تتعاطى الحكومة الانتقالية السودانية بشفافية عالية في تصريحاتها وإفصاحها عن حجم احتياطي النقد الأجنبي المتوافر لدى "بنك السودان المركزي" من أجل تمويل شراء السلع الضرورية للمواطنين، كالقمح والأدوية، على نقيض ما كان سائداً طيلة الأعوام الثلاثين الماضية من عمر حكومة الإنقاذ التي كانت ترفض قطعاً الإفصاح عن الاحتياطي الدولاري لوسائل الإعلام المحلية والأجنبية.
وأثارت تصريحات أدلى بها وزير المالية إبراهيم البدوي عن امتلاك البلاد احتياطيات تكفي تمويل الواردات لعدة أسابيع فقط، حفيظة محللين مصرفيين تحدثوا لـ"العربي الجديد" مطالبين الحكومة بضرورة ضبط الخطاب الإعلامي الرسمي للوزراء الجدد، والذي يتسبب في تدمير الاقتصاد ويسهم في القفز بمعدلات سعر الصرف في السوق الموازي إلى مستويات غير معقولة تفوق 81.5 جنيهاً للدولار، وإرساله إشارات سالبة للسوق العالمي عن الاقتصاد السوداني.
ودعوا إلى تسريع اتخاذ سياسات صارمة لتعظيم موارد النقد الأجنبي وضبط استخداماته.
المساعد السابق لمحافظ المصرف المركزي محمد أحمد البشري قال لـ"العربي الجديد"، إن الحالة الأمنية التي كانت سائدة طيلة مرحلة النظام السابق تسببت في تراجع الواردات والصادرات، ما يؤكد صحة حديث وزير المالية عن أن الاحتياطي يغطي الواردات لأسابيع، أي بأقل من المستوى المطلوب عالمياً للاحتياطي والذي حُدّد بما يعادل قيمة الواردات 6 أشهر لتجنيب الاقتصاد للصدمات الخارجية أو حدوث نقص في الإيرادات بالنقد الأجنبي.
مراقبون تحدثوا إلى "العربي الجديد" لاحظوا تبايناً في تصريحات وزير المالية حول تراجع الاحتياطي مقارنة بتصريحاته السابقة عن إيداع السعودية والإمارات 500 مليون دولار في البنك المركزي، وأن بلاده تلقت نصف الدعم من السعودية والإمارات والبالغ 3 مليارات دولار لواردات الوقود والقمح، مؤكدين أن التصريحين يؤكدان عدم استفادة الحكومة من الوديعة المذكورة في تحسين موقف الاحتياطي.
أما الأمين العام السابق لاتحاد المصارف السوداني مجذوب جلي، فقال إن تراجع الاحتياطي مردّه إلى غياب السياسات المشجعة للتصدير والاستيراد وعدم ضبط استخدامات النقد الأجنبي، واصفاً تصريحات الوزراء الجدد بالمدمرة للاقتصاد وغير المسؤولة.