بعد 13 عاماً على استشهاده برصاص قوات الاحتلال الإسرائيلي، خلال انتفاضة الأقصى الفلسطينية الثانية، ما زال الشهيد، إبراهيم خليل توفيق أبو الرب، (19 سنة حين استشهاده)، حاضراً في قلوب عائلته وأصدقائه، يستذكرون أمنياته وضحكاته وأخلاقه.
تستذكر الحاجة تمام عمور "أم إبراهيم" (66 سنة)، استشهاد إبراهيم وأمنياته التي حرمه الاحتلال من أن يعيشها مع العائلة، "لقد رحل رجل الدار، ولن يصبح طبيبا للأطفال يعالج المرضى المحتاجين بالمجان"، تقول أم إبراهيم لـ"العربي الجديد".
كان إبراهيم يعد أمه أن يصبح طبيبا للأطفال ليعالجهم مجانا. هي مهنة أحبها الشاب العنيد والصلب وصاحب القلب الحنون الذي كان يحب الأطفال ويمازحهم وهم يلعبون في شوارع الحي، لكنه رحل إلى ما يحب أكثر: "حياة ختامها الشهادة".
كانت الأم الحنون تتمنى أن تفرح بإبراهيم وتزوجه، لكنه كان يقول لها في ظل أجواء الشهداء التي رسمتها انتفاضة الأقصى: "أنا أريد حورية من الجنة"، وتقول الأم "إبراهيم يعيش معنا، إنني أستأنس بذكراه، ولا زال الألم يعتصر قلبي على فراقه لكنني لا أظهر لأبنائي وبناتي".
بعد كل هذه الأعوام لا يغيب إبراهيم عن بال والدته، تتخيله موجودا دائما، تقول الحاجة تمام: "ربيت أبنائي جيدا، وذهب إبراهيم، ولم تعد الدنيا حلوة بعده"، وتستذكر تواضع ابنها الشهيد وخجله في طلب أي شيء منها حينما يحتاج.
عصر يوم الجمعة (16 سبتمبر/أيلول 2003)، أصيب إبراهيم برصاصة متفجرة من قناص إسرائيلي في رقبته هتكت شرايينه، حينما كان على سطح منزله يستمتع بلحظات يومه، إذ منعت قوات الاحتلال التجول في مدينة جنين شمالي الضفة الغربية، وحولت العديد من المنازل لثكنات عسكرية.
قبل ساعات من إصابته؛ ودع إبراهيم أقرباءه ووالدته، طلب طعام "المقلوبة" وأطعم والدته بيديه، وتحدث كثيرا عن الشهادة والشهداء، وخرج لسطح منزله.
بعد إصابته؛ مكث أسبوعا في مستشفى المقاصد في القدس، قبل إعلان وفاته سريريا بعد صلاة الجمعة التالية.
شارك إبراهيم قبل أسبوع واحد من إصابته في زفاف شقيقته الكبرى، وأوصى زوجها بالحفاظ عليها، ليبرز دور الرجولة والمسؤولية من شاب في مقتبل العمر، وبعدما رحل كان لاسمه نصيب عند أصدقائه وأقربائه وشقيقاته، فأسمى عدد منهم أبناءه "إبراهيم" تيمنا به وتعبيرا عن حبهم له.
يوم إصابة إبراهيم، خرج من ضيق الجو والحصار المفروض على جنين حينها إلى سطح المنزل. نظر عن سطح المنزل إلى الأسفل، ورأته الحاجة تمام مبتسما ابتسامة لم ترها على وجه فلذة كبدها من قبل، وبعد دقائق سمع صوت رصاصة، ليتبين أنه أصيب، لتنتهي أحلام الشاب الذي ذهب كل زملائه إلى الجامعات بينما تخرج شهيدا في انتفاضة الأقصى.