وصف أحد المهجرين من مدينة حلب إلى ريف إدلب في الشمال السوري لـ"العربي الجديد" الحالة المأساوية التي كان يعيشها المدنيون في ظل الحصار الذي فرضه النظام السوري على أحياء حلب بمساندة المليشيات الطائفية وإيران، مع استمرار الطائرات والبوارج الروسية في قصف الأحياء وقتل المدنيين دون توقف.
وقال أبو محمد الحلبي، واصفا ما فعله الطيران الروسي بحلب: "تعرضنا لقصف لا يعلم به إلا الله بالبراميل والصواريخ والبوارج الحربية والقنابل الارتجاجية، إضافة للجوع والعطش. الوضع كان مأساويا، لم يبق لدينا طحين وكنا مستعدين لأكل ورق الشجر بعد أن خذلتنا دول العالم".
وتحدث أبو محمد عن مجازر جماعية ارتكبها طيران النظام السوري والطيران الروسي، مضيفا: "كل تقدم للنظام والمليشيات الطائفية يرافقه دمار وخراب ومجازر جماعية، وطيران النظام قصفنا بغاز الكلور السام، ولم يبق أمامنا خيار سوى الموت أو تسليم النفس".
وأوضح أبو محمد أنهم كانوا كلما فروا من حي بسبب القصف العشوائي لحقهم القصف إلى حي آخر في حلب المحاصرة التي دمّرت فيها أحياء بأكملها. وقال: "كلما نزحنا من حي قصفنا النظام براجمات الصواريخ في حي آخر، فالنظام دمّر حي المواصلات وحي الشعار وحي طريق الباب بالكامل".
وذكر أبو محمد وقوع الكثير من القتلى في حلب بينهم أقارب وجيران، إضافة إلى عدد كبير من الجرحى، وتابع: "فقدنا الكثير من أقربائنا وجيراننا وتحوّل معظمهم إلى أشلاء، كان القصف يهدم مبنى بأكمله فوق ساكنيه، ومنهم من مات حرقا أيضا، كما أنك لا تستطيع أن تفعل شيئا للجرحى. وقد استهدف الدفاع المدني أيضا، ولا يوجد ماء لإطفاء الحرائق، ولا أدوات لإخراج الجرحى من تحت الأنقاض".
وعن المعاناة في إخراج الجرحى من تحت الأنقاض وإبعادهم من الشوارع، قال أبو محمد: "كنّا نرى الجريح أو المقتول ولا نتمكّن من حمله، كان الحال ميؤوسا منه. كان عددهم كبيرا لا تعلم أين تأخُذهم إن حملتهم، كان عليك أن تركض كي تحافظ على روحك، الحال أصعب من أن يوصف".
وأكّد أن إيران وروسيا جاءتا لقتل أهل حلب بحجة حمايتهم من الإرهابيين. وأضاف: "نحن كنّا في بيوتنا، كنا في أرضنا، هل جاءت إيران وروسيا للدفاع عنّا؟ حوّلونا إلى إرهابيين، هل الأطفال الذين قتلوهم إرهابيون؟ ترى الشيوخ والنساء قتلى وجرحى ولا يمكنك أن تفعل لهم شيئا".
ولفت أبو محمد إلى أنّ سبب خروجه من حلب هو الخوف على عرضه وعائلته من المليشيات الطائفية. وتابع: "لم تبق في حلب حياة، انتظرنا الموت لكننا لم نكن نخافه، كنا نخاف من انتقام المليشيات الطائفية، لذلك فضلنا الخروج من حلب على البقاء. تمنّيت عدم الخروج من حلب، إنها بلادي لمن سأتركها".
ويذكر أن الأحياء الشرقية من مدينة حلب تعرضت لحملة عسكرية شرسة من قوات النظام السوري بدعم روسي بعد حصار دام ثلاثة أشهر، وانتهت إلى اتفاق بين المعارضة السورية المسلحة وروسيا وإيران يفضي إلى تهجير المعارضين للنظام من حلب.