توقع مسؤول كبير في وزارة المالية المصرية، أن تتخطى الديون الخارجية لمصر حاجز 120 مليار دولار بنهاية العام المالي المقبل 2018 /2019 في سابقة هي الأولى في تاريخ الدولة، ما يشير إلى تزايد وتيرة الاقتراض خلال الأشهر المقبلة، رغم تحذيرات الخبراء المتصاعدة من تداعيات ذلك على الاقتصاد، الذي باتت الديون تهدد بإغراقه، غير أن الحكومة ترى أن الديون ما تزال في "مستويات آمنة".
وستتجاوز الديون الخارجية لمصر بكثير توقعات صندوق النقد الدولي، الذي رجح في وثيقة له نشرت في يناير/كانون الثاني 2017، أن تصل إلى 98.7 مليار دولار، في نهاية العام المالي 2019 /2020، وهو آخر عام مالي لبرنامج الإصلاح الاقتصادي المتفق بشأنه مع القاهرة نهاية 2016، والذي بمقتضاه تم الموافقة على قرض لمصر بقيمة 12 مليار دولار، حصلت الحكومة على نصفه حتى الآن.
وقال المسؤول في وزارة المالية في تصريح خاص لـ"العربي الجديد"، إن الديون الخارجية ستصل بنهاية العام المالي الجاري إلى نحو 87 مليار دولار. ويبدأ العام المالي في الأول من يوليو/تموز وينتهي في الثلاثين من يونيو/حزيران.
وكان صندوق النقد قد رفع توقعاته للدين الخارجي لمصر، في تقرير المراجعة الثانية للاقتصاد المصري، الذي أصدره في يناير/كانون الثاني 2018، ليصل إلى 86.9 مليار دولار بنهاية العام المالي الجاري، بدلا من 74 مليار دولار، كان يتوقعها في تقرير المراجعة الأول في سبتمبر/أيلول الماضي.
وتوسعت مصر في الاقتراض من الخارج خلال السنوات الأربع الأخيرة، لكن وتيرة الاستدانة زادت بشكل أكثر حدة منذ إبرام اتفاق حول برنامج للإصلاح الاقتصادي مع صندوق النقد.
وتسلم الرئيس الحالي عبد الفتاح السيسي الحكم في يونيو/حزيران 2014 بديون خارجية بلغت نحو 46 مليار دولار، ما يشير إلى وصوله إلى ضعف المستويات السابقة، كما قفز الدين المحلي بأكثر من الضعفين.
لكن المسؤول في وزارة المالية، قال إن "مستويات الدين الخارجي لا تزال في المنطقة الآمنة، وطالما لدينا قدرة على السداد فلا يوجد مشكلة".
وأضاف: "واجهنا خلال العام المالي الجاري التزامات متعددة تصل إلى 30 مليار دولار، سددناها بالكامل دون تأثير على الاحتياطي النقدي".
وتابع أن الفجوة التمويلية خلال العام المالي المقبل تقدر بنحو 12 مليار دولار، تمثل قيمة العجز بين الإيرادات والمصروفات العامة بالموازنة الجديدة.
لكن الفجوة بين حجم الدين الخارجي بنهاية العام المالي الجاري والعام المقبل ستصل إلى 22 مليار دولار، وهو ما أرجعه المسؤول في وزارة المالية إلى زيادة الاقتراض لسداد ديون مستحقة.
وتعتزم الحكومة إصدار سندات دولية جديدة بقيمة 20 مليار دولار حتى العام المالي 2020 /2021، وفق بيانات وزارة المالية.
وكان مسؤول حكومي قد قال لـ"العربي الجديد" في وقت سابق من مارس/ آذار الجاري، أن مصر تعد موازنة ضخمة ستتجاوز 1.5 تريليون جنيه (85 مليار دولار) للمرة الأولى بسبب ارتفاع الالتزامات تجاه خدمة الديون واستيراد المشتقات النفطية في ظل ثبات السعر العالمى عند 70 دولاراً للبرميل.
ويتناقض واقع نسبة الدين الخارجي مع تصريحات وزير المالية عمرو الجارحي، الذي أعلن يوم الإثنين الماضي، أن بلاده تعتزم خفض الدين الخارجي إلى 35% من الناتج المحلي الإجمالي، في نهاية العام المالي الجاري، وذلك بعدما بلغت 41% من الناتج نهاية العام المالي الماضي.
وأشار صندوق النقد في تقرير المراجعة الأخير للاقتصاد المصري إلى أن نسبة الدين الخارجي ستزيد إلى 34.6% من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد بنهاية العام المالي الجاري.
وقال المسؤول في وزارة المالية: "نعترف بأن الدين أهم تحد للحكومة خلال الفترة المقبلة، فأعباء خدمته (سداد الفائدة) في تزايد مستمر بالإضافة إلى استمرار أصل الدين، تتحمل مصر 415 مليار جنيه (23.5 مليار دولار) فوائد عن الدين العام الداخلي والخارجي لهذا العام، وهذه التكلفة قفزت إلى 41% من الناتج المحلي الإجمالي".
وتابع: "نتوقع عاماً ماليا صعباً بحلول يوليو/ تموز المقبل، وقد يعاود التضخم الارتفاع قليلا إلا أننا سننتهي من الأعوام الصعبة قريبا".
وكان السيسي تعهد لدى ترشحه للفترة الرئاسية الأولى في 2014 بتقليص الدين العام للدولة منتقدا وصوله آنذاك إلى 1.7 تريليون جنيه، بينما تشير البيانات الرسمية إلى تجاوزه 4.3 تريليونات جنيه حاليا.
وقال فرج عبد الفتاح أستاذ الاقتصاد في جامعة القاهرة: "على الحكومة مواجهة الدين العام المتضخم بشقيه المحلي والخارجي، فالتوسع في الاقتراض الخارجي يُحمل الأجيال المقبلة أعباء السداد، وبدلا من الاستدانة لا بد من التركيز على الإنتاج وجذب الاستثمار".