وبحسب شركات تزويد الخدمة في البلاد، فقد أصدرت الوزارة أمس الخميس تعليمات بقطع الخدمة قبل بدء الامتحانات بساعة، وخلال فترة الامتحانات التي تستمر ثلاث ساعات.
وأعلنت شركة "إيرث لنك" التي توفر خدمات الإنترنت في العراق، أنها "وفقاً لتعليمات وزارة الاتصالات ستوقف خدمات الإنترنت خلال فترة الامتحانات"، بحسب مواقع إخبارية عراقية.
ويأتي القرار في إطار خطة أعدتها وزارة التربية العراقية للحد من انتشار ظاهرة الغش، وتسرب أسئلة الامتحانات عبر مواقع التواصل الاجتماعي كما حدث العام الماضي.
لكن قطع شبكة الإنترنت قوبل بتذمر دوائر ومؤسسات الدولة التي تؤثر عليها عمليات قطع الشبكة، ما يسفر عنه عرقلة إنجاز معاملات المواطنين اليومية، وبالتالي تراكم المعاملات وعدم قدرة الموظفين على إنجازها.
ولجأت وزارة التربية إلى عدة طرق لمنع الغش في الامتحانات، منها وضع أجهزة تشويش في قاعات الامتحان للمدارس والمعاهد والجامعات قصد عرقلة عملية الغش ومخاطبة وزارة الاتصالات بضرورة قطع الشبكة خلال أيام الامتحانات.
لكن هذه الطرق لم تُفلح في منع الغش خلال فترة الامتحانات التي تنوّعت طرقها وتعددت أشكالها انطلاقاً من تسريب أسئلة الامتحانات عبر "الفيسبوك" وانتهاءً ببيع سماعات صغيرة جداً تسمح للطالب بالغش عبر التواصل مع صديق في مكان آخر خارج قاعة الامتحان.
وانتشرت ظاهرة الغش بشكل لافت في الآونة الأخيرة، وتنوّعت أساليبها ووصلت إلى حد الاستعانة بالمليشيات عبر تهديد الكوادر التدريسية.
ويقول التربوي، حامد الصالحي، إن "أساليب الغش تصاعدت بشكل مخيف في الفترة الأخيرة، وانتشرت على "فيسبوك" مثلاً مواقع تبيع سماعات الأذن الصغيرة المخصصة للغش وبشكل علني، فضلاً عن الأساليب الأخرى التي يستخدمها الطلبة".
ويوضح الصالحي لـ"العربي الجديد" أن "قطع الإنترنت ليس حلّاً، فهو يؤثر على عمل دوائر ومؤسسات الدولة، وبدلاً من ذلك على الوزارة تشديد الإجراءات في قاعات الامتحان عبر منع إدخال الهواتف للحد من الغش".
ويلفت إلى أن "المشكلة لا تكمن في الغش المباشر فقط بل في الشكل غير المسبوق الذي ينهجه الطلبة، عبر الاستعانة بالمليشيات المسلّحة لتهديد الكوادر التدريسية وإجبارها على السماح للطالب بالغش أو تلقينه الأجوبة، وإلا سيواجهون القتل أو الخطف".
وتراجع التعليم في العراق بعد 2003 بشكل واضح، في ظل الفوضى الأمنية والسياسية التي تعصف بالبلاد بين الفينة والأخرى، وعدم وجود خطط واضحة لرفع مستوى التعليم في البلاد في وقت بدأت فيه الأمية بالانتشار بشكل واضح.
ويقول خبراء التربية إن عمليات الغش ستؤثر على الجيل القادم بشكل خطير، حيث سيظهر جيل غير مثقف وغير متعلم رغم امتلاكه شهادات عليا، كما يجري في العديد من الجامعات العراقية اليوم.
ويطالب عدد من الأساتذة بتطوير النظام التعليمي والتربوي في العراق، وتوفير الحماية اللازمة للكوادر التدريسية، والتي لم تعد قادرة على تشديد الإجراءات على الطلبة لمنع الغش، خشية من نفوذ بعضهم في مليشيات مسلحة أو أحزاب سياسية.
وفي هذا الوقت يشكو العديد من مشتركي شبكات الإنترنت في البلاد من انقطاع وضعف الشبكة خلال فترة الامتحانات، الأمر الذي عرقل عمل الكثيرين منهم، خاصة موظفي الدوائر والباحثين.
ويبين الأكاديمي، باقر الحسيني، أن "قطع الإنترنت يأتي بسبب إدخال الطلبة هواتفهم بعد إخفائها في ملابسهم، ووضع سماعات لا سلكية صغيرة، يشترونها من مواقع خاصة عبر "الفيسبوك" من تجار مختصين ليتلقوا حل الأسئلة من شخص آخر خارج قاعة الامتحان، حتى لو تم التشويش على تلقي المكالمات".
وتابع أن "الطلبة طوروا أساليب الغش ولم تعد القصاصات الورقية الصغيرة التي يخفونها في ملابسهم ذات جدوى، ولهذا لجأوا إلى التكنولوجيا الحديثة بهدف النجاح، وهذا بحدّ ذاته يعتبر كارثة على النظام التعليمي في البلاد".