على الحدود الفلسطينية مع الأردن تقع قرية الساكوت المدمرة. القرية دمرها الاحتلال الإسرائيلي عام 1967 مع 32 قرية أخرى من قرى الأغوار الشمالية. ويحتاج الوصول إليها اليوم اجتياز أربعة حقول ألغام.
منذ تدمير الاحتلال كلّ القرى الفلسطينية المطلة على نهر الأردن، وهي القرى الحدودية مع الأردن، كان الدخول إلى منطقة ملغومة كالساكوت مستحيلاً. لكنّ الاحتلال فتح قبل أعوام طريقاً عسكرياً يسلكه المستوطنون للوصول إلى عين مائية في القرية تسمى "عين الساكوت"، وهو ما مكّن الفلسطينيين من دخولها بعد ذلك.
يقول زامل دراغمة، وهو أحد سكان القرية الذين هُجّروا منها إلى أريحا والأردن وسواهما: "اليوم أعود بشكل شبه يومي إلى الساكوت، أجلس هنا وأتذكر منزلنا وأتذكر أمي وأبي. كان لنا حوالى 300 دونم من هذه الأرض، وإلى اليوم يمنعونني من زراعتها".
يضيف: "أزرع اليوم أرضاً قريبة، تبعد 500 متر عن النهر، ويفصلها عن أراضي فلسطين المحتلة عام 1948 الجدار فقط. هذه الأرض التي أزرعها الآن تبعد عن أرضي في الساكوت مسافة 30 متراً فقط، أي أنّني أبعد أمتاراً لا غير عن أرضي المسروقة".
مع ساعات الظهر، يصل المستوطنون إلى عين الساكوت للسباحة. يحملون مسدساتهم على خصورهم ويسيرون بين الفلسطينيين الذين يزورون القرية، بهدف إخافتهم.
كان دراغمة يبلغ من العمر 9 سنوات عندما هدم الاحتلال قريته، فانتقل يومها مع أمه وأبيه وأقاربه وأغنامهم من الساكوت الواقعة على الضفة الغربية لنهر الأردن، إلى الضفة الشرقية للنهر. يقول: "قبل رحيلنا بيوم، أخبر أهل القرية والدي أنّ الطيران الإسرائيلي قتل نورة وأنور، وهما شقيقان كانا يسيران معاً باتجاه منزلهما في الساكوت. كانت نورة تحمل طبقاً نحاسياً فوق رأسها، رأى الطيار انعكاس الشمس فيه، فأطلق صاروخاً قتلهما".
يتابع دراغمة: "في اليوم التالي جاءت الدبابات. وكان الأهالي يأتون من جنين وطولكرم وكل مناطق الضفة باتجاه نهر الأردن. وخرجنا معهم. وانتهى كل شيء".
خلف سياج يفصل القرية الفلسطينية عن الأردن، ويحمل لافتات تحذيرية "احترس من الألغام"، يمكن رؤية القرى الأردنية التي لا تبعد سوى مئات الأمتار. كما يسمع مَنْ في الساكوت أذان الفجر فيها. كثير من أهل الساكوت الأصليين قد يكونون في تلك القرى. لكن، ورغم المسافة القريبة يبقى الحاجز الحدودي بين الطرفين، وتبقى إجراءات الاحتلال بمنع أهالي القرية من زراعة أراضيهم فيها.