
ويعلق الشيف المصري علي رزق، والذي يعمل منذ 4 سنوات في إسطنبول، على فكرة "مطعم البيت"، مؤكدا فشل مشروع الأكلات المصرية، سواء في المطاعم أو التي تدار من البيوت، مرجعا ذلك إلى ارتفاع الأسعار والتركيز على الأكلات المصرية فقط، في ظل مجتمع تركي يميل إلى تناول الوجبات ذات الشهرة المحلية.
وترى إيمان، وهي صاحبة مشروع آخر للأكلات المصرية، أن الأسعار ليست مرتفعة، كما أن بعضها يناسب فردا واحدا، والبعض الآخر يناسب أكثر من فرد أو أسرة، ومن ثم يختلف السعر حسب العدد.
وتضيف لـ"العربي الجديد": معظم الزبائن من المصريين، إضافة إلى بعض السوريين الذين يطلبون وجبات مصرية بعينها، مثل المحشي (الملفوف) والكشري، وفي أحيان نادرة يطلب بعض الأتراك أكلات مصرية، سواء للتجربة أو لمصريين يعملون في شركاتهم.
الحلاق
مهنة أخرى استحدثها عدد من المصريين الذين يمارسون مهنة الحلاقة (قص الشعر)، نتيجة عدم وجود رأس مال كاف لفتح محال خاصة بهم، وهي ممارسة مهنتهم عن طريق البيوت "حلاق المنزل".
يقول عرفة المصري (حلاق) إن الظروف المادية حرمته من امتلاك محل خاص به، لذلك يمارس مهنته إما من خلال سكنه الخاص، أو ذهابه إلى الزبائن في البيوت.
ويوضح عرفة، لـ"العربي الجديد"، أنه للتخفيف على الزبائن، فقد يطلب في بعض الأحيان منهم تجميع أكثر من زبون في مكان واحد، حتى تتوزع عليهم تكاليف الانتقال، إن كان مسكنهم بعيدا عنه، مشيرا إلى أن المصريين في الغالب يفضلون التعامل مع الحلاق المصري لسهولة التواصل اللغوي والسعر المناسب الذي يطلبه.