يحيل خبراء الأرصاد والمناخ التغيّرات المناخية التي تشهدها أوروبا هذا الصيف إلى تحذيرات جدية وخطيرة عن "التغيّر المناخي" وتأثيراته على البيئة. ويشير هؤلاء الخبراء إلى أنّ ما يجري منذ يونيو/ حزيران الماضي لم تشهد برلين ودول الشمال الأوروبي وكذلك مناطق أخرى في القارة الأوروبية ما يشبهه منذ نحو مائة عام.
في العاصمة الألمانية على سبيل المثال، بدت المتساقطات المطرية كأنّها على وشك إغراقها، الأمر الذي دفع السلطات في أواخر يونيو/ حزيران الماضي إلى الطلب من السكان "البقاء في البيوت". وقد اضطرت وحدات الطوارئ والإسعاف والإطفاء الاستجابة لأكثر من ألفَين و500 نداء وسط عواصف لم تشهدها البلاد خلال قرن كامل. وغرق شوارع العاصمة الاقتصادية لأوروبا أدّى في حالات كثيرة إلى "استسلام شبكة المجاري"، بحسب ما وصف خبراء الأرصاد ذلك.
ولم يقتصر الأمر على غرق الشوارع بالسيول، إذ ألغى مطار "تيغل" في برلين عدداً من الرحلات بسبب الرعد القوي وتجمّع المياه على مدرجات الإقلاع والهبوط. وقد اختصرت صحيفة "بيلد" الألمانية ما يجري بعنوان عريض: "برلين تحت الماء". ففي 24 ساعة، وصل منسوب مياه الأمطار في برلين وبراندنبورغ (شرق) إلى نحو 250 مليمتراً، وهذا رقم ضخم إذا قارناه ببلدان كجمهورية التشيك أو السويد حيث يتراوح منسوب مياه الأمطار طوال السنة بين 700 و800 مليمتر.
وكان خبراء في المناخ قد أشاروا قبل عقدَين إلى أنّ التغيّر المناخي سوف يؤثّر جدياً على حياة البشر في أوروبا، في حال بقيت الانبعاثات وتلوّث الجوّ على ما هي عليه. وحذّر هؤلاء الخبراء من الظاهرة التي تعيشها القارة الأوروبية وغيرها من مناطق العالم من ارتفاع في درجات حرارة وحرائق وأمطار، قائلين إنّ القارة العجوز سوف تصاب بما يشبه التصحّر في جنوبها، بدءاً من إسبانيا وأقصى الجنوب الإيطالي وصولاً إلى جنوب فرنسا. وفي تقرير أوروبي مناخي صدر في عام 1997 وشارك فيه عدد من الخبراء الدنماركيين، جاء أنّ "درجة حرارة الأرض والبحر بدأت بالارتفاع وتغيّرت أنماط هطول الأمطار. وسوف نشهد أمطاراً غير طبيعية في بعض مناطق القارة الأوروبية خلال فصل الصيف فيما تُصاب مناطق أخرى بالجفاف وبارتفاع كبير في درجات الحرارة، مع ملاحظة انكماش جليدي كبير وتراجع تجمّد الأنهر شتاءً بالتزامن مع ارتفاع في مستويات مياه البحار. وهو ما يشير إلى أنّ أقساماً في أوروبا سوف تعاني من تقلبات مناخية عنيفة تؤثّر على البيئة وعلى الحياة مستقبلاً".