مع بدء العد التنازلي لامتحانات نهاية العام في مصر، ارتفعت أسعار الدروس الخصوصيّة، وزادت بنسبة 150 في المائة. وانتشرت الملازم والمراجعات في مختلف مدارس المحافظات، وجميع المراحل التعليمية الابتدائية والإعدادية والثانوية، بالإضافة إلى الجامعات. كذلك، انتشرت إعلانات مراجعات ليلة الامتحان ضمن عناوين مختلفة، من بينها "ملك الرياضيات. الفيزياء حلول ومشاكل. الكيمياء في يد كل طالب. سيبويه اللغة العربية"، وغيرها.
ويشكو أولياء الأمور من ارتفاع أسعار هذه الدروس، مؤكّدين أنها تحوّلت إلى "بيزنس" وقد باتت تُهدّد الأسر المصرية. ويتّهم بعض الأهالي المدرّسين الخصوصيّين بـ "الجشع"، وأنه لا همّ لهم غير الحصول على المال من التلاميذ، الأمر الذي يشكّل عبئاً اقتصادياً عليهم. في المقابل، يرى كثير من هؤلاء المدرسين أن شهري إبريل/نيسان ومايو/أيار هما فرصتهم لجمع المال.
تعد الدروس الخصوصية إحدى المشاكل الاجتماعية في مصر. ونادراً ما تجد عائلة لا تشكو من ارتفاع أسعارها. وفي ظل ازدحام التلاميذ في الصفوف، وعدم وجود عدد كاف من المدرسين في المدارس، أو عدم توجههم إلى صفوفهم في ظل غياب الرقابة، تحوّلت الدروس الخصوصيّة إلى حاجة لا بد منها. كذلك، فشلت الحكومات المصرية المتعاقبة في إيجاد حلول لهذه المشكلة الموجودة في الأرياف والمدن على حدّ سواء.
في السياق، يؤكّد مصدر مسؤول في مصلحة الضرائب أن متوسط دخل المدرس الخصوصي يبدأ من 15 ألف جنيه (نحو 1700 دولار). وتجدر الإشارة إلى أن أسعار الشقق في عدد من المناطق ارتفعت بعدما تحوّلت إلى مراكز للدروس الخصوصية.
إلى ذلك، يعاني الكثير من الطلاب في الجامعات من أزمة الدروس الخصوصية، وخصوصاً طلاب الكليات العلمية مثل الطب والصيدلة والعلوم، بسبب حاجتهم إلى الدروس الخصوصية، يضاف إليهم الطلاب العرب. وتختلف أسعار الدروس الخصوصية من منطقة إلى أخرى. وعادة ما ترتفع في المناطق والأحياء الراقية. وفيها، يتبنى المدرسون شعار "ارفع الأسعار عشان تولع نار".
وتبدأ أسعار المراجعات النهائية من 80 جنيهاً (نحو تسعة دولارات) في المناطق الفقيرة، وتصل إلى ما بين 150 و200 جنيهاً (نحو 22 دولاراً) في المناطق الراقية. من جهة أخرى، فإن مدرس اللغة العربيّة يتقاضى أجراً أقل من مدرسي الكيمياء والفيزياء.
وتؤكّد سامية محمد (والدة) أن "المدرّسين لا يشرحون شيئاً داخل الفصول، وقد أصبح التعليم بالمال"، مشيرة إلى أنه خلال الأسبوع الأخير من الدراسة، وقبل أيام على بدء الامتحانات، تزداد أسعار الدروس الخصوصية. تقول: "المدرسون يسرقون تعب الناس". فيما يتهم ممدوح أحمد المدرسين بـ "الجشع". ويسأل: "أين أجهزة الدولة الرقابية؟ أين وزارة التربية والتعليم من هؤلاء الاستغلاليين؟". ويشير إلى أن ما يدفعه قبل أيام من الامتحانات يوازي ما يدفعه خلال العام كلّه. أما التلميذة ميادة يوسف، فتقول إن قيمة الدروس الخصوصية تختلف من مادة إلى أخرى. على سبيل المثال، فإن أسعار المواد العليمة تعد أكثر ارتفاعاً. كذلك، فإن أسعار الملازم مرتفعة أيضاً.
ويشير المواطن فتحي عبد العزيز إلى أن أبناءه في الصفوف الإعدادية والثانوية العامة، وأنه لا يستطيع تحمّل أعباء الدروس الخصوصية. لذلك، يلجأ إلى مراكز الدروس الخصوصيّة التي تعد أسعارها معقولة. ويوضح أن "مراجعة ليلة الامتحان" حيلة جديدة لجأ إليها العديد من المدرسين الخصوصيين في الوقت الحالي.
في هذا الإطار، يقول الخبير التربوي كمال مغيث إن الدروس الخصوصية في مصر باتت ظاهرة خطيرة و"غولاً" يفترس الأسر المصرية. ويشرح أن عوامل عدة ساعدت على انتشار الدروس الخصوصية، منها الازدحام في الفصول، وعدم التزام بعض المدرسين، وغياب رقابة الجهات المعنية في الدولة، وقدرة المدرسين الخصوصيّين على توقع أسئلة الامتحانات، الأمر الذي يدفع التلاميذ للّجوء إلى الدروس الخصوصيّة، علّهم يحصلون على معدلات جيدة. ويرى أن التعليم في مصر يعاني من التخبّط، ما قد يؤدي إلى تدهوره.
يضيف مغيث أنه يصعب تجريم الدروس الخصوصية، وقد أصبحت بديلاً عن المدرسة، مطالباً بضرورة إعادة الدور للمدرس والمدرسة، والاهتمام بجودة العملية التعليمية، وإعداد المدارس وفق نظام الجودة المعتمد، وزيادة الميزانية حتى تتمكن الوزارة من تأهيل المدارس، لافتاً إلى أن "الدروس الخصوصيّة جعلت طلاب مصر اتكاليّين".