في لبنان كثير من الشباب الموهوبين الذين تمنعهم الظروف المعيشية والاجتماعية من الوصول بمواهبهم إلى مستوى أعلى، خصوصاً من تسربوا من المدرسة في عمر مبكر. إيهاب الدالي أحد هؤلاء.
اكتشف إيهاب أنّه موهوب في الرسم منذ كان صغيراً. كان في البداية يرسم الجماجم البشرية، ويسخر منه أهله ورفاقه وحتى معلموه في المدرسة. لم يستخدم أيّ ألوان، واكتفى بقلم الرصاص، واستمر حتى اليوم على هذه الحال، بالرغم من تغير موضوعات رسمه وتنوعها.
إيهاب يعشق فنه، هو يؤمن بنفسه بالرغم من سخرية الجميع. لكنّه مع ذلك يعلم أنّ الفنّ وحده لا يمكن أن يوفر له حياة كريمة. فالشاب الذي يبلغ من العمر خمسة وعشرين عاماً، يجعل من غرفته في منزل أهله في مدينة صيدا، جنوب لبنان، مرسماً ومعرضاً، هو الذي تحدى الجميع وتجاوز سخريتهم ليثبت لهم أنّ في إمكانه أن يصنع شيئاً من لا شيء، وبأقل إمكانات على الإطلاق لا تتجاوز الموهبة والأوراق وقلم الرصاص. مع ذلك، فإنّ لوحاته لا تصل إلى المعارض، فهناك موانع كثيرة في سبيله لعلّ أبرزها وضعه المعيشي الصعب.
في الثامنة من عمره بدأ الرسم، في أبسط الطرق، إذ كان يستنسخ على طاولة مقعده في المدرسة اللوحات التي تضعها المعلمات على الحائط لشرح الدروس. ولم تكن تلك حصص رسم بل مواد مختلفة في المدرسة تستخدم فيها الرسوم الإيضاحية. ومنذ ذلك الحين بدأت رسوماته تنمو شيئاً فشيئاً.
يعمل الدالي منذ سنوات عديدة نجاراً، فقد ترك المدرسة صغيراً جداً في الحادية عشرة من عمره، عندما أنهى الصف الرابع الابتدائي فحسب. يقول إنّه لم يكن يحب المدرسة أبداً ولم يكن يرغب في العلم. هي مشكلة عامة في عدد كبير من المناطق الشعبية في لبنان حيث يرتفع عدد المتسربين من المدرسة، ولا يحظى التلاميذ بالدعم الاقتصادي والاجتماعي الكافي الذي يتيح لهم الاستمرار على مقاعد الدراسة، كما أنّ الأهل يساهمون في دورهم في دفع الأطفال إلى سوق العمل في سنّ مبكرة للمشاركة في الدخل الأسري، ولتفضيل بعضهم المسار المهني على المسار الأكاديمي.
اقــرأ أيضاً
يقول الدالي: "بدأت في تطوير موهبتي بعد إنكار الجميع ذلك من حولي إذ راحوا يهزؤون بي. وجدت نفسي أمام تحدٍّ كبير، إذ أريد أن أبرهن للجميع أنّني قادر على الرسم، وأنّني أتمتع بموهبة خاصة بي. وهكذا انتقلت من رسم الجماجم إلى رسم الوجوه، لكن باستخدام قلم الرصاص أيضاً. وكانت اللوحة الأولى لوجه شاب كان يعمل معي في ورشة النجارة، مات في حرب يوليو/ تموز 2006 (الحرب الإسرائيلية على لبنان). كانت الرسمة متقنة ما عدا الأنف، إذ لم أكن حينها أتقن رسمه. لكنني تدربت على ذلك في ما بعد، وسألت رسامة عن تقنيات الرسم، خصوصاً بقلم الرصاص، فأرشدتني إلى قلم اشتريته، وبتّ أستخدمه وحده، فتحسن رسمي".
