وسط تجاهل الإعلام المصري أثارت أزمة تراجع إيرادات قناة السويس على مواقع التواصل الاجتماعى جدلا سياسيا بين مؤيدي النظام المصري ومعارضيه، وذلك على خلفية صدور تقرير رسمي أمس الإثنين كشف عن تراجع إيرادات قناة السويس للشهر السادس، على التوالي.
وأظهر تقرير آخر أصدرته مؤسسة سي إنتل (SeaIntel)، بيت الخبرة في مجال معلومات النقل البحري، أن عدداً من السفن حولت مسارها إلى طريق رأس الرجاء الصالح لتجنب التعريفة الضخمة التي تدفعها مقابل المرور من قناة السويس.
وتبنى مؤيدو النظام المصري نظرية المؤامرة الدولية على مصر، والتشكيك في التقارير الدولية التي تستهدف، من وجهة نظرهم، النيل من سمعة الاقتصاد المصري دوليا، وإحداث بلبلة في الرأي العام المحلي ضد شخص الرئيس عبد الفتاح السيسي وحكومته.
في المقابل، اختار معارضو النظام الآية القرآنية: "إن الله لا يصلح عمل المفسدين" شعارا للسخرية من تراجع إيرادات القناة، وتجديد انتقاداتهم لإهدار مليارات الجنيهات من أموال المصريين على التفريعة الجديدة.
وكانت الحكومة المصرية قد أنفقت نحو ثمانية مليارات دولار لحفر تفريعة جديدة لقناة السويس حتى تعمل في الاتجاهين لتخفيض وقت انتظار السفن الذي كان يتراوح بين سبع وثماني ساعات قبل عبور الممر الملاحي. وقال السيسي، في أكثر من مناسبة، إن شق التفريعة الجديدة سيؤدي إلى زيادة هائلة في إيرادات قناة السويس.
وتأتي أزمة تراجع إيرادات قناة السويس لتوجه ضربة جديدة موجعة لأحد أهم موارد مصر من العملة الصعبة، بعد التراجع الحاد في إيرادات السياحة، والانخفاض الكبير في قيمة الجنيه أمام الدولار.
ووفق تقرير "سي إنتيل"، ستكون الحكومة المصرية مضطرة إلى تخفيض الرسوم الضخمة التي تحصل عليها من السفن العابرة لقناة السويس لتجاوز هذه الأزمة، لكن هذه الخطوة ستزيد، من ناحية أخرى، متاعب الاقتصاد المصري، والذي يعاني من نقص كبير في العملة الصعبة.
ووصف معارضو النظام المصري تقرير "سي إنتيل" بـ"الخطير"، مؤكدين أنه يبيّن سفه فكرة إنفاق 100 مليار جنيه على التفريعة الجديدة لقناة السويس.
وتداول نشطاء في مواقع التواصل الاجتماعي تصريحات لمصادر اقتصادية خاصة قالت إن مصر تتجه نحو الانهيار الاقتصادي بخطة ممنهجة من قوى خارجية ينفذها السيسي بجدارة.
وأضافت المصادر، والتي تداولها نشطاء التواصل الاجتماعي، أن السيسي يحاول إيصال رسائل إلى المواطن المصري مفادها بأنه "لا أمل، وأن البلد انتهت وتصريحاته عن تنمية خلال 2030 أو 2063 مخطط كبير لإحباط الشعب، وجعله يفقد الأمل في الإصلاح، وأن يتملكه اليأس من أي رغبة في المقاومة".
وعلق محمد مغربي على استمرار تراجع إيرادات قناة السويس قائلاً: "أي دراسة جدوى لناس بتفهم، كان لازم تأخد في الاعتبار حركة التجارة العالمية وكل الأحداث الحالية في التوقعات المستقبلية في ظل الظروف الاقتصادية الكارثية، وكان 64 مليار دول ممكن يتم استثمارهم في مشروعات ذات جدوى وحقيقية".
ووجه أحمد راضي، عبر حسابه الخاص على فيسبوك سؤالاً إلى الحكومة المصرية: "أنا بسأل الحكومة دلوقتي هتنزلي الرسوم ولا هتدفعي فوائد 60 مليار بتوع الشعب علشان قلنا قبل كده تفريعة القناة ملهاش أي تلاتين لازمة قلتوا افرحوا دا مصر بتفرح".
في المقابل، شكك مؤيدو النظام المصري في مصداقية تقرير "سي إنتيل". وقال علاء متولي: "هذا التقرير غير موضوعي على الإطلاق، لأنه لم يذكر أسماء السفن أو الخطوط الملاحية التي كانت تمر بقناة السويس وغيرت وجهتها لرأس الرجاء الصالح.. المقصود من نشر هذه الأخبار التي لا تستند إلى الواقع هو إثارة البلبلة فقط".
وقد نفى مدير إدارة التخطيط والبحوث بقناة السويس، ناجي أمين، في تصريحات صحافية، ما تم تداوله خلال الساعات القليلة الماضية بشأن تراجع نسبة السفن العابرة من القناة واتجاهها لطريق رأس الرجاء الصالح، بسبب انخفاض أسعار البترول، مؤكداً أن هذه الأخبار عارية عن الصحة.