أصبح الحديث عن عصابات السرقة والنصب والاحتيال أمراً لا يثير الغرابة أو الدهشة وسط الفوضى العارمة التي تجتاح العراق، والتوغل الكبير للمليشيات المسلحة في مفاصل الدولة وسيطرتها على الأجهزة الأمنية.
وتنتشر في العاصمة بغداد عشرات عصابات الخطف والسرقة والتزوير؛ غير أنَّ تلك العصابات تقوم بابتكار أساليب جديدة للاحتيال بعد أن تُكتشف حيلها في عمليات سطو مسلح أو سرقة واحتيال سابقة.
وتعرض الكثير من المواطنين في العاصمة بغداد إلى السرقة والاحتيال من تلك العصابات بطرق لا تخطر على بال، فهم يستغلون مظاهر الفقر والحاجة ويستثيرون عاطفة أحدهم تمهيداً لإيقاعه في الشرك وسرقته.
وتعرض مرتضى ممدوح (37 عاماً) إلى عملية احتيال وسط بغداد، حيث كان يتجه بسيارته إلى المنزل بعد الغروب، ففوجئ برجل مسن يرمي نفسه أمام سيارته، فأوقفها بسرعة، ولم يصب الرجل بأي أذى.
ويكمل ممدوح ما حصل له قائلاً "تفقدت الرجل الذي رمى بنفسه أمام سيارتي مع المواطنين المارين في الشارع، فلم يكن قد أصيب بأي أذى، وحاولت اصطحابه إلى المستشفى للتأكد من سلامته فرفض وتركني ومضى، فمضيت بدوري إلى منزلي، وبمجرد دخولي المنزل دق الباب وإذا بأربعة رجال عند الباب تنتظرهم سيارة أخرى مليئة بالشباب في الشارع، قالوا إنَّ الرجل المسن والدهم، وأنني صدمته بسيارتي، وعليَّ أن أدفع تعويضاً عمّا لحق به".
ويضيف ممدوح لـ"العربي الجديد" بعد أن جادلتهم بشدة، وحاولت أن أوضح لهم أن والدهم المزعوم هو من رمى نفسه أمام سيارتي، سحبوا أسلحتهم وهددوني بالقتل أو أن أدفع مبلغ عشرة آلاف دولار فدفعتها لهم مضطراً".
الخبير الأمني السابق، صادق العبيدي، أوضح لـ"العربي الجديد" أنَّ "عصابات السرقة والنصب والاحتيال تقوم بتنويع أساليبها بين فترة وأخرى بهدف إيقاع المواطنين فريسةً لأساليبها الماكرة والتمويه على متابعي ومراقبي تلك العصابات ولا ننسى ضعف القانون وسيطرة المليشيات على الأجهزة الأمنية، ما يوفر بيئة ملائمة لتلك العصابات ومجالات تحرك واسعة".
ويضيف العبيدي "عصابات السرقة والاحتيال تستعمل كبار السن والنساء والأطفال في سرقة المواطنين عبر أساليب خادعة تستغل مشاعر المواطنين، كإرسال متسولة تخفي سلاحاً نارياً وتبدو بمظهر مؤلم إلى منزل أحدهم بعد التأكد من خلو المنزل من الرجال، فتقوم بتهديد ربَّة المنزل بالقتل وتسرق مصوغاتها وأموالها وتخرج بينما العصابة في انتظارها، وهكذا".
وتستغل عصابات السرقة النساء ومظاهر الفقر والحاجة لاستغلال مشاعر الضحية وإيقاع الشخص المستهدف وسرقته، فتقوم بعض العصابات بإرسال نساء يتقمصن دور المتسولة ويرتدين ملابس رثة تثير الشفقة.
اقرأ أيضاً:عصابات السطو المسلح تقض مضاجع البغداديين
كما يشير نقيب الشرطة عمار العامري، مبيناً لـ"العربي الجديد" أنَّ "عصابات السرقة تقوم بتنويع أساليبها بعد أن تقوم أجهزة الشرطة بالكشف عن تلك الأساليب وفضحها فتحاول تلك العصابات إيجاد وسائل أخرى لاستغلال واستغفال المواطنين وسرقتهم أو الاحتيال عليهم".
ويتابع العامري "من ضمن تلك الأساليب تقوم عصابات السرقة بإرسال امرأة بمظهر متسولة إلى الشخص المستهدف بعد التأكد من خروجه من المنزل فتطرق الباب طالبةً من ربة المنزل بعض المال أو الطعام فتتحايل لدخول المنزل بحجة أو بأخرى وبمجرد دخولها تقوم بإشهار سلاح ناري بوجه ربة المنزل وتهددها بالقتل ثم تسرق حليها وأي مبلغ مالي تجده وقد تقتلها فعلاً لذلك على المواطنين الحذر الشديد من هذه الأساليب الخبيثة".
ولا تقتصر أساليب الخداع لدى عصابات السرقة على النساء وكبار السن بل تشمل حتى الأطفال الرضع لاستعطاف المارة ومحاولة إيقاعهم عند التقرب من الطفل بعد وضعه إلى جانب الطريق في الليل.
هذه الحالة حصلت مع حازم سامي (41 عاماً) سائق سيارة أجرة "تاكسي"، يقول: "استأجرني شخص إلى إحدى مناطق بغداد ليلاً، فقمت بإيصاله ولدى عودتي مررت بأحد الشوارع وكان شبه خال من المارة، فلاحظت وجود طفل صغير يبكي ويصرخ على الرصيف، فاقتربت منه، وحاولت ركن سيارتي، فلمحت شابين مختبئين خلف حاوية نفايات كبيرة، فقدت السيارة بسرعة فأطلقا النار عليّ، فاكتشفت أنها خدعة لسرقة سيارات الناس وأموالهم، لكني نجوت في آخر لحظة".
ويتهم مراقبون الحكومة العراقية بإطلاق يد المليشيات المسلحة في العاصمة بغداد ما يكبل عمل الأجهزة الأمنية، بحسبهم.