قررت الحكومة العراقية نهاية العام الماضي، رفع عشرات آلاف الكتل الإسمنتية من الشوارع المتاخمة للمباني والمقرات العامة، فتنفس سكان العاصمة الصعداء، غير أن الأحزاب السياسية التي يتجاوز عدد مقراتها 540 مقراً ومكتباً في بغداد وحدها، استبدلت الكتل الإسمنتية التي تُعرف شعبياً بـ"الصبّات"، بجدران وصفائح معدنية تقوم بنفس دور الكتل الإسمنتية في قطع الطرق والأرصفة، وبزعم الحماية أيضاً.
ووفقاً لمسؤول في دائرة بلدية الكرخ ببغداد، فإن السلطات قامت خلال الأشهر الماضية برفع مئات من الكتل الإسمنتية التي يصل ارتفاع بعضها إلى ثلاثة أمتار من نحو 80 في المائة من شوارع بغداد، مبيناً لـ"العربي الجديد"، أن "بعض الأحزاب قامت في الفترة الأخيرة بالتحايل على القرار، ووضعت صفائح حديدية كبيرة على جدران مقراتها، وعلى الأرصفة المقابلة لها، وبعضها قطعت طرقاً قربها، أو استحدثت مطبات كبيرة على الطرق المحيطة".
وأضاف المسؤول الحكومي أن "أكثر هذه التجاوزات حدثت في عدة مناطق أبرزها منطقة الأميرات بحي المنصور ببغداد، إذ قامت أحزاب باقتطاع أجزاء من الأرصفة والشوارع وضمتها إلى مقراتها من خلال الجدران الحديدية. هذه التجاوزات تعرقل السير في حي المنصور، وأحياء أخرى مثل الكرادة والعرصات والحارثية".
وتضم منطقة الأميرات في بغداد تجمعاً لمقرات أحزاب المؤتمر الوطني العراقي، وعدد من الأحزاب "السنية"، فيما تضم منطقتا الكرادة والعرصات مقرات الأحزاب "الشيعية" وفصائل "الحشد الشعبي"، فضلاً عن مقرات إقامة كبار الساسة العراقيين وأحزاب أخرى في حي الحارثية المجاور للمنطقة الخضراء الحكومية.
وبرر علاء سرحان، وهو أحد العاملين في حماية مقر حزب ببغداد، هذه الإجراءات قائلاً: "لا يخفى على أحد أن الوضع الأمني غير مستقر، وهذا ما دعانا إلى اتخاذ إجراءات الحيطة والحذر"، مؤكداً لـ"العربي الجديد"، أن "الحزب كان يحتمي بكتل الإسمنت، ثم وجد نفسه مكشوفاً لشوارع مفتوحة يسير بها الكاره والمحب. أوصلنا مخاوفنا إلى قيادة الحزب التي أمرت بإنشاء جدار حديدي بارتفاع ثلاثة أمتار يعزل المقر عن الشارع العام. هذه الإجراءات ستكون مؤقتة لحين شعورنا بأن الأمن أصبح مستتباً".
ويشكو سكان المناطق التي تتواجد فيها مقرات الأحزاب من التجاوزات على الأرصفة والشوارع التي تتسبب في أزمات مرورية في بعض المناطق، كحي العرصات الذي يقول أحد سكانه، ويُدعى حيدر ثجيل: "لم تدم فرحتنا برفع الحواجز سوى أسبوع واحد، فبعدها قامت الأحزاب بوضع حواجز جديدة"، مؤكداً لـ"العربي الجديد"، أن "هذه التجاوزات يجب أن تنتهي، وعلى الحكومة مواصلة حملتها ضد تجاوزات الأحزاب على الشوارع كي تتنفس بغداد من جديد".
وبدأت السلطات العراقية منذ تولي رئيس الحكومة الحالي، عادل عبد المهدي، حملة واسعة لرفع الحواجز التي كانت تقطع أوصال العاصمة بغداد منذ الاحتلال الأميركي، كما قامت بافتتاح جزء من المنطقة الخضراء، ورفع الحواجز من أمام مقر المجلس الوطني السابق (برلمان صدام حسين) الذي يتخذه رئيس الوزراء مقراً له.