مع انقطاع التيار الكهربائي بشكل متكرر، اعتاد الدالي الرسم على ضوء الشمعة، بل بات يطفئ الكهرباء ويرسم على ضوء الشمعة طوعاً. بسبب العمل، توقف عن الرسم فترة طويلة. حاول الالتحاق بمعهد يطور موهبته فيه فلم يوفق، لعدم قدرته على ترك العمل: "لو كان وضعي المادي مستقراً لالتحقت فوراً".
يقول: "لم أشارك في معارض حتى اليوم، كوني لا أرسم لوحات بالمعنى الكامل، إنّما أرسم وجوهًا بقلم الرصاص فقط. وقد طالبني كثيرون بالمشاركة في معارض، منهم شاب من مخيم عين الحلوة للاجئين الفلسطينيين في صيدا طلب أن ننظم معرضاً معاً، لكنني رفضت أيضاً، لضيق الوقت، وظروف العمل. مع ذلك، رسمت على بعض جدران المخيم".
وعن استخدامه قلم الرصاص، يقول: "الرسم بقلم الرصاص أصعب من الرسم بالألوان، فالأمر أكثر دقة، وإذا لم أشعر بعلاقة مع الرسمة فلا أستطيع إنجازها. الرسم بالنسبة لي حالة عشق، وليست حالة عمل، إن تآلفت مع الوجه الذي أود رسمه أتابع، وإن لم أتمكن أتنحى. العديد من الناس يطلبون مني أن أرسمهم، لكني في بعض المرات أرفض، كوني لا أشعر بتآلف مع وجوههم". يضيف: "العلاقة مع اللوحة علاقة روح في جسد، ففي كثير من المرات أعيد رسمها مرات عديدة إذا شعرت أنّها ناقصة وقد يطول الوقت في ذلك، لكن إن أحببت صورة الشخص، لا تتعدى الرسمة أكثر من ساعتين".
يتابع: "أبحث عن فرصة تليق بإمكاناتي، علما أنّي أنظم الشعر الشعبي أيضاً باللهجة اللبنانية العامية، لكنّ مشكلتي التي تسبب فيها ابتعادي عن المدرسة في سنّ مبكرة أنّي لا أعرف الكتابة، وهو ما يمنعني من تدوين هذه الأشعار والاحتفاظ بها أو نشرها".
اكتشف إيهاب أنّه موهوب في الرسم منذ كان صغيراً. كان في البداية يرسم الجماجم البشرية، ويسخر منه أهله ورفاقه وحتى معلموه في المدرسة. لم يستخدم أيّ ألوان، واكتفى بقلم الرصاص، واستمر حتى اليوم على هذه الحال، بالرغم من تغير موضوعات رسمه وتنوعها.
إيهاب يعشق فنه، هو يؤمن بنفسه بالرغم من سخرية الجميع. لكنّه مع ذلك يعلم أنّ الفنّ وحده لا يمكن أن يوفر له حياة كريمة. فالشاب الذي يبلغ من العمر خمسة وعشرين عاماً، يجعل من غرفته في منزل أهله في مدينة صيدا، جنوب لبنان، مرسماً ومعرضاً، هو الذي تحدى الجميع وتجاوز سخريتهم ليثبت لهم أنّ في إمكانه أن يصنع شيئاً من لا شيء، وبأقل إمكانات على الإطلاق لا تتجاوز الموهبة والأوراق وقلم الرصاص. مع ذلك، فإنّ لوحاته لا تصل إلى المعارض، فهناك موانع كثيرة في سبيله لعلّ أبرزها وضعه المعيشي الصعب.
في الثامنة من عمره بدأ الرسم، في أبسط الطرق، إذ كان يستنسخ على طاولة مقعده في المدرسة اللوحات التي تضعها المعلمات على الحائط لشرح الدروس. ولم تكن تلك حصص رسم بل مواد مختلفة في المدرسة تستخدم فيها الرسوم الإيضاحية. ومنذ ذلك الحين بدأت رسوماته تنمو شيئاً فشيئاً.
