أوّل من أمس، كانت انطلاقة العام الدراسي الجديد في قطاع غزّة والضفّة الغربيّة. لكن، في حين استقبلت المدارس التابعة لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين (أونروا) في الضفّة تلاميذها، عُلّقت الدراسة في القطاع ليبقى نحو 200 ألف طفل فلسطينيّ خارج صفوفهم.
ولليوم الثاني على التوالي، عُلّق الدوام الدراسي أمس، لكن هذه المرّة من قبل مجلس أمناء أولياء الأمور في مدارس الوكالة، احتجاجاً على التشكيلات المدرسية وفي مقدّمتها زيادة عدد التلاميذ في الغرف، ليصل العدد في غرفة صف واحدة إلى 50 تلميذاً.
تجدر الإشارة إلى أن قدرة استيعاب الغرفة الواحدة هي 40 تلميذاً كحدّ أقصى. وبالتزامن، تداولت الإذاعات المحلية بعض الأخبار حول احتمال أن تحلّ الوكالة في خلال أيام قليلة الأزمة وتصرف رواتب إجازات المعلمين. لكن أحداً من قطاع التعليم لم يؤكّد ذلك. وتثير هذه الاضطرابات التي تترافق وقرارات الوكالة، مخاوف عدد كبير من الأسر الغزية، إذ إن 70 في المائة منها تعتمد في دراسة أبنائها في المراحل الابتدائية والإعدادية، على مدارس الأونروا.
ويوضح رئيس اتحاد الموظفين في الأونروا سهيل الهندي أنهم دعموا قرار تعليق الدوام الذي اتخذه مجلس أولياء الأمور أمس. ويقول لـ "العربي الجديد": "نحن نبعث برسالة إلى الوكالة، لأن موظفيها لم يعودوا يحتملون الأزمات. وإذ نعلّق الدوام، ندعو التلاميذ إلى عدم التوجّه إلى غرف الصفوف والبقاء في ساحات المدارس". ويؤكّد أن "الاتحاد سوف يواصل فعالياته الاحتجاجية ضدّ قرارات الأونروا الأخيرة. صحيح أن جميع الموظفين يؤيّدون استمرار الرسالة التعليمية من دون معوّقات، إلا أنه في حال بقيت الأمور على هذا الشكل، فإن من شأن ذلك أن يشكّل خطراً على عشرات آلاف التلاميذ".
ومن المتوقّع أن يُعقد اليوم الأربعاء اجتماع، للإعلان عن خطوات احتجاجية تصاعدية، في حال لم يتراجع المفوض العام عن القرارات والتقليصات التي أعلن عنها خلال الفترة الماضية.
من جهته، يقول رئيس مجلس أولياء الأمور في مدارس الأونروا عبد الناصر أبو العمرين، إن التنسيق تمّ مع كل اللجان والأطر المختصة، للاحتجاج على قرار المفوّض العام بزيادة عدد التلاميذ في الفصل. ويشدّد على أن "الأزمات في الوكالة تحتاج إلى رقابة دولية حقيقية بخلاف ما نراه. وبالتأكيد، لن يسكت المراقبون الدوليون عما يحصل في المدارس، إذ إن المشكلات لم تعد مرتبطة بالرواتب فحسب، التعليم كله مهدد الآن". يضيف أبو العمرين أن وجود 50 تلميذاً في الفصل الواحد، ستترتّب عنه مشكلات صحية وتعليمية.
رضوان بركات مدرّس في إحدى مدارس الشاطئ في غزّة، يرى أن "زيادة عدد التلاميذ وتقليص عدد غرف الصفوف، من شأنهما أن يُبعدا أكثر من 250 مدرّساً، بالإضافة إلى الحدّ من فرص العمل والتوظيف". ويشير إلى أن عدداً محدوداً من العائلات يستطيع تسجيل أولاده في مدارس خاصة وتحمّل رسومها. أما العائلات الأخرى فتقف حائرة حول مستقبل أولادها، إذ تعجز عن تسجيل أولادها في مدارس خاصة".
أما المستشار الإعلامي لوكالة الأونروا في غزة عدنان أبو حسنة، فيقول إن قرار زيادة عدد التلاميذ في الفصل الواحد لن يتعدى التلميذ الواحد أو التلميذين، لافتاً إلى أن الأزمة هي التي دفعت بهذا الاتجاه. ويؤكد أن أزمة الأونروا انتهت للأشهر الثلاثة المقبلة، لكن ثمّة تخوّفاً كبيراً من تفاقم الأزمة في عام 2016 والأعوام المقبلة.
وكان آلاف الموظفين في الوكالة قد تداعوا الإثنين إلى التحرّك، تزامناً مع تعليق الدوام في كل مؤسسات الوكالة العاملة في القطاع لا سيّما في المدارس، احتجاجاً على قرارات المؤسسة الدولية الأخيرة. وقد أتى ذلك قبل أن يتخذ المفوض العام قراراً بتجميد القرار السابق حول الإجازة الاستثنائية من دون راتب، وتناشد الوكالة اتحاد العاملين لديها بعدم عرقلة بداية العام الدراسي. ويقول هنا مؤمن الطويل، وهو من أعضاء اتحاد قطاع المعلمين في الوكالة، إن "تصريحات الأونروا مجرّد حقن مخدرة. والأمور تحوّلت من قرارات إلى قضيّة إنسانية اجتماعية، تهدد حياة عدد كبير من العاملين فيها". وتخوّف من "انتقال الأزمة إلى الخدمات الصحية".
رسالة متناقضة
يشدّد المستشار الإعلامي لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين في غزة عدنان أبو حسنة على أن منع التلاميذ من التوجّه إلى مقاعدهم الدراسية وتعليق الدوام، سوف يؤثّر سلباً عليهم، وهو يبعث برسالة متناقضة إلى المانحين الذين تسعى الأونروا حالياً إلى تأمين تمويل ثابت من خلالهم في السنوات المقبلة.
اقرأ أيضاً: الأونروا تستأنف الدراسة في موعدها