كشف رئيس اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان في دولة قطر، علي بن صميخ المري، اليوم الأربعاء، خلال مؤتمر صحافي عقده في جنيف، النقاب عن أول تقرير أعدته اللجنة يوثق بالأرقام وبشهادات متضررين، تنصّل دولة الإمارات العربية المتحدة من تنفيذ قرار محكمة العدل الدولية، الذي يطالبها بوقف إجراءاتها التمييزية بحق القطريين والمقيمين بدولة قطر فوراً.
وأوضح المري أنه بعث رسالة إلى قداسة البابا فرانسيس طالبًا منه التدخل لدى السلطات الإماراتية لوقف انتهاكاتها لحقوق الإنسان التي يتعرض لها المواطنون القطريون في دولة الإمارات العربية المتحدة.
ولفت المري إلى أنه ضمّن مراسلته إلى بابا الفاتيكان نص التقرير الذي أعدته اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان حول الانتهاكات الإماراتية لقرار محكمة العدل الدولية، وتداعيات الحصار المفروض على قطر ككل.
وأبدى المري تقديره للجهود التي ما فتئ البابا فرانسيس يبذلها للدفاع عن حقوق الإنسان، وتأكيده على أهمية إرساء الأمن والسلام في العالم في مختلف تصريحاته وجولاته. وأشار إلى أنه "سيتم إرسال تقرير الانتهاكات الإماراتية لقرار محكمة العدل الدولية إلى أكثر من 400 منظمة وهيئة دولية، والى الأمين العام للأمم المتحدة، وإلى مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان ومحكمة العدل الدولية، ولجنة القضاء على التمييز العنصري".
ويوثق التقرير 745 حالة انتهاك لغاية منتصف يناير/كانون الثاني الجاري، ارتكبتها السلطات الإماراتية بحق مواطنين ومقيمين بدولة قطر، أي خلال 6 أشهر من إعلان سلطات أبوظبي الالتزام بتنفيذ قرار محكمة العدل الدولية.
ويغطي تقرير اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان الذي صدر في 19 صفحة، الفترة ما بعد القرار الصادر من محكمة العدل الدولية رقم 172 المؤرخ في 23 يوليو/ تموز 2018، وحتى 15 يناير/كانون الثاني 2019. ويتناول مدى تنفيذ دولة الإمارات العربية المتحدة لقرار المحكمة المعنون بـ"حكم محكمة العدل الدولية المقامة من دولة قطر ضد دولة الإمارات العربية المتحدة". ونصّ القرار على "مطالبة دولة الإمارات العربية المتحدة بأن تحترم التزاماتها بموجب الاتفاقية الدولية للقضاء على كافة أشكال التمييز العنصري، وذلك في ما يتعلَّق بالممارسات والإجراءات التي تنتهك حقوق الإنسان للمواطنين والمقيمين في دولة قطر".
وتستند المعلومات الواردة في التقرير إلى ما رصدته اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان من انتهاكات استقبلتها عن طريق مقرها أو عبر المكالمات الهاتفية، أو عن طريق الخط الساخن الذي أنشئ خصيصاً لمتابعة تنفيذ هذا القرار أو عن طريق البريد الإلكتروني الخاص باللجنة، وذلك منذ بداية الحصار المستمر منذ 5 يونيو/ حزيران 2017، وحتى منتصف شهر يناير/ كانون الثاني الجاري.
الانتهاكات الإمارتية بالأرقام
بلغ إجمالي الانتهاكات الإماراتية التي رصدتها اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان 1099 انتهاكاً للحقوق الأساسية للمواطنين والمقيمين في دولة قطر. وتعرّض التقرير إلى إجمالي الانتهاكات الإماراتية التي تدخل ضمن القرار الصادر من محكمة العدل الدولية فقط، والتي بلغ عددها 745 انتهاكاً.
ويشير التقرير إلى رصد 505 انتهاكات للحق في التقاضي (تشمل 498 انتهاكاً للحق في الملكية، و7 انتهاكات للحق في العمل)، ويليها 153 انتهاكاً للحق في التعليم، و87 انتهاكاً للحق في لم الشمل الأسري.
وعن الانتهاكات التي طاولت الحق في التعليم، يوضح التقرير أنه "بالرغم من قرار محكمة العدل الدولية الذي يؤكد على إتاحة الفرصة للطلاب القطريين لإكمال تعليمهم في دولة الإمارات العربية المتحدة أو الحصول على سجلاتهم التعليمية إذا كانوا يرغبون في مواصلة دراستهم في مكان آخر، فإن اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان وثقت 159 شكوى لطلاب وطالبات من مواطني ومقيمي دولة قطر"، ولفت إلى أن "الإمارات لم تعالج من شكاوى الطلبة القطريين سوى 6 حالات، تم حلّها لأنها كانت مطروحة كشكاوى فردية في الآليات الدولية مثل اليونيسكو، وسارعت الإمارات لحلّها تفادياً للإدانة الدولية"، معتبراً أن ذلك "يعد استمراراً لانتهاك الحق في التعليم بسبب عدم إمكانية وصول الطلبة لمؤسساتهم التعليمية ولعدم وجود آلية واضحة من قبل دولة الإمارات العربية المتحدة بهذا الخصوص".
