تبدو جليّة في الأفق بوادرُ خلاف بين الرئيس التركي رجب طيب أردوغان والبنك المركزي التركي، حول قضية رفع أسعار الفائدة التي يؤيدها البنك لمواجهة التضخم وكبح المضاربة على الليرة وتراجع سعرها، بينما يرفضها أردوغان ويرى فيها عائقاً أمام تشجيع الاستثمارات.
ومع خروج هذا الخلاف إلى العلن، كما حدث أمس السبت، تتخوف أسواق المال من انعكاسه على قيمة العملة المحلية ومناخ الاستثمار في البلاد، بخاصة أن المستثمرين يعتبرون محاولة أردوغان رفع سعر الفائدة محاولة منه للتدخل في إدارة السياسة النقدية التي تعد من المهام الأصلية للبنك المركزي التركي.
وقال أردوغان، أمس السبت، إن معدل التضخم في بلاده سيتراجع فور خفض أسعار الفائدة، مضيفاً، خلال مقابلة على الهواء مع تلفزيون (إن.تي.في): "فور قيامنا بخفض أسعار الفائدة، والنظام الرئاسي سيحقق هذا، سيتراجع التضخم".
ويصف أردوغان نفسه بأنه "عدو لأسعار الفائدة"، ودعا مراراً وتكراراً إلى خفض تكلفة الاقتراض عبر خفض الفائدة لتشجيع الاستثمارات، ويبني الرئيس التركي رؤيته بشأن أسعار الفائدة على عدة عناصر.
ويتمثل العنصر الأول في تجربة أردوغان الاقتصادية، سواء لتخصصه الدراسي حيث تخرج في كلية الاقتصاد والعلوم الإدارية في جامعة مرمرة، مروراً بتجاربه الناجحة اقتصادياً منذ انتخابه رئيساً لبلدية إسطنبول، وصولاً إلى رئاسته الحكومة ثم الدولة.
أما العنصر الثاني فيتجسد في نجاحات الاقتصاد التركي خلال العامين الماضيين، رغم محاولة الانقلاب الفاشلة في يوليو/ تموز 2016، والتي تعتمد بشكل أساس على الصادرات والسياحة والاستثمارات الأجنبية والتي انعكست على معدل النمو والذي حقق معدلات قياسية، كما أن هناك قطاعات تحتاج إلى ضخ سيولة في السوق مع خفض تكلفة الإقراض، وهذا الأمر في حاجة إلى خفض أسعار الفائدة وليس رفعها.
وقال أردوغان في خطاب سابق في أنقرة خلال الشهر الجاري، أعلن فيه حزمة تحفيز للاستثمارات قيمتها 34 مليار دولار لمساعدة الشركات التركية: "كيف ستكون هناك استثمارات إذا لم تخفض أسعار الفائدة؟ نطلق على ذلك نظام تحفيز قائماً على الاستثمار".
وتابع قائلاً: "يجب أن ننقذ المستثمر من أسعار الفائدة المرتفعة، حتى يتسنى له ضخ الاستثمار. وعندما تكون هناك استثمارات سيكون هناك توظيف وإنتاج وتصدير".
كما يدعم أردوغان رؤيته بشأن أسعار الفائدة، بتوقعات خبراء الاقتصاد والحكومة التركية بتعافي الاقتصاد وتسريع معدلات النمو والاستثمارات في السياحة بعد انتخابات الرئاسة المقررة في 24 يونيو/ حزيران المقبل، وهو ما يعني الإقبال على الليرة التركية واستقرار سعرها وارتفاع الاحتياطي الأجنبي، مما يقلل أو يحد من الحاجة إلى رفع أسعار الفائدة.
رؤية مخالفة
على الجانب الآخر، يرى البنك المركزي التركي أن العلاج الأنجع للتضخم المتصاعد حالياً، وانخفاض سعر الليرة، هو رفع أسعار الفائدة في البنوك كحل تقليدي تلجأ إليه البنوك المركزية في العالم لمواجهة مثل تلك الأزمات، بخاصة أن هذه الخطوة يترتب عليها سحب السيولة الفائضة من الأسواق، وإضعاف الطلب على النقد الأجنبي مقابل زيادته على العملة الوطنية.
وقال محافظ البنك المركزي التركي مراد جيتينكايا، أمس السبت، على هامش حضوره اجتماعات الربيع لصندوق النقد والبنك الدولي في واشنطن، وفقاً لوكالة "رويترز"، إن البنك سيشدد السياسة النقدية بشكل أكبر إذا اقتضت الحاجة، مضيفاً أن المصرف سيراقب عن كثب توقعات التضخم والسلوك التسعيري.
