وأشار المركز، في تقريره، إلى أنه يُعَدّ بمثابة أرشيف في ذكرى اليوم الذي شهد اندلاع ثورة 25 يناير/كانون الثاني في عام 2011، إذ تحوّل المسمى بعيد الشرطة إلى يوم للثورة عليها وعلى ما ارتكبته وترتكبه من جرائم.
وفي مقدمة التقرير (الأرشيف)، قال المركز: "ليس لدينا أي شك أن ما تمكنّا من تجميعه من انتهاكات رصدتها وسائل الإعلام المختلفة ما هو إلا قمة جبل الثلج.. فتحت السطح أو بعيدا عن رصْدِنا تجري أضعاف تلك الجرائم التي نعتذر لضحاياها بأننا لم نتمكن من الوصول إلى معرفتها".
وأكد أنّ "هذا الأرشيف خالٍ من الشهادات التي استمعت لها طبيبات عيادة النديم، وأن كل ما يرِد فيه مقتصر على ما تم تجميعه من وسائل الإعلام والتواصل الاجتماعي بأنواعها، لذلك فقد أوردنا في نهاية كل رقم وكل شهادة وكل تقرير الرابط الذي يمكن القارئ/ة من العودة إليه للتأكد من نشر المعلومة".
وفيما يتعلق بالإحصائيات، قال "قد صنّفناها بين قتْل (خارج القانون، رغم قناعتنا بأن كل قتل ولو بالقانون هو اعتداء وانتهاك للحق في الحياة) ثم وفاة في مكان الاحتجاز، ثم تعذيب فردي، ثم تكدير أو تعذيب جماعي، ثم إهمال طبي في أماكن الاحتجاز، ثم اختفاء قسري وظهور بعد الاختفاء القسري وأخيرا ما نُشر من أحداث عنف الدولة".
وفي حصر حالات التعذيب، اقتصر إحصاء المركز على ذكر الخبر المنشور من تعرضهم للتعذيب، دون إضافة أعداد المختفين قسريا رغم القناعة أن الإخفاء القسري لا يخلو من تعذيب المختفين، وإلا فما هو السبب الذي يدفع رجال الأمن إلى اختطاف مواطنين وحجْبهم عن أي اتصال سواء بمحاميهم أو أسرهم أو العالم الخارجي عموما سوى أن يتسنّى لهم الاستفراد بهم بعيدا عن العيون وانتزاع الاعترافات أو أسماء جديدة يتم اعتقالها لاحقا.
وتابع المركز: "مثلما حرصنا على رصد ما نُشر من حالات الاختفاء القسري حرصنا أيضا على توثيق أماكن ظهور هؤلاء المختفين، ذلك أنه بناء على هذا الأرشيف لم يظهر أحد من المختفين في دولة أخرى بين صفوف داعش كما ادّعى بعض المسؤولين والإعلاميين وأحد المتحدثين باسم المجلس القومي لحقوق الإنسان، بل ظهروا في النيابات وأقسام الشرطة والمحاكم وكلها مؤسسات تابعة وخاضعة للدولة".
وأضاف: "ما نقصده بعنف الدولة هو ممارسة رجال الشرطة (وأحيانا النيابة والقضاء) أعمالَ عنف خارج أماكن الاحتجاز، مثل استخدام السلاح الشخصي أو الميري في شجارات لا علاقة لها بظروف الاعتقال والتي تتسبب إما في إصابات أو مصرع مواطنين. يندرج تحت هذا البند أيضا ما تمارسه الشرطة ورجال الأمن من اقتحام وتحطيم لمحتويات المنازل، أو احتجاز بعض أفراد الأسرة رهينة حتى يقوم الشخص المطلوب بتسليم نفسه.. والتي وصلت في إحدى الحالات إلى إلقاء القبض على 10 أشخاص من أسرة واحدة. تقع ضمن هذه الفئة أيضا أعمال العنف التي يمارسها رجال الشرطة لإخلاء قرية أو مسكن أو لترويع منطقة بأكملها إثباتا لنفوذ ممثلي الداخلية في هذه المنطقة أو تلك".
ويشتمل الأرشيف على أقسام من رسائل المعتقلين وشهادات المعتقلين السابقين "ذكريات السجن"، وكذلك شهادات أهالي المعتقلين الذين يتحمّلون مختلف أنواع القهر والتطبيق الانتقائي للقانون بحسب مزاج القائمين على تنفيذه خلال بحثهم عن المفقودين، ثم محاولة توفير الحدود الدنيا من احتياجات أي إنسان داخل مكان الاحتجاز. "تلك الأقسام بالذات هي أثمن ما يحمله هذا الأرشيف، ذلك أن كل ما ورد فيها من رسائل وشهادات هي محاولات إنسانية للغاية لتجاوز ظروف السجن وفقدان الحرية، ومحاولات لتحقيق ما يكاد أن يكون مستحيلا في ظروف أقل ما توصف به أنها قاسية قسوة تصل إلى الهمجية".
يشار إلى أنه في مثل هذا الوقت من العام الماضي، أصدر مركز النديم أرشيف عام 2016 وقبله أرشيف 2015 الذي ترتب عن إصداره محاولتان لإغلاق العيادة الوحيدة في مصر التي تقدم الدعم الطبي النفسي لمن تعرضوا للتعذيب والعنف، والتي أُغلقت فعليا بالشمع الأحمر في فبراير/شباط 2017، وينتظر حكم المحكمة الإدارية بشأنها يوم 21 فبراير/شباط 2018.
وقال المركز إنه "رغم الشمع الأحمر والتهديدات والتشويه الإعلامي للمنظمات الحقوقية، نفتخر بأن خدمة التأهيل التي تقدمها طبيبات النديم لم تتوقف ولا ليوم واحد.. فطالما هناك حاجة إلى ما تقدمه من خدمة سوف تستمر الطبيبات في تقديمها، ولو اضطرت في سبيل ذلك أن تختار شكلا بديلا لاستقبال الناجين من العنف والتعذيب. كما أن تقارير النديم لن تتوقف طالما هناك تعذيب وانتهاكات تحرص الدولة على إخفائها ونحرص نحن – ضمن آخرين كثر – على أن يكون المجتمع المصري على علم بوقوعها.