يبدو أن مآسي أكثر من 300 ألف مدني محاصرين في الغوطة الشرقية للعاصمة السورية دمشق منذ سنوات، لن تتوقف بالرغم من اتفاق "تخفيض التصعيد"، الذي وقّعه الروس مع المعارضة في الغوطة الشرقية، ونصّ أحد بنوده على إدخال المساعدات الإنسانية والاحتياجات المعيشية.
وعلى الرغم من الإعلان عن إدخال عدة شاحنات من المساعدات الإنسانية، فأهالي الغوطة اليوم يعانون من أزمة حادّة جراء شحّ المواد الغذائية وعلى رأسها مادة الخبز الرئيسية، ما تسبب في ارتفاع الأسعار أضعافاً مضاعفة، بينما المحاصرون يعانون الفقر المدقع والبطالة.
وقال الناشط الإعلامي في الغوطة الشرقية، براء أبو يحيى، لـ "العربي الجديد"، إنّ "أهالي الغوطة الشرقية يعانون من شبه انعدام المواد الغذائية من أسواقها، الأمر الذي تسبب بارتفاع كبير بالأسعار، فبعض المواد ارتفع ثمنها 10 أضعاف، وأخرى وصل إلى 50 ضعفاً، وإذا استمر الوضع على حاله فإننا مهددون بكارثة إنسانية".
ولفت إلى أن "أكثر ما يثقل كاهل المحاصرين هو النقص الكبير في مادة الخبز، وهي المادة الرئيسية لدى السوريين، ما دفع الأهالي للاعتماد على خبز الصاج، وهي طريقة بدائية لإنتاج الخبز، حيث توقفت خلال الأيام الماضية الأفران عن العمل، جراء فقدان مادة الطحين وارتفاع أسعار المحروقات بشكل كبير، ما أوصل سعر الربطة الواحدة من الخبز إلى حدود الـ1000 ليرة سورية، بعد أن كانت تباع بـ 300 ليرة سابقاً.
وأوضح أن "تكلفة خبز الصاج لا تقل كثيراً عن خبز الأفران، ولكن الفارق أن وقودها وهو الحطب حالياً متوفر رغم سعره المرتفع، ويصل سعر الكيلوغرام الواحد منه إلى 250 ليرة، في حين كلفة تصنيع رغيف الخبز من القمح تبلغ نحو 150 ليرة". كما بيّن أن "عدد أفران الصاج في الغوطة قليل نسبياً، فهو قبل الأزمة كان يعتبر نوعاً من إحياء الماضي، ما تسبب في ارتفاع الإقبال على مالكي تلك الصاجات، وقد ينتظر الأهالي أكثر من يومين للحصول على خبز القمح أو الشعير أو القمح المخلوط بالشعير".
إلى ذلك، لفت أبو يحيى، إلى أسعار بعض المواد في الغوطة إن وجدت "سعر كيلوغرام واحد من السكر هو 1300 ليرة، ومن الأرز 1300 ليرة، العدس 850 ليرة، طحين 1300 ليرة، الحمص 2500 ليرة، الزيت بين 2700 و3700 ليرة، أما المحروقات فسعر اللتر الواحد من البنزين وصل 6000 ليرة، والمازوت 2500 ليرة، أما أسطوانة الغاز الواحدة بـ75 ألف ليرة".
يذكر أن عودة "خبز الصاج" إلى الواجهة لم يقتصر على الغوطة فحسب، بل شمل أغلب المناطق المحاصرة من قبل النظام السوري والمليشيات الرديفة له، إضافة إلى المخيمات، فبعد أن كان استخدام المواطنين السوريين للصاج قبل الحرب لمجرد تذكيرهم بعادات أجدادهم وآبائهم، بات اليوم إجباريًا لكثير من السوريين.
يشار إلى أن أهالي الغوطة محاصرون، منذ أكثر من أربع سنوات، قلما يمر يوم دون أن يتعرضوا لقصف من الأسلحة الثقيلة والمتوسطة، في ظل وضع إنساني متدهور.