دخل المخزون السلعي في اليمن دائرة الخطر مع اقتراب نفاده، الأمر الذي ينذر بكارثة معيشية، حيث تشهد الأسواق بالأساس موجات غلاء متلاحقة دون توقف في ظل تعدد أطراف الحرب والصراع المتأجج على المال، بينما يشكو القطاع التجاري من صعوبة الحصول على العملة الأجنبية اللازمة للاستيراد، ووجود فوارق سعرية كبيرة بين مناطق الحكومة وغيرها الخاضعة لسيطرة الحوثيين.
وحذرت وزارة الصناعة والتجارة في الحكومة اليمنية، في مذكرة رسمية وجهتها إلى وزير المالية ومحافظ البنك المركزي، من مخاطر انفلات الأسعار بسبب النقص الحاصل في المخزون الغذائي.
وأشارت الوزارة، في مذكرة اطلعت عليها "العربي الجديد"، إلى العديد من الأسباب التي تؤدي إلى نقص المخزون الغذائي وارتفاع الأسعار، منها تأخر الوفاء بالالتزامات تجاه الموردين الدوليين والإجراءات البنكية الطويلة، وتغير أسعار الصرف بين مختلف مناطق اليمن.
وقال مسؤول في مجموعة هائل سعيد أنعم، إحدى كبرى المجموعات التجارية اليمنية لـ"العربي الجديد"، إن هناك صعوبة بالغة في الحصول على العملة الأجنبية، فضلا عن وجود فارق في سعرف الصرف تجاوز 15% في كل منطقة وفق السلطات الحاكمة لها.
ويعتمد اليمنيون على الاستيراد بشكل رئيسي في تلبية احتياجاتهم من السلع الغذائية والاستهلاكية بنسبة تتعدى 80%.
ويرى الاتحاد العام للغرف التجارية، الذي يعتبر أرفع مؤسسة تمثل القطاع الخاص التجاري والصناعي في اليمن، أن الانقسام في المؤسسات المالية أثر كثيراً على الأداء التجاري والمعاملات المالية الخاصة بالاستيراد، نظراً لوجود بنكين في صنعاء وعدن، والأخير تسود فيه الفوضى وغير مستقر ويعمل في بيئة مضطربة غير صالحة لممارسة أي نشاط مالي ومصرفي.
وقال عضو الاتحاد العام للغرف التجارية علي عيسى لـ"العربي الجديد" إن الاضطراب الحاصل في القطاع المصرفي وما نتج عنه من فارق في سعر الصرف واختلاف التداول النقدي، كبد القطاع الخاص التجاري في اليمن خسائر جسيمة ومعاناة واسعة، إلى جانب التأثيرات التي بدأت في الظهور نتيجة انتشار فيروس كورونا.
ومع غياب المزيد من التدخل المالي، سيكون هناك انخفاض مستمر في سعر الصرف في السوق الموازية في الأشهر المقبلة، مع انخفاض قيمة العملة مما يزيد من أسعار المواد الغذائية، وفق عيسى، محذرا من أن الأسواق قد تشهد نقصاً مضطرداً في السلع المستوردة، وسيعاني المصنعون من اضطراب حركة التجارة وسلاسل التوريد، وربما يجدون صعوبة في توفير بعض مكونات الإنتاج وقطع الغيار وصعوبة في إيجاد البديل.
وإلى جانب الصراع بين الحكومة والحوثيين على الإيرادات المالية، دخل طرف ثالث على ساحة الصراع، متمثلا في المجلس الانتقالي الجنوبي المدعوم إماراتياً، والذي استولى عدة مرات على حاويات نقود تابعة للبنك المركزي في عدن، آخرها حصل السبت الماضي، في تصعيد جديد ضد الحكومة الشرعية.
وتجتمع الصراعات المتأججة والانهيار المالي، إلى جانب تداعيات تفشي فيروس كورونا، على معيشة اليمنيين الذين يعاني أكثر من 70% منهم من الفقر.
وتقود السعودية تحالفاً في الحرب الدائرة في اليمن منذ أكثر من خمسة أعوام، تسببت بأكبر أزمة إنسانية في العالم حسب تصنيف الأمم المتحدة. وقال وكيل وزارة التجارة والصناعة، عبدالله عبدالولي، لـ"العربي الجديد"، إن الدولة فقدت منظومتها التجارية والاقتصادية وأدواتها في السوق النقدية والمصرفية.
وأضاف أن جميع المؤسسات المتخصصة بالاقتصاد والقطاع المصرفي تقف عاجزة عن التدخل لضبط الأسواق أو اتخاذ قرارات مؤثرة، بعد أن أصبحت الأسواق خصوصاً النقدية والمصرفية بيد التجار والصرافين الذين يتحكمون في كل شيء يخص أسعار العملة أو السلع الغذائية والاستهلاكية، بينما ازداد الأمر سوءاً مع الزج بالاقتصاد كورقة في الصراع الدائر في البلاد.
وخسر اليمن وفق تقارير رسمية ما يزيد على 50 مليار دولار، كان ممكن ضخها إلى خزينة الدولة خلال السنوات الخمس الماضية، وذلك نتيجة وقف تصدير النفط والغاز وتعطيل الموانئ والمطارات، وإصابة كافة المرافق والقطاعات الاقتصادية بالشلل.