أعرفه منذ عشر سنوات. أكبر همومه مصلحته الشخصية، لم يكن مؤذياً على الأغلب، لكن سعيه الدؤوب لتحصيل مصالحه تسبب مراراً في إزعاج من حوله، وأحياناً تعريضهم للإيذاء.
قبل سبع سنوات ترك مصر للعمل في السعودية. بات أكثر هدوءاً. كان يحدثنا عن مشكلات أقل يتعرّض لها في حياته التي كانت على الحافة أثناء الفترة السابقة على مغادرته.
رغم حرصه الشديد على مصلحته، لم يكن يوماً ثائراً أو مطالباً بحقوق من التي قامت عليها الثورة المصرية، وبالتالي كان ضدها على كل المستويات وضد كل من شارك فيها. بل كل متعاطف معها.
سمح له التوجه العام في السعودية حيث يعيش؛ أن يهاجم الثورة والثوار. كان يوجه إلينا الشتائم والاتهامات بدأب يحسد عليه. لكننا لم نكن نولي رأيه اهتماماً لأننا نعرفه جيداً. انتصرت الثورة وتنحى مبارك، أو هكذا خيّل لنا، فخفت صوته وتراجعت حدة هجومه. بات يكرر كلاماً مفاده أنه كان يخشى علينا من هذه التطورات السريعة. كنا نضحك ونتجاهله لأننا نعرفه.
لاحقاً، دخلت البلاد مسار الانقلاب العسكري، كان داعماً للانقلاب بكل قوة مثلما كان ضد الثورة. عاد ليهاجمنا ويطلق علينا نفس التهم التي كان يكررها في 2011، وواصلنا تجاهلنا له.
وقع الانقلاب فبات يعايرنا ويسخر منا وأحياناً يحرّض علينا. كنا في حال لا يمكن معه إلا أن نتجاهله مجدداً. حين بدأ الخلاف حول تبعية جزيرتي "تيران وصنافير" في أعقاب قرار النظام المصري تسليمهما إلى السعودية في اتفاقية تعيين الحدود البحرية الغامضة والمثيرة للجدل، كان من أبرز المنادين بسعودية الجزيرتين والمهاجمين لمن يرددون أنها مصرية. حتى عندما صدر حكم قضائي ملزم برفض تسليم الجزيرتين للسعودية ظلّ على موقفه.
ظل الدعم السعودي الرسمي للنظام المصري دافعاً له إلى التمترس خلف مواقفه العدائية وتكرار هجومه على المخالفين، حتى أن زميلاً له أخبرنا أنه يستفيد من تلك الآراء وظيفياً؛ ما يجعله حريصاً عليها. فجأة ظهر الخلاف المصري السعودي إلى العلن. عندها بات لزاماً عليه أن ينحاز إلى أحد الطرفين.
لم يكن القرار بتلك السهولة، كان يدرك أن مواصلة دعم الموقف الرسمي المصري مهما كانت خطاياه، كما كان يفعل في السنوات الثلاث الماضية، يعرض مستقبله الوظيفي للخطر، ويدرك أن دعم الموقف السعودي الهجومي على النظام المصري يعرض عودته المؤجلة للخطر.
قال لنا صديق مشترك إنه يعيش "أياماً سوداء"، وأن الأزمة بين مصر والسعودية يمكن اختصارها في حالته كنموذج معبّر.
بعد سنوات من إدمان الصوت العالي، بات صديقنا المصري في السعودية صامتاً لا يجد سبيلاً إلى الخروج من أزمته.
اقــرأ أيضاً
قبل سبع سنوات ترك مصر للعمل في السعودية. بات أكثر هدوءاً. كان يحدثنا عن مشكلات أقل يتعرّض لها في حياته التي كانت على الحافة أثناء الفترة السابقة على مغادرته.
رغم حرصه الشديد على مصلحته، لم يكن يوماً ثائراً أو مطالباً بحقوق من التي قامت عليها الثورة المصرية، وبالتالي كان ضدها على كل المستويات وضد كل من شارك فيها. بل كل متعاطف معها.
سمح له التوجه العام في السعودية حيث يعيش؛ أن يهاجم الثورة والثوار. كان يوجه إلينا الشتائم والاتهامات بدأب يحسد عليه. لكننا لم نكن نولي رأيه اهتماماً لأننا نعرفه جيداً. انتصرت الثورة وتنحى مبارك، أو هكذا خيّل لنا، فخفت صوته وتراجعت حدة هجومه. بات يكرر كلاماً مفاده أنه كان يخشى علينا من هذه التطورات السريعة. كنا نضحك ونتجاهله لأننا نعرفه.
لاحقاً، دخلت البلاد مسار الانقلاب العسكري، كان داعماً للانقلاب بكل قوة مثلما كان ضد الثورة. عاد ليهاجمنا ويطلق علينا نفس التهم التي كان يكررها في 2011، وواصلنا تجاهلنا له.
وقع الانقلاب فبات يعايرنا ويسخر منا وأحياناً يحرّض علينا. كنا في حال لا يمكن معه إلا أن نتجاهله مجدداً. حين بدأ الخلاف حول تبعية جزيرتي "تيران وصنافير" في أعقاب قرار النظام المصري تسليمهما إلى السعودية في اتفاقية تعيين الحدود البحرية الغامضة والمثيرة للجدل، كان من أبرز المنادين بسعودية الجزيرتين والمهاجمين لمن يرددون أنها مصرية. حتى عندما صدر حكم قضائي ملزم برفض تسليم الجزيرتين للسعودية ظلّ على موقفه.
ظل الدعم السعودي الرسمي للنظام المصري دافعاً له إلى التمترس خلف مواقفه العدائية وتكرار هجومه على المخالفين، حتى أن زميلاً له أخبرنا أنه يستفيد من تلك الآراء وظيفياً؛ ما يجعله حريصاً عليها. فجأة ظهر الخلاف المصري السعودي إلى العلن. عندها بات لزاماً عليه أن ينحاز إلى أحد الطرفين.
لم يكن القرار بتلك السهولة، كان يدرك أن مواصلة دعم الموقف الرسمي المصري مهما كانت خطاياه، كما كان يفعل في السنوات الثلاث الماضية، يعرض مستقبله الوظيفي للخطر، ويدرك أن دعم الموقف السعودي الهجومي على النظام المصري يعرض عودته المؤجلة للخطر.
قال لنا صديق مشترك إنه يعيش "أياماً سوداء"، وأن الأزمة بين مصر والسعودية يمكن اختصارها في حالته كنموذج معبّر.
بعد سنوات من إدمان الصوت العالي، بات صديقنا المصري في السعودية صامتاً لا يجد سبيلاً إلى الخروج من أزمته.