منيت الحكومة المصرية بخسارة قانونية جديدة في ملف استثمارات الغاز، بعدما أصدر المركز الدولي لتسوية منازعات الاستثمار التابع للبنك الدولي "إكسيد"، أمس الأول، حكماً بتغريمها مبلغ ملياري دولار لصالح تحالف يضم شركتي "إيني" الإيطالية و"ناتورجي" الإسبانية.
وذكرت شركة "ناتورجي"، في بيان لها، أن مركز "إكسيد" أصدر قرارا ينص على أن مصر فشلت في الالتزام بتعهداتها أمام شركة "يونيون فينوسا"، وهي كيان مشترك مع "إيني" ومسؤولة عن تصدير الغاز المصري.
ورفعت "يونيون فينوسا" دعوى ضد مصر أمام التحكيم الدولي في عام 2014، بسبب عدم ضخ كميات الغاز المتفق عليها مع الحكومة إلى وحدة إسالة الغاز الطبيعي التي تديرها الشركة في ميناء دمياط (على البحر المتوسط، شمال)، منذ عام 2012، على خلفية عدم استقرار إنتاج الغاز وتعذر استيراده بعد ثورة 25 يناير/ كانون الثاني 2011.
وقالت مصادر قانونية مصرية ارتبطت بالقضية خلال أول عامين لتداولها أمام "إكسيد"، إن مفاوضات التسوية تعثرت بسبب عدم إمكانية استيراد كميات الغاز الكفيلة بتشغيل وحدة الإسالة منذ 2012 وحتى الآن، فضلاً عن عدم وجود إنتاج محلي يكفي للتشغيل أيضاً.
ويعني ذلك استمرار الوضع كما هو من دون تشغيل، وهو ما تأكد التحالف من أنه "وضع لن يمكن تغييره" مطلع العام الماضي، فاتخذت قراراً بالمضي قدماً في مقاضاة الحكومة المصرية للحصول على أكبر مكسب ممكن.
وأضافت المصادر لـ"العربي الجديد"، أن مصر كانت تلعب على عنصر الوقت، مراهنة على تأخير حصول الشركة على قرار تحكيمي لصالحها، لحين التوصل لاتفاق مع سلطات الاحتلال الإسرائيلي أو قبرص لاستيراد الغاز والبدء في تنفيذه، وهو ما يسمح لها بتوجيه قدر كبير من الكميات المستوردة إلى وحدة الإسالة بدمياط.
لكن الواقع أن استيراد الغاز من الإسرائيليين تعطله عقبات أخرى، تتعلق بحكم الغرامة الذي حصلت عليه شركة كهرباء هناك بسبب تخريب خط تصدير الغاز المصري لإسرائيل عام 2011 ووقف تصديره، حيث ترفض مصر دفع الغرامة المحكوم بها والتي تبلغ 1.76 مليار دولار للإسرائيليين، وتحاول تخفيضها إلى أقل من 300 مليون دولار، في سياق التفاوض على استيراد الغاز أيضاً، وفق المصادر.
أما العقدة الثانية فهي أن يونيون فينوسا ترغب حالياً في الحصول على ما يعادل قيمة الغرامة المحكوم لها بها في صورة كميات من الغاز الطبيعي (مليارا دولار)، في حين أن المفاوضات المصرية الإسرائيلية الجارية حالياً لتفعيل عقد استيراد الغاز كانت تتركز حول تخصيص الاستيراد فقط لشركة "شرق البحر المتوسط للغازات" التي تشارك فيها وزارة البترول وجهاز المخابرات العامة.
وتسعى "إيني" المساهمة في يونيون فينوسا، إلى الحصول على أكبر مكاسب ممكنة من السوق المصرية لحين بدء تشغيل حقل "ظهر" الكفيل بإضافة كميات كبيرة من الغاز للسوقين المحلية والإقليمية بحلول عام 2019.
وتعتبر الغرامة المحكوم بها ضد مصر، أمس الأول، الأكبر من نوعها في هذا المجال، لكن الدولة متفائلة بعدم إقدام الشركة الإسبانية أو "إيني" على محاولة إحراج مصر بالحجز على أموالها أو إنتاجها من الغاز لتأمين مبلغ الغرامة، بحسب مصدر حكومي.
وقال المصدر لـ"العربي الجديد": "بدأنا بعد الحكم مباشرة في مفاوضات ستستغرق وقتاً طويلاً للتوصل إلى الصيغة المثلى لتنفيذ الحكم"، معتبراً أن "إيني" شريك استراتيجي لمصر ولن تقدم على إجراءات تضر السوق المصرية الواعدة بالنسبة إليها.
وأشار إلى أنه مقابل رغبة "إيني" في الحصول على قيمة الغرامة في صورة كميات من الغاز، وهو ما ليس ممكناً اليوم بالنسبة لمصر، فهناك أفكار أخرى عن إمكانية ترحيل الغرامة في صورة كميات إضافية قد تحصل عليها الشركة من الحقول المصرية مستقبلاً، أو تخفيض الغرامة مقابل امتيازات أكبر على المدى الطويل.
وكانت مصر قد واجهت عدة قضايا تحكيم في قطاعات عدة، فيما قدر خبراء قيمة ما يمكن ان تتكبده مصر جراء هذه القضايا بنحو 20 مليار دولار.