أصدر النائب العام المصري، المستشار نبيل صادق، الكتاب الدوري رقم 6 لسنة 2016، والذي شدد فيه على أعضاء النيابة العامة والقضاة والمستشارين؛ بعدم التدوين على مواقع التواصل الاجتماعي والتطبيقات الإلكترونية، بشأن عدة أمور في مقدمتها التحدث عن أية أحداث تتسم بالطابع السياسي.
وكشفت مصادر قضائية بارزة داخل المكتب الفني للنائب العام، لـ"العربي الجديد"، عن أسباب وتداعيات إصدار القرار، والذي شدد على قرار سابق لوزير العدل في 25 يونيو/ حزيران 2014، حيث ذكرت المصادر أنه تم رصد أكثر من 120 قاضيا ومستشارا ارتكبوا أفعالا مخالفة لقرار وزير العدل، في عدة أمور من شأنها خلق مناخ عام في الشارع المصري ضد القضاة والمستشارين والنيابة العامة، وتُفقدهم القدرة والأهلية لنظر التحقيقات أو المحاكمات.
وبين الأزمات السياسية التي تحدث عنها القضاة والمستشارين، والتي تم رصدها، أزمة جزيرتي تيران وصنافير، وأزمة نقابة الصحافيين مع وزير الداخلية على خلفية اقتحام النقابة، وأزمة ارتفاع سعر الدولار، وأزمة غلاء المعيشة وارتفاع الأسعار، وأزمة سد النهضة والتعامل مع الملف، بخلاف أمور أخرى تتعلق بالشأن السياسي، وأمور شخصية أخرى تتعلق بالسلوك الشخصي والخلقي لعدد من القضاة والمستشارين.
وكشفت المصادر أن من بين المتورطين في هذه الوقائع، أعضاء بمجالس إدارة أندية القضاة، وبينهم أيضا قضاة بوزارة العدل تم إنهاء ندبهم وآخرون مستمرون، وأعضاء بالمكتب الفني للنائب العام، ورؤساء محاكم وأعضاء بمختلف الهيئات القضائية.
وفي مقدمة الأسباب وراء إصدار الكتاب الدوري للنائب العام والتشديد على تطبيقه، رصد العديد من التعليقات من قبل القضاة والمستشارين وأعضاء الهيئات القضائية، على مواقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك" و"تويتر"، بشأن اتفاقية إعادة تعيين الحدود بين مصر والسعودية والتي تم بمقتضاها نقل تبعية جزيرتي تيران وصنافير إلى السعودية.
وتم في هذا الشأن بمفرده إحالة نحو 25 مستشارا، إلى إدارة التفتيش القضائي بوزارة العدل، بقرار من وزير العدل، المستشار حسام عبد الرحيم، للتحقيق معهم في تصريحاتهم باعتبارها تصريحات تتعلق بأمور سياسية يحظر التحدث فيها على القضاة وأعضاء الهيئات القضائية.
ويفحص مجلس القضاء الأعلى، برئاسة المستشار أحمد جمال الدين عبد اللطيف، ملفات قضاة آخرين لذات الأمر، وذلك تمهيدا لندب قضاة للتحقيق معهم في حال جاءت نتيجة الفحص الأولية بالإدانة.
وتنظر إدارة التفتيش القضائي التابعة للنيابة العامة أيضا ملفات بعض القضاة الذين تحدثوا في الأمر وذلك تمهيدا لاتخاذ الإجراءات القانونية في حالة الإدانة.
ومن أسباب صدور الكتاب الدوري للنائب العام، رصد تدوينات عديدة لقضاة ومستشارين حول أمور شخصية وسلوكية معيبة ومحظورة على القضاة، وكان من أبرز هذه الحالات قيام أحد القضاة بإضافة إحدى الفتيات سيئات السمعة ضمن أصدقائه على "فيسبوك"، مع علمه بسوء سلوكها ونشرها لمقاطع وصور إباحية.
وكذلك قيام أحد القضاة بالانضمام إلى مجموعات وصفحات خاصة بمواقع إباحية تنشر صورا جنسية، بما يخل بسمعة القاضي والعرف والتقاليد العامة والسمو الخلقي الذي يجب أن يتوافر في القاضي حفاظا على هيبته ووقاره.
وقيام بعض القضاة بتسجيل إعجابات والتعليق على والمشاركة على صفحات منتمية للأحزاب السياسية، والدخول في معترك سياسي والحديث في أمور سياسية على بعض الصفحات، سواء العامة أو الصفحات المغلقة الخاصة بالقضاة وأعضاء الهيئات القضائية، أو التعليق على مرتبات القضاة ومكافأتهم وأحقيتهم في ذلك دون غيرهم من العاملين بالدولة.
والقيام بالتعليق على جماعة الإخوان المسلمين، وحركة 6 إبريل، وبعض القوى والأحزاب السياسية المختلفة، ما يُفقدهم القدرة على استكمال التحقيقات أو الحكم في القضايا المنظورة أمامهم، والتي يكون أحد أطرافها من بين هؤلاء، وذلك لوجود الخصومة بينهم، والتي كانت سببا بالفعل في قبول دعاوى رد ومخاصمة أحد القضاة، واعتباره "لا يصلح" لنظر القضايا.
وأوضحت المصادر أن جميع هذه الوقائع تُجري إدارات التفتيش القضائي المعنية ومجلس القضاء الأعلى فحصها، تمهيدا لاتخاذ الإجراءات القانونية بحق القضاة في حالة الإدانة، وأن هناك عشرات البلاغات المقدمة في هذا الشأن، ويجري فحصها أيضا.