وأقرّ الوزير بأنّ "جزءاً كبيراً من الأموال المستحقة للمستشفيات في لبنان لم تسدد حتى الآن، سواء ما يرتبط بوزارة الصحة أو الجهات الضامنة الأخرى المتخلفة أيضاً عن الدفع ولكن لأسباب خارجة عن قدرتها وإرادتها. لذلك، تعاني المستشفيات اليوم من مشكلة عدم القدرة على الاستمرارية وتأمين رواتب الموظفين والأدوية والمستلزمات الطبية وكل متطلبات التشغيل".
وفي ما يتعلق بوزارة الصحة، لفت الوزير إلى أنه "بات معلوماً أن هناك مبلغاً كبيراً متراكماً من المستحقات المالية التي تقع ضمن السقوف النظامية العادية للمستشفيات وغيرها تلك التي تقع تحت عنوان تجاوز السقوف المالية أي المصالحات. وهذا الأمر يشكل إرباكاً فعلياً يعيق عمل المستشفيات ويشكل عامل ضغط إضافي عليهم لاستقبال وعلاج الحالات. لكن يخضع هذا الأمر للدرس حالياً لتحديد كيفية التسديد".
وفيما يتعلق بالأموال العائدة لعام 2018 قال إنه "تم تحويل المستحقات المقطوعة المحددة للأشهر التسعة الأولى على وزارة المالية خلال ولاية الوزير السابق غسان حاصباني، وحولنا بدورنا المبالغ المقطوعة العائدة للأشهر الثلاثة المتبقية، ويبقى من المبالغ غير المقطوعة ثلاثة أشهر فقط. وحاليا نحن بصدد البحث في كيفية تأمين هذه الأموال بالاتفاق مع وزير المالية علي حسن خليل"، مؤكداً أنه يتفهم هواجس المستشفيات ومعاناتها "لكن وضع بلدنا صعب وعلينا التعاون جميعاً لتجاوز الأزمة الموجودة، ونأمل التوصل إلى حل في وقت قريب".
أما فيما يتعلق بالعام الحالي، فإنّ "الوزارة وبسبب تأخر إقرار الموازنة، ستبدأ خلال أيام بتوقيع العقود مع المستشفيات، على أن يتم الانتهاء منها الأسبوع المقبل حتى نتمكن من إرسال الفواتير إلى ديوان المحاسبة لحجز اعتمادات العام 2019".
وفي جوابه عن تصريح مستوردي الأدوية والمستلزمات الطبية بالتوقف عن التسليم إلى المستشفيات غير القادرة على الدفع، قال إنه يستبعد "حصول مشكلة في هذا المجال، وسأدعو مستوردي الدواء والمستلزمات الطبية إلى اجتماع للتفاهم على مخرج حل ممكن ريثما يتم تجاوز الفترة الراهنة في لبنان"، مطمئناً بأن "أموالهم محفوظة ولو تم التأخر في تسديدها بعض الوقت"، مؤكداً أنه "من المفترض أن نتعاون جميعاً لتجاوز الأزمات".
وأشار إلى أن "الاستشفاء هو سلسلة من حلقات مترابطة تتأثر ببعضها البعض، فإذا تضررت إحداها تصاب الأخريات بالضرر. ففي حال تضررت المستشفيات تضرر مستوردو الدواء والمستلزمات الطبية وكذلك الأطباء والممرضات، لأنه لن يكون هناك من يبيعونه دواء".
وعن إمكان إصدار سندات خزينة لدفع مستحقات المستشفيات، أوضح الوزير جبق أن "هذا القرار يعود لمجلس الوزراء مجتمعاً، وهو مطروح منذ مدة للتداول بشأنه على طاولة مجلس الوزراء".
من جهته بيّن النقيب هارون أنّ "المستحقات المتراكمة للمستشفيات يعود بعضها للعام 2012 وهي المصالحات، ومستحقات عشرة أشهر من العام 2018 غير مسددة وهي محالة إلى وزارة المالية منذ 8 أشهر، فيما مستحقات الثمانية أشهر الأولى من العام 2019 غير محولة إلى المالية لأسباب عدة تقنية وإدارية؛ ورغم هذا الوضع يطلب من المستشفيات أن تواصل عملها بشكل طبيعي".
وقال: "الوضع بات شديد الصعوبة وقد أقفل قبل أسبوعين مستشفى كبير في منطقة سن الفيل وعدد آخر بدأ يخفض عدد الأسرة وعدد الموظفين والممرضين. وما لا يقل عن ثلاثة أو أربعة مستشفيات في مختلف المناطق اللبنانية لم تعد قادرة على التحمل وتأمين الأدوية والمستلزمات الطبية بشكل منتظم وقد بدأت بتسريح الموظفين".
وأضاف: "لم نصل يوماً إلى هذه الدرجة من الوضع الخطير. ونحن واعون أن الدولة لن تستطيع تسديد المتوجبات المتراكمة دفعة واحدة، لذا نقترح تأليف لجنة برئاسة وزير الصحة وعضوية ممثلين عن وزارة المالية والجهات الضامنة والنقابات المعنية تتولى البحث عن مخارج للحل وآليات لتنفيذه بشكل تقدر الدولة على دفع ما يلزم وتؤمن استمرارية صحيحة للمستشفيات".
فيما نبه النقيب أبو شرف من أن "استمرار الوضع على ما هو عليه، سيؤدي إلى ارتداد انعكاساته السلبية على الجميع، سواء على المستشفيات أو الجسم الطبي أو المرضى"، مناشداً "المسؤولين المعنيين بتأخر المستحقات التحرك سريعاً".
وقال: "إن عدداً من الأطباء باتوا غير قادرين على متابعة عملهم في لبنان، وقسم منهم يتوجهون إلى الخارج للحصول على فرصة عمل أفضل"، وآمل "أن يتم إيجاد حلول عملية في القريب العاجل بما يحافظ على المستوى الطبي المشهود له في لبنان".
بدوره، أشار النقيب أبي صالح إلى "خطورة الوضع"، مؤكداً أن "قيمة المستحقات باتت مرتفعة جداً ونتائج عدم توفرها خطرة على الشرائح المرتبطة بالقطاع الاستشفائي والطبي ما يتطلب تكاتفاً للجهود"، شاكراً للوزير جبق "اهتمامه بالقطاع وما يبذله لإيجاد الحلول".