يعمل الدالي منذ سنوات عديدة نجاراً، فقد ترك المدرسة صغيراً جداً في الحادية عشرة من عمره، عندما أنهى الصف الرابع الابتدائي فحسب. يقول إنّه لم يكن يحب المدرسة أبداً ولم يكن يرغب في العلم. هي مشكلة عامة في عدد كبير من المناطق الشعبية في لبنان حيث يرتفع عدد المتسربين من المدرسة، ولا يحظى التلاميذ بالدعم الاقتصادي والاجتماعي الكافي الذي يتيح لهم الاستمرار على مقاعد الدراسة، كما أنّ الأهل يساهمون في دورهم في دفع الأطفال إلى سوق العمل في سنّ مبكرة للمشاركة في الدخل الأسري، ولتفضيل بعضهم المسار المهني على المسار الأكاديمي.
يقول الدالي: "بدأت في تطوير موهبتي بعد إنكار الجميع ذلك من حولي إذ راحوا يهزؤون بي. وجدت نفسي أمام تحدٍّ كبير، إذ أريد أن أبرهن للجميع أنّني قادر على الرسم، وأنّني أتمتع بموهبة خاصة بي. وهكذا انتقلت من رسم الجماجم إلى رسم الوجوه، لكن باستخدام قلم الرصاص أيضاً. وكانت اللوحة الأولى لوجه شاب كان يعمل معي في ورشة النجارة، مات في حرب يوليو/ تموز 2006 (الحرب الإسرائيلية على لبنان). كانت الرسمة متقنة ما عدا الأنف، إذ لم أكن حينها أتقن رسمه. لكنني تدربت على ذلك في ما بعد، وسألت رسامة عن تقنيات الرسم، خصوصاً بقلم الرصاص، فأرشدتني إلى قلم اشتريته، وبتّ أستخدمه وحده، فتحسن رسمي".
مع انقطاع التيار الكهربائي بشكل متكرر، اعتاد الدالي الرسم على ضوء الشمعة، بل بات يطفئ الكهرباء ويرسم على ضوء الشمعة طوعاً. بسبب العمل، توقف عن الرسم فترة طويلة. حاول الالتحاق بمعهد يطور موهبته فيه فلم يوفق، لعدم قدرته على ترك العمل: "لو كان وضعي المادي مستقراً لالتحقت فوراً".
يقول: "لم أشارك في معارض حتى اليوم، كوني لا أرسم لوحات بالمعنى الكامل، إنّما أرسم وجوهًا بقلم الرصاص فقط. وقد طالبني كثيرون بالمشاركة في معارض، منهم شاب من مخيم عين الحلوة للاجئين الفلسطينيين في صيدا طلب أن ننظم معرضاً معاً، لكنني رفضت أيضاً، لضيق الوقت، وظروف العمل. مع ذلك، رسمت على بعض جدران المخيم".
وعن استخدامه قلم الرصاص، يقول: "الرسم بقلم الرصاص أصعب من الرسم بالألوان، فالأمر أكثر دقة، وإذا لم أشعر بعلاقة مع الرسمة فلا أستطيع إنجازها. الرسم بالنسبة لي حالة عشق، وليست حالة عمل، إن تآلفت مع الوجه الذي أود رسمه أتابع، وإن لم أتمكن أتنحى. العديد من الناس يطلبون مني أن أرسمهم، لكني في بعض المرات أرفض، كوني لا أشعر بتآلف مع وجوههم". يضيف: "العلاقة مع اللوحة علاقة روح في جسد، ففي كثير من المرات أعيد رسمها مرات عديدة إذا شعرت أنّها ناقصة وقد يطول الوقت في ذلك، لكن إن أحببت صورة الشخص، لا تتعدى الرسمة أكثر من ساعتين".
يتابع: "أبحث عن فرصة تليق بإمكاناتي، علما أنّي أنظم الشعر الشعبي أيضاً باللهجة اللبنانية العامية، لكنّ مشكلتي التي تسبب فيها ابتعادي عن المدرسة في سنّ مبكرة أنّي لا أعرف الكتابة، وهو ما يمنعني من تدوين هذه الأشعار والاحتفاظ بها أو نشرها".