تحت جنح الظلام ينشط صيادو الكنوز في فلسطين بحثاً عن آثار قد تجعل جيوبهم مليئة بالمال بين ليلة وضحاها، وشهد الصراع الفلسطيني ـ الإسرائيلي منذ مطلع القرن الماضي، صولات وجولات من المواجهات والحروب، لكن ثمة معركة خفية لا يراها العالم تدور رحاها في باطن التراب.
فما كان في جوف الأرض يحفظ للفلسطينيين تاريخاً نبشته عمليات التنقيب، ليكون جزءاً من حجارة مستوطنات إسرائيلية استحدثت بطرق غير شرعية. وهي مهمة تتولاها فرق التنقيب التابعة لما يسمى بدائرة أراضي إسرائيل وسلطة الآثار ومافيا الآثار الإسرائيلية، والتي تمتلك ميزانيات ضخمة، تنفقها على الحفر وشراء المقتنيات الأثرية من بعض التجار الفلسطينيين ضعفاء النفوس.
وأدى غياب الوعي والفقر إلى ضياع العديد من المقتنيات الأثرية الفلسطينية الثمينة، بحسب مدير دائرة السياحة والآثار في محافظة سلفيت في الضفة الغربية، منتصر موسى. ويضيف، لـ"العربي الجديد": "يقدّر عدد المعالم الأثرية في فلسطين بنحو 7 آلاف موقع، لكن العديد منها دمرت وجرفت وأقيمت مكانها بنايات سكنية.
كما أدى غياب الوعي إلى قيام بعض الأشخاص ببيع قطع أثرية إلى مافيا الآثار الإسرائيلية التي تقدم مغريات مالية كبيرة مقابل الحصول على القطع المعدنية والفخارية القديمة". ويضيف: "لا يمكننا تقدير عدد القطع الأثرية الفلسطينية المهرّبة سنوياً، لكننا نعتقد أن الكميات كبيرة". مشيراً إلى أن هناك مواطنين فلسطينيين يمتلكون بيوتاً قديمة لا يستطيعون ترميمها أو هدمها، فيقوم بعض التجار بتقديم عروض لهم، وهي: هدم البيت مقابل الاستيلاء على حجارته. ثم يقوم هؤلاء التجار ببيع هذه الحجارة القديمة بمبالغ باهظة، وبعضها يذهب للإسرائيليين الذين يبنون بها المستوطنات ليقولوا للعالم إن هذه المستوطنات قديمة بقدم الحجر المشيّدة به.
مَن يزور بلدة "طفسة" الأثرية المهجورة القريبة من بلدة أمتين، جنوب مدينة نابلس، في الضفة الغربية، يعتقد للوهلة الأولى أن ثمة قنابل عنقودية سقطت في المكان، فليس هناك حجر لم يتحرك من مكانه. يقول الحاج مسعود سليم، لـ"العربي الجديد": "طفسة بلدة إسلامية تراثية مهجورة منذ عقود، والعديد من الحضارات تعاقبت عليها، والمنقبون عن الآثار يعتقدون أنها تحتوي تحفاً وكنوزاً، ولذلك يقومون بعمليات تنقيب سرية".
يضيف: "كان هناك العديد من الآثار القديمة في هذه البلدة التي تحتوي على بقايا مسجد كدليل على إسلاميتها، لكن جميعها نهبت". خلال العام الماضي، وصلت معلومة لشرطة السياحة والآثار الفلسطينية عن وجود أشخاص يحفرون في "طفسة"، فتحركت قوة أمنية للمكان، وبالفعل ضبطت شخصين بعد مطاردة طويلة أسفرت عن تعرض أحد الفارين لإصابة كادت تودي بحياته. وعثر على عملات قديمة نادرة مع أحد المقبوض عليهم.
يقول مصدر في شرطة السياحة والآثار الفلسطينية، لـ"العربي الجديد": "سرقة الآثار موجودة في كل دول العالم، لكنها في فلسطين تأخذ بعداً وطنياً، فنحن نواجه مخططات إسرائيلية مبرمجة للسيطرة على تراثنا وتاريخنا". يضيف: "تعمل دولة الاحتلال ليل نهار على تزييف الحقائق التاريخية مستغلة سيطرتها الأمنية على معظم أراضي الضفة الغربية، وهي تعيق عملنا في التنقل ولا تسمح لنا بالوصول إلى مناطق أثرية قديمة، كما أن نسبة كبيرة من الآثار الفلسطينية جرت مصادرتها بعد ضمها داخل جدار الفصل العنصري عام 2003.
ويعتبر ضعف قانون العقوبات الفلسطيني المتعلق بالآثار أحد العوامل التي تؤدي إلى تفشي ظاهرة سرقة الآثار وتهريبها، فالقانون القائم، بحسب المحامي محمود الفائق، هو قانون الآثار القديمة المؤقت لسنة 1966، والذي عقوبته في معظم الأحيان تنتهي بغرامة 20 ديناراً وكفالة مالية للإفراج عن المتهم. ويقول مدير دائرة السياحة والآثار في محافظة سلفيت: "القانون يشكل أكبر مشكلة لنا، فعندما يضبط شخص يهرّب الآثار أو يسرقها، تقوم المحكمة بالحكم عليه بفترة معينة من السجن، تستبدل بغرامة مالية في أغلب الأحيان، وسبق أن اعتقل أشخاص وأفرج عنهم بعد يومين أو ثلاثة بكفالة".
