تقول البيانات المالية الفلسطينية، للربع الأول من العام الجاري، الصادرة عن وزارة المالية، وحصل "العربي الجديد" على نسخة منها، إن نفقات الأمن الفلسطيني، تستحوذ على قرابة 27٪ من إجمالي النفقات المالية الجارية خلال الفترة نفسها، بقيمة تجاوزت حاجز 917.5 مليون شيكل (255 مليون دولار أميركي).
وتستعدّ الحكومة الفلسطينية لإنفاق مزيد من الأموال على الأمن، عقب فتح باب الترقيات لعناصر الأجهزة الأمنية، بعد توقف دام لأكثر من 3 سنوات لأسباب مالية، بحسب تصريح رسمي صادر عن المفوّض السياسي اللواء عدنان الضميري نهاية شهر ابريل/ نيسان الماضي.
ويبلغ عدد موظفي ومنتسبي الأجهزة الأمنية في الأراضي الفلسطينية (الضفة الغربية وقطاع غزة)، نحو 70 ألف عنصر، موزعين على المخابرات والأمن الوقائي والاستخبارات، والأمن الوطني والشرطة.
وكان إجمالي نفقات الحكومة الفلسطينية قد بلغ، خلال الربع الأول من العام الجاري، نحو 3.419 مليارات شيكل (950 مليون دولار)، وفق أرقام الميزانية الفلسطينية.
وتشكل نفقات الأمن الفلسطيني عبئاً كبيراً على الموازنة الفلسطينية السنوية، وسط تحفظات من القطاع الخاص الذي أعلن، في أكثر من مناسبة خلال العام الجاري، بأن السلطة لا تحتاج إلى هذا العدد الكبير من عناصر الأجهزة الأمنية.
نفقات أهمّ
يقول رئيس جمعية رجال الأعمال الفلسطينيين، محمد المسروجي، لـ"العربي الجديد": إن هنالك نفقات أكثر أهمية في الوقت الحاضر، وتتمثّل في الإنفاق على مشاريع تنموية واستثمارية من شأنها النهوض بالاقتصاد الفلسطيني، وخفض معدلات البطالة المرتفعة.
وقدّر الأمين العام لاتحاد نقابات عمال فلسطين، شاهر سعد، خلال تصريح له لمناسبة اليوم العالمي للعمال، يوم الخميس، عدد العاطلين عن العمل في السوق الفلسطينية بنحو 370 ألفاً، من أصل إجمالي حجم القوى العاملة البالغة أكثر من مليون ومئة ألف، بينما كانت أرقام العاطلين عن العمل، بحسب الإحصاء الفلسطيني، تقترب من حاجز 270 ألفاً في الأراضي الفلسطينية.
العجز المالي
وأعلنت الحكومة الفلسطينية، خلال السنوات الثلاث الماضية، عن الموازنة التطويرية (الاستثمارية) البالغة 350 مليون دولار أميركي، إلا أنه لم يتم تنفيذ سوى 10٪ منها، بسبب العجز المالي للسلطة، بينما يتم تحويل الأموال المتبقية إلى الموازنة الأساسية، وفقاً لحديث سابق مع ممثل القطاع الخاص في المحادثات الاقتصادية مع الحكومة، سمير حليلة.
من جهته، أشار الباحث الاقتصادي، محمد قرش، إلى أن فتح باب الترقيات في صفوف أجهزة الأمن، سيرفع من حصة الأمن في الموازنة الفلسطينية إلى أكثر من 35٪، لأن الآلاف ينتظرون ترقيات وعلاوات.
وتابع: على الرغم من أهمية الأجهزة الأمنية، إلا أننا لا نحتاج هذا العدد الكبير الذي يتجاوز 70 ألف عنصر"، مشيراً إلى أن نفقات أَوْلى من الأمن يجب التركيز عليها، خاصة في مجال إقامة المصانع والمشاريع الاقتصادية الإنتاجية.
وأكد رئيس الوزراء في الحكومة الفلسطينية، د. رامي الحمد الله، الأسبوع الماضي، أن الحكومة أوقفت بشكل كامل التوظيف في الأجهزة الأمنية، حتى نتمكن من ضبط نفقاتنا خلال العام الجاري، ونوفّر أموالاً للخزينة.
وأضاف الحمد الله، خلال مشاركته في مؤتمر حول النزاهة والمساءلة، أنه تم اتخاذ قرار، بالتوافق مع الرئيس محمود عباس، على نقل منتسبي الأمن من جهاز إلى آخر في حال وجود نقص في أحدها، دون إجراء أية تعيينات جديدة.
فاتورة الأمن
وبحسب بيانات وزارة المالية، فإن فاتورة نفقات الأجهزة الأمنية خلال العام الماضي، كما هي في ميزانية 2013 الصادرة عن وزارة المالية، نحو 3.637 مليارات شيكل (1.01 مليار دولار أميركي)، منها قرابة 2.893 مليار شيكل (803.6 ملايين دولار) فاتورة أجور ورواتب.
وتعاني الموازنة الفلسطينية للعام الجاري، 2014، عجزاً جارياً بنسبة 30٪ من إجمالي الموازنة البالغة 4.21 مليارات دولار، أي نحو 1.250 مليار دولار أميركي، وقد يرتفع العجز ليستقر عند 1.6 مليار دولار، إذا ما أضيف العجز في الموازنة التطويرية.
وأعلنت حكومة الحمد الله، عند إعلان الموازنة مطلع فبراير/ شباط الماضي، عن تقشف في مصروفاتها، عبر ترشيد الانفاق وتعظيم الإيرادات المحلية، وتقليل الاعتماد على المنح والمساعدات الأجنبية ووقف التعيينات، باستثناء سلكي التعليم والصحة.