ويستند البنك المركزي في رؤيته، والتي يتوقع أن يقرر في اجتماعه المقبل في 25 إبريل/نيسان الجاري رفع أسعار الفائدة بمقدار 50 نقطة أساس (نصف بالمائة)، إلى عدد من الأمور.
ويتمثل الأمر الأول في ارتفاع التضخم، إذ كشف معهد الإحصاء التركي، اليوم الثلاثاء، أن مؤشر أسعار المستهلكين في البلاد ارتفع 0.99% في مارس/ آذار على أساس شهري، بما يتماشى مع التوقعات، في حين تراجع قليلاً على أساس سنوي، ليتجه صوب 10%. لكن مؤشر التضخم الرئيسي ارتفع 11.4% على أساس سنوي.
اقــرأ أيضاً
وعلى أساس سنوي أيضاً، تراجع تضخم أسعار المستهلكين إلى 10.23% في مارس/ آذار، ليواصل الاتجاه النزولي من أعلى مستوى في 14 عاماً الذي سجله في نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، عندما بلغ 12.98%، لكنه يظل أعلى كثيراً من المستوى الذي تستهدفه الحكومة عند 5%.
أما الأمر الثاني الذي يدفع به البنك المركزي فهو انخفاض سعر الليرة، حيث شهدت تراجعاً خلال الشهر الجاري، إلى أدنى مستوى لها على الإطلاق، إذ بلغت الأسبوع الفائت 4.143 ليرات للدولار و5.127 لليورو، قبل أن تبدأ بالتعافي منذ الأربعاء الماضي، حيث وصل سعر الدولار إلى 4.04 ليرات فقط اليوم الأحد، بينما بلغ سعر اليورو 4.99 ليرات.
وبين إصرار أردوغان ورؤية المركزي، يترقب الأتراك والأسواق العالمية قرار البنك في اجتماعه المقبل، والذي يستبق الانتخابات التركية المبكرة بشهرين، إذ يتوقع البعض أن تنخفض الليرة خلال فترة الاستعداد لها لعدم وضوح الرؤية، ومن ثم فإن ذلك يدعم رؤية البنك وقراره المرتقب.
بينما يرى آخرون أن أي رفع لسعر الفائدة يمكن أن يؤثر بالسلب في حركة الاقتصاد التركي ومن ثم على الانتخابات، حيث ستكون أحد العوامل المؤثرة في قرار الناخب التركي الذي يمثل الوضع الاقتصادي أحد المؤثرات المهمة في اختياراته السياسية.
ومع خروج هذا الخلاف إلى العلن، كما حدث أمس السبت، تتخوف أسواق المال من انعكاسه على قيمة العملة المحلية ومناخ الاستثمار في البلاد، بخاصة أن المستثمرين يعتبرون محاولة أردوغان رفع سعر الفائدة محاولة منه للتدخل في إدارة السياسة النقدية التي تعد من المهام الأصلية للبنك المركزي التركي.
وقال أردوغان، أمس السبت، إن معدل التضخم في بلاده سيتراجع فور خفض أسعار الفائدة، مضيفاً، خلال مقابلة على الهواء مع تلفزيون (إن.تي.في): "فور قيامنا بخفض أسعار الفائدة، والنظام الرئاسي سيحقق هذا، سيتراجع التضخم".
ويصف أردوغان نفسه بأنه "عدو لأسعار الفائدة"، ودعا مراراً وتكراراً إلى خفض تكلفة الاقتراض عبر خفض الفائدة لتشجيع الاستثمارات، ويبني الرئيس التركي رؤيته بشأن أسعار الفائدة على عدة عناصر.
ويتمثل العنصر الأول في تجربة أردوغان الاقتصادية، سواء لتخصصه الدراسي حيث تخرج في كلية الاقتصاد والعلوم الإدارية في جامعة مرمرة، مروراً بتجاربه الناجحة اقتصادياً منذ انتخابه رئيساً لبلدية إسطنبول، وصولاً إلى رئاسته الحكومة ثم الدولة.
أما العنصر الثاني فيتجسد في نجاحات الاقتصاد التركي خلال العامين الماضيين، رغم محاولة الانقلاب الفاشلة في يوليو/ تموز 2016، والتي تعتمد بشكل أساس على الصادرات والسياحة والاستثمارات الأجنبية والتي انعكست على معدل النمو والذي حقق معدلات قياسية، كما أن هناك قطاعات تحتاج إلى ضخ سيولة في السوق مع خفض تكلفة الإقراض، وهذا الأمر في حاجة إلى خفض أسعار الفائدة وليس رفعها.