ويشير التقرير إلى أن "من أهم تداعيات التدابير التعسفية أُحادية الجانب المتخذة ضد دولة قطر من طرف دولة الإمارات العربية المتحدة هي التحديات التي واجهت الأسر المشتركة، فقد سببت هذه التدابير تمزيق النسيج الاجتماعي للأسرة الخليجية".
ويضيف: "لعل أكثر الانتهاكات والشكاوى تتعلق بالفئات الأولى بالرعاية، كالأطفال والأمهات، الذين وجدوا أنفسهم ضحايا تلك التدابير التعسفية؛ وعليه أتى قرار محكمة العدل الدولية بأن تضمن دولة الإمارات العربية المتحدة إعادة لم شمل الأسر القطرية والتي تم فصلها بسبب التدابير التي اعتمدتها الإمارات العربية المتحدة في 5 يونيو/ حزيران 2017، وكان من المفترض على دولة الإمارات العربية المتحدة أن تتخذ جميع الخطوات الضرورية، بما فيها إنشاء آلية واضحة لضمان إعادة لم شمل العائلات التي فصلتها الإجراءات التمييزية التي اتخذتها السلطات الإماراتية. وامتد هذا الانتهاك ليطاول حق الحرية في التنقل والإقامة الذي منع الأسر المشتركة من التنقل بين دولة قطر ودولة الإمارات العربية المتحدة ولم شملها، وهذا ما أدى وبشكل سلبي إلى أضرار نفسية بالغة للضحايا جراء التدابير التعسفية أُحادية الجانب".
ويؤكد التقرير أن "اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان رصدت بعض الحالات القليلة الخاصة بهذا الحق التي سُمح لها بدخول دولة الإمارات العربية المتحدة بعد تعرضها لمضايقات في المطار وصعوبة في إجراءات الدخول، أما العدد الأكبر من الحالات فلم تتمكن من الدخول بعد".
ويشير التقرير إلى أن دولة الإمارات انتهكت "الحق في التقاضي"، الذي يعتبر من الضمانات الأساسية في حياة الإنسان، وذلك بسبب الإجراءات والتدابير التعسفية أُحادية الجانب المتخذة ضد دولة قطر التي لم يتمكن المواطنون والمقيمون على أرضها من الوصول للقضاء الإماراتي. كما وثقت اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان 505 انتهاكات للحق في الوصول إلى المحاكم والهيئات القضائية الأخرى حتى شهر يناير/ كانون الثاني 2019، بالرغم من قرار محكمة العدل الملزم للإمارات باتخاذ الخطوات اللازمة للسماح للقطريين المتأثرين بالتدابير التي اعتمدتها الأخيرة في 5 يونيو/ حزيران 2017 بالوصول إلى المحاكم والهيئات القضائية الأخرى فيها وحتى منتصف يناير الجاري، في حين أنه بعد 7 أشهر من صدور قرار محكمة العدل الدولية، لم تقم دولة الإمارات العربية المتحدة بأي إجراء يذكر أو إنشاء آلية واضحة تسمح للمتضررين بالحق بالتقاضي.
ويذكر التقرير أنه على الرغم من "قرار محكمة العدل الدولية الذي ينصّ بإلزام الطرفين بالكف عن تصعيد الأزمة الخليجية ومكافحة التحيزات التي تفضي إلى التمييز العنصري وتعزيز التفاهم والتسامح والصداقة، إلا أن دولة الإمارات العربية المتحدة ما زالت مستمرة في تلك التصعيدات من بعض المسؤولين الرسميين، وبعض الإعلاميين ومشاهير السوشيال ميديا المعروفين فيها".
ويستدل التقرير بسلسلة تغريدات تحريضية وعنصرية ضد دولة قطر لبث الكراهية والتحريض على العنف وتشوية سمعة دول قطر وقادتها، إلى جانب تغريدات تتهم دولة قطر بالإرهاب، نشرها عدد من المسؤولين الإماراتيين، يتقدمهم ضاحي خلفان تميم - نائب رئيس الشرطة والأمن العام في دولة الإمارات العربية المتحدة، وسفير الإمارات في المملكة العربية السعودية شخبوط بن نهيان، والمغرّد حمد المزروعي، والدكتور عبد الخالق عبد الله، وغيرهم.
كما يشير إلى "استمرار الإعلام الإماراتي في نشـر خطابات الكراهية والتحريض على العنف من خلال ترويــج الأخبار الكاذبة كقناة سكاي نيوز عبر موقعها الإخباري، الذي خرج عـن القيم المهنية والأخلاقية التي تكون أكثر بروزا لدى وسـائل الإعلام. ولم يتم حتى الالتزام بما نص عليه قرار محكمة العدل الدولية".
ويلفت التقرير إلى أن "دولة الإمارات انتهكت التزاماتها بموجب المادتين 4 و7 من اتفاقية القضاء على التمييز العنصري "بفشلها في إدانة الكراهية والتحيز العنصري والتحريض على مثل هذه الكراهية والتحيز ضد قطر والمواطنين القطريين".
ويضيف: "أخفقت الإمارات في تزويد القطريين ضمن نطاق سلطتها القضائية بحماية فعالة وسبل الانتصاف من أعمال التمييز العنصري، في انتهاك للمادة 6 من اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز العنصري".