وتبقى الآثار الفلسطينية معرّضة للسلب والنهب والتخريب طالما بقي الاحتلال يسيطر على الأرض، ووجد الأشخاص ضعفاء النفوس الذين يبيعون تاريخ بلادهم مقابل حفنة من الدولارات، ويسهّل من مهمتهم عدم وجود قانون رادع وغياب الوعي لدى نسبة كبيرة من الفلسطينيين بأهمية المقتنيات الأثرية في ترسيخ هويتهم وحضارتهم ووجودهم.
فما كان في جوف الأرض يحفظ للفلسطينيين تاريخاً نبشته عمليات التنقيب، ليكون جزءاً من حجارة مستوطنات إسرائيلية استحدثت بطرق غير شرعية. وهي مهمة تتولاها فرق التنقيب التابعة لما يسمى بدائرة أراضي إسرائيل وسلطة الآثار ومافيا الآثار الإسرائيلية، والتي تمتلك ميزانيات ضخمة، تنفقها على الحفر وشراء المقتنيات الأثرية من بعض التجار الفلسطينيين ضعفاء النفوس.
وأدى غياب الوعي والفقر إلى ضياع العديد من المقتنيات الأثرية الفلسطينية الثمينة، بحسب مدير دائرة السياحة والآثار في محافظة سلفيت في الضفة الغربية، منتصر موسى. ويضيف، لـ"العربي الجديد": "يقدّر عدد المعالم الأثرية في فلسطين بنحو 7 آلاف موقع، لكن العديد منها دمرت وجرفت وأقيمت مكانها بنايات سكنية.
كما أدى غياب الوعي إلى قيام بعض الأشخاص ببيع قطع أثرية إلى مافيا الآثار الإسرائيلية التي تقدم مغريات مالية كبيرة مقابل الحصول على القطع المعدنية والفخارية القديمة". ويضيف: "لا يمكننا تقدير عدد القطع الأثرية الفلسطينية المهرّبة سنوياً، لكننا نعتقد أن الكميات كبيرة". مشيراً إلى أن هناك مواطنين فلسطينيين يمتلكون بيوتاً قديمة لا يستطيعون ترميمها أو هدمها، فيقوم بعض التجار بتقديم عروض لهم، وهي: هدم البيت مقابل الاستيلاء على حجارته. ثم يقوم هؤلاء التجار ببيع هذه الحجارة القديمة بمبالغ باهظة، وبعضها يذهب للإسرائيليين الذين يبنون بها المستوطنات ليقولوا للعالم إن هذه المستوطنات قديمة بقدم الحجر المشيّدة به.
مَن يزور بلدة "طفسة" الأثرية المهجورة القريبة من بلدة أمتين، جنوب مدينة نابلس، في الضفة الغربية، يعتقد للوهلة الأولى أن ثمة قنابل عنقودية سقطت في المكان، فليس هناك حجر لم يتحرك من مكانه. يقول الحاج مسعود سليم، لـ"العربي الجديد": "طفسة بلدة إسلامية تراثية مهجورة منذ عقود، والعديد من الحضارات تعاقبت عليها، والمنقبون عن الآثار يعتقدون أنها تحتوي تحفاً وكنوزاً، ولذلك يقومون بعمليات تنقيب سرية".
يقول مصدر في شرطة السياحة والآثار الفلسطينية، لـ"العربي الجديد": "سرقة الآثار موجودة في كل دول العالم، لكنها في فلسطين تأخذ بعداً وطنياً، فنحن نواجه مخططات إسرائيلية مبرمجة للسيطرة على تراثنا وتاريخنا". يضيف: "تعمل دولة الاحتلال ليل نهار على تزييف الحقائق التاريخية مستغلة سيطرتها الأمنية على معظم أراضي الضفة الغربية، وهي تعيق عملنا في التنقل ولا تسمح لنا بالوصول إلى مناطق أثرية قديمة، كما أن نسبة كبيرة من الآثار الفلسطينية جرت مصادرتها بعد ضمها داخل جدار الفصل العنصري عام 2003.
ويعتبر ضعف قانون العقوبات الفلسطيني المتعلق بالآثار أحد العوامل التي تؤدي إلى تفشي ظاهرة سرقة الآثار وتهريبها، فالقانون القائم، بحسب المحامي محمود الفائق، هو قانون الآثار القديمة المؤقت لسنة 1966، والذي عقوبته في معظم الأحيان تنتهي بغرامة 20 ديناراً وكفالة مالية للإفراج عن المتهم. ويقول مدير دائرة السياحة والآثار في محافظة سلفيت: "القانون يشكل أكبر مشكلة لنا، فعندما يضبط شخص يهرّب الآثار أو يسرقها، تقوم المحكمة بالحكم عليه بفترة معينة من السجن، تستبدل بغرامة مالية في أغلب الأحيان، وسبق أن اعتقل أشخاص وأفرج عنهم بعد يومين أو ثلاثة بكفالة".
وتبقى الآثار الفلسطينية معرّضة للسلب والنهب والتخريب طالما بقي الاحتلال يسيطر على الأرض، ووجد الأشخاص ضعفاء النفوس الذين يبيعون تاريخ بلادهم مقابل حفنة من الدولارات، ويسهّل من مهمتهم عدم وجود قانون رادع وغياب الوعي لدى نسبة كبيرة من الفلسطينيين بأهمية المقتنيات الأثرية في ترسيخ هويتهم وحضارتهم ووجودهم.