وقال أردوغان في خطاب سابق في أنقرة خلال الشهر الجاري، أعلن فيه حزمة تحفيز للاستثمارات قيمتها 34 مليار دولار لمساعدة الشركات التركية: "كيف ستكون هناك استثمارات إذا لم تخفض أسعار الفائدة؟ نطلق على ذلك نظام تحفيز قائماً على الاستثمار".
وتابع قائلاً: "يجب أن ننقذ المستثمر من أسعار الفائدة المرتفعة، حتى يتسنى له ضخ الاستثمار. وعندما تكون هناك استثمارات سيكون هناك توظيف وإنتاج وتصدير".
كما يدعم أردوغان رؤيته بشأن أسعار الفائدة، بتوقعات خبراء الاقتصاد والحكومة التركية بتعافي الاقتصاد وتسريع معدلات النمو والاستثمارات في السياحة بعد انتخابات الرئاسة المقررة في 24 يونيو/ حزيران المقبل، وهو ما يعني الإقبال على الليرة التركية واستقرار سعرها وارتفاع الاحتياطي الأجنبي، مما يقلل أو يحد من الحاجة إلى رفع أسعار الفائدة.
رؤية مخالفة
على الجانب الآخر، يرى البنك المركزي التركي أن العلاج الأنجع للتضخم المتصاعد حالياً، وانخفاض سعر الليرة، هو رفع أسعار الفائدة في البنوك كحل تقليدي تلجأ إليه البنوك المركزية في العالم لمواجهة مثل تلك الأزمات، بخاصة أن هذه الخطوة يترتب عليها سحب السيولة الفائضة من الأسواق، وإضعاف الطلب على النقد الأجنبي مقابل زيادته على العملة الوطنية.
وقال محافظ البنك المركزي التركي مراد جيتينكايا، أمس السبت، على هامش حضوره اجتماعات الربيع لصندوق النقد والبنك الدولي في واشنطن، وفقاً لوكالة "رويترز"، إن البنك سيشدد السياسة النقدية بشكل أكبر إذا اقتضت الحاجة، مضيفاً أن المصرف سيراقب عن كثب توقعات التضخم والسلوك التسعيري.
ويستند البنك المركزي في رؤيته، والتي يتوقع أن يقرر في اجتماعه المقبل في 25 إبريل/نيسان الجاري رفع أسعار الفائدة بمقدار 50 نقطة أساس (نصف بالمائة)، إلى عدد من الأمور.
ويتمثل الأمر الأول في ارتفاع التضخم، إذ كشف معهد الإحصاء التركي، اليوم الثلاثاء، أن مؤشر أسعار المستهلكين في البلاد ارتفع 0.99% في مارس/ آذار على أساس شهري، بما يتماشى مع التوقعات، في حين تراجع قليلاً على أساس سنوي، ليتجه صوب 10%. لكن مؤشر التضخم الرئيسي ارتفع 11.4% على أساس سنوي.
وعلى أساس سنوي أيضاً، تراجع تضخم أسعار المستهلكين إلى 10.23% في مارس/ آذار، ليواصل الاتجاه النزولي من أعلى مستوى في 14 عاماً الذي سجله في نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، عندما بلغ 12.98%، لكنه يظل أعلى كثيراً من المستوى الذي تستهدفه الحكومة عند 5%.
أما الأمر الثاني الذي يدفع به البنك المركزي فهو انخفاض سعر الليرة، حيث شهدت تراجعاً خلال الشهر الجاري، إلى أدنى مستوى لها على الإطلاق، إذ بلغت الأسبوع الفائت 4.143 ليرات للدولار و5.127 لليورو، قبل أن تبدأ بالتعافي منذ الأربعاء الماضي، حيث وصل سعر الدولار إلى 4.04 ليرات فقط اليوم الأحد، بينما بلغ سعر اليورو 4.99 ليرات.
وبين إصرار أردوغان ورؤية المركزي، يترقب الأتراك والأسواق العالمية قرار البنك في اجتماعه المقبل، والذي يستبق الانتخابات التركية المبكرة بشهرين، إذ يتوقع البعض أن تنخفض الليرة خلال فترة الاستعداد لها لعدم وضوح الرؤية، ومن ثم فإن ذلك يدعم رؤية البنك وقراره المرتقب.
بينما يرى آخرون أن أي رفع لسعر الفائدة يمكن أن يؤثر بالسلب في حركة الاقتصاد التركي ومن ثم على الانتخابات، حيث ستكون أحد العوامل المؤثرة في قرار الناخب التركي الذي يمثل الوضع الاقتصادي أحد المؤثرات المهمة في اختياراته السياسية.
(العربي الجديد)