قضية هاكان عطاالله: توقعات بعقوبات أميركية على المصارف التركية وتوتر العلاقات الاقتصادية
ويقول المحلل التركي، يوسف كاتب أوغلو، إنه لم يكن الحكم على عطا الله، مفاجئاً لتركيا، لأن واشنطن تسعى لبناء إدانات مالية واقتصادية على تركيا، وأرجأت مرتين الحكم منتظرة تنازلات من أنقرة، وخاصة ما يتعلق بالإفراج عن رجل الدين الأميركي، أندرو كريغ برونسون، فبعد أسبوع من تمديد حبسه بتركيا، جاء الحكم على المصرفي عطا الله.
وتوقع المحلل التركي كاتب أوغلو، أن تتطور "القضية" لفرض عقوبات على القطاع المصرفي التركي، بعد ما وصفها بالسلسة الأميركية المخطط لها قبل الانتخابات البرلمانية والرئاسية التي ستجري في 24 يونيو/حزيرن المقبل، والتي بدأتها واشنطن بتخفيض تصنيف تركيا الائتماني من شركة "ستاندرد أند بورز".
ورأى كاتب أوغلو خلال حديثه لـ"العربي الجديد"، أن بلاده اتخذت الاحتياطات اللازمة، سواء ما يتعلق بسحب احتياطياتها من الذهب من الولايات المتحدة، أو على مستوى تحسين العلاقات الاقتصادية مع روسيا وعقد اتفاقات عدة مع دول إقليمية ودولية، للتبادل التجاري بالعملات المحلية، متوقعاً أن يتصاعد توتر العلاقات حتى انتهاء الانتخابات التركية.
ويربط محللون بين حكم القضاء الأميركي، على المصرفي التركي عطا الله، وبين تمديد محكمة الجنايات الثانية في ولاية أزمير التركية، حبس رجل الدين الأميركي، أندرو كريغ برونسون، الموقوف في تركيا منذ عام 2016 بتهم عدة، منها التجسس والتعاون مع تنظيمات إرهابية، كمنظمتي "فتح الله غولن" الكيان الموازي، وحزب "العمال الكردستاني"، وارتكاب جرائم باسميهما.
ويتوقع المحللون تصاعد توتير العلاقات بين أنقرة وواشنطن، ما سينعكس سلباً على العلاقات الاقتصادية، رغم حرص كلا البلدين على عدم زج الاقتصاد بالسياسة، وخاصة أنقرة التي تبعد على الدوام، علاقاتها السياسية عن الاقتصاد ومصالح الشعوب. كما تفعل مع مصر، التي تستثمر فيها بأكثر من 5 مليارات دولار، على الرغم من سوء العلاقات السياسية منذ الانقلاب على الرئيس محمد مرسي عام 2013.
ويقول أستاذ الاقتصاد بجامعة ماردين التركية، فراس شعبو، إن من الأرجح أن نرى عقوبات أميركية على بعض المؤسسات المالية والمصرفية التركية، عدا "بنك خلق" في محاولة أميركية للضغط على تركيا بهذا التوقيت الحرج، ما سينعكس سلباً على جذب الاستثمارات الأجنبية والخشية من هجرة بعض الرساميل من تركيا، ويزيد التأزم بين البلدين، من تراجع سعر صرف الليرة التركية التي فقدت نحو 8% من سعرها الشهر الجاري وبلغت الأربعاء الماضي "يوم الحكم على عطا الله" نحو 4.5 ليرات للدولار في أدنى سعر لها على الإطلاق.
وحول أثر توتر العلاقات التركية الأميركية، على الاستثمارات والسياحة والتبادل التجاري، يشير الأكاديمي شعبو لـ"العربي الجديد" إلى أن هذه المرة ليست كما التوترات السابقة، والتي كان آخرها تجميد خدمات التأشيرات قبل أشهر، لأن واشنطن ستحاول الضغط على أنقرة وعلى عملتها بشكل خاص، خلال فترة الانتخابات.
ويشير شعبو إلى أن تركيا لا تعول كثيراً بخططها السياحية على الأميركيين، بل تعول على الروس والأوروبيين أو العرب مؤخراً، إذ لا يصل عدد السياح الأميركيين لـ700 ألف سائح سنويا، ويمكن تعويضهم عبر الروس والمنطقة العربية، مضيفا أن حجم التبادل التجاري والاستثمارات المشتركة لا يعد "خسارة تذكر" أو تدفع تركيا لتتنازل عن مواقفها الخلافية مع الولايات المتحدة، والمتعلقة بالملف السوري والعلاقة مع روسيا والتنظيمات الكردية التي تصنفها أنقرة بالإرهابية وتدعمها واشنطن، إذ لا يزيد حجم التبادل التجاري عن 17 مليار دولار، لا ترقى حصة صادرات تركيا منه لأكثر من 8 مليارات.
ويختم الدكتور شعبو لـ"العربي الجديد" ولكن من منظور اقتصادي، لا يمكن تجاهل أثر توتر العلاقات بين البلدين، على الاقتصاد التركي وجذب الاستثمارات الخارجية، وهنا لا يمكن النظر فقط، للاستثمارات التركية بالولايات المتحدة والتي لا تزيد عن 700 مليون دولار، بل إلى الاستثمارات الأميركية بتركيا والتي تقترب من 5 مليارات دولار. وكانت الخطط لبلوغها 20 ملياراً، وأيضاً بأثر التوتر إن وصل لفرض عقوبات، على حجم جذب الاستثمارات الأجنبية لتركيا، بشكل عام.