قرارات مرتقبة للحد من ارتفاع الدولار في السودان

22 سبتمبر 2016
انهيار الجنيه يرفع أسعار أغلب السلع (الأناضول)
+ الخط -
قالت مصادر مطلعة بالخرطوم، لـ "العربي الجديد"، إن الحكومة السودانية وافقت على حزمة من الإجراءات المقترحة من جانب وزارة المالية والبنك المركزي، لوضع حد للتدهور المتواصل الذي تسجله العملة المحلية منذ أكثر من خمسة أشهر.

ومع ضعف السيولة الدولارية التي تضخها الحكومة في سوق الصرف، هبط الجنيه السوداني في السوق الموازية إلى نحو 16 جنيها للدولار، في المتوسط، فيما يجري تداول العملة الأميركية بالمنافذ الرسمية عند 6.4 جنيهات.

وأوضحت المصادر أن الحكومة بصدد الإعلان عن إجراءات لإعادة تنظيم سوق النقد الأجنبي ومحاصرة المضاربات، التي اتسعت رقعتها بالسوق الموازية، وإعادة تنظيم عمليات التصدير والاستيراد، وإدارة سعر الصرف.

تقليص فاتورة الاستيراد

ومن المتوقع أن تشمل القرارات وقف استيراد بعض أنواع السلع، لتقليص فاتورة الاستيراد، على رأسها، بعض أصناف السيارات، ألعاب الأطفال، الأواني البلاستيكية، أشجار الزينة وبعض أصناف الخضروات والفواكه، وفق المصادر.

وقال وزير المالية والتخطيط الاقتصادي، بدر الدين محمود، قبل يومين، إن وزارته بصدد الإعلان عن إجراءات جديدة، تتضمن ابتعاد وزارة المالية عن التدخل في تحديد سعر صرف العملة المحلية، أو التحكم في سياسة النقد الأجنبي، في مساع للحفاظ على حرية التعامل بالعملة الصعبة وفق قواعد السوق.

وأضاف الوزير أن الإجراءات الجديدة تتضمن، أيضا، تنظيم عمليات الاستيراد والتصدير.
في المقابل، يعتقد مراقبون أن الحكومة قد لا تتمكن من تنفيذ حزمة الإجراءات الرامية لضبط سوق الصرف، على اعتبار أن أغلب النقد الأجنبي، الذي يدخل الدولة، يجد طريقه إلى السوق الموازية، خاصة ما يتعلق بالاستيراد، والذي تعتمد عليه الدولة في تدبير أغلب احتياجاتها.

ويقول الخبير الاقتصادي، الفاتح عثمان، لـ "العربي الجديد"، إن تقييد عمليات الاستيراد يبقى صعبا في ظل إنتاج لا يلبي حاجة المواطنين، لكنه يعتقد، أن الإجراءات الجديدة قد تساهم في ردع السوق الموازية وبالتالي خفض سعر الدولار، ولو لفترات قصيرة.

وتحاول الحكومة السيطرة على الواردات، التي تستنزف الحصة الأكبر من النقد الأجنبي. وقال وزير المالية، بدر الدين محمود، الشهر الماضي: "التدابير متواصلة للسلع الواردة من مصر. فرضنا عليها رسوماً لأننا شعرنا بأن التأثير علينا من مصر كبير، خاصة في حركة السلع الواردة". كما ترى الحكومة أيضا أن الإنتاج وزيادة إمدادات النفط من الحلول، التي تعجل بتدبير عملة صعبة.

تحفيز التحويلات

وقالت مصادر مصرفية، لـ "العربي الجديد"، إن القطاع يترقب قراراً حكومياً يعتمد سياسة تحفيز المغتربين على التحويل عبر المنافذ الرسمية للمصارف، والصرافات المعتمدة، وذلك بمنحهم موافقة لاستيراد سيارة معفاة من الجمارك إذا زادت قيمة تحويلاتهم خلال العام عن حد معين، وكذا السماح لهم بإدخال بضائع للاستخدام الشخصي معفاة من الجمارك، تتناسب أيضا مع حجم تحويلاتهم عبر المنافذ الرسمية.

ويرى أستاذ الاقتصاد في جامعة المغتربين، محمد الناير، أن ثمة من يعبث بسوق الصرف عبر استغلال بعض وسائل الإعلام غير المحترفة، لتحقيق أرباح طائلة من وراء المضاربة في النقد الأجنبي.

وأشار الناير، في تصريح لـ "العربي الجديد"، إلى قصورٍ في الخطاب الإعلامي الاقتصادي، والذي بدا مؤثرا على الاقتصاد السوداني وحركة الأسواق، قائلا: "إذا لم تُعالج القضية من جذورها فإن الاقتصاد سيكون عرضة للشائعات التي يدفع المجتمع ثمنها غاليا".

ويرى أن أية مساع حكومية لتقليص الفجوة بين سعري صرف الدولار في السوق الموازية والرسمية، عبر خفض قيمة الجنيه السوداني، لا تضمن استقرار سوق الصرف، بل إن المتوقع أن ترتفع قيمة العملة الأميركية في السوق الموازية بذات النسبة، التي قد يتم خفض قيمة الجنيه السوداني بها.

وقال الناير إن على الحكومة اتخاذ إجراءات تساهم في تعزيز احتياطي النقد الأجنبي لتلبية مطالب المستوردين، والذين غالبا ما يلجؤون إلى السوق الموازية لتدبير احتياجاتهم من الدولار. وتبلغ صادرات السودان نحو 3 مليارات دولار سنوياً، مقابل 9 مليارات دولار واردات، بعجز في الميزان التجاري يصل إلى 6 مليارات دولار، وفق بيانات حكومية.

وأكد الناير أهمية بناء الثقة لدى المغتربين وتقديم حوافز تشجعهم على ضخ تحويلاتهم عبر السوق الرسمية، فضلا عن ضرورة توجه الحكومة للحصول على وديعة دولارية، تدعم موقف احتياطي النقد الأجنبي لدى البنك المركزي.
وتواجه العملة السودانية تدهورا كبيرا، منذ انفصال جنوب السودان في صيف2011، حيث فقدت أكثر من ثلثي عائدات النفط.
المساهمون