شهدت الأشهر الماضية، منذ اندلاع الانتفاضة الحالية، في أكتوبر/ تشرين الأول من العام الماضي، تصعيدًا إسرائيليًا غير مسبوق بحق الأطفال الفلسطينيين، إذ وثقت مؤسسات حقوقية فلسطينية اعتقال أكثر من ألفي طفل فلسطيني خلال انتفاضة القدس تتراوح أعمارهم بين 12 إلى 16 عامًا، كانت النسبة الأكبر منهم في مدينتي القدس والخليل.
وقالت مسؤولة الإعلام في نادي الأسير الفلسطيني، أماني السراحنة، لـ"العربي الجديد"، إن "غالبية الأطفال الذين تم اعتقالهم أفرج عنهم، فيما تحتجز إسرائيل في سجونها حالياً أكثر من 400 طفل في سجون (مجدو وعوفر وهشارون)، من بينهم 16 فتاة قاصر، وغالبية أولئك الأسرى الأطفال هم من الموقوفين الذين ينتظرون المحاكمات، فيما يقبع ستة أسرى من الأطفال رهن الاعتقال الإداري (بلا تهمة)".
وتصاعد اعتقال الأطفال الفلسطينيين خلال انتفاضة القدس، مقارنة مع العام الماضي بنسبة 38 في المائة، فيما تعرض 99 في المائة من الأطفال المعتقلين لشكل أو أكثر من أشكال التعذيب والتنكيل والتفتيش العاري على أيدي قوات الاحتلال، سواء خلال الاعتقال أو خلال عمليات التحقيق.
وشهدت الأحداث الحالية على الأراضي الفلسطينية، تحولًا في التعامل الإسرائيلي مع الأطفال وتصعيدًا غير مسبوق مقارنة مع الفترات الماضية، حيث تؤكد السراحنة أن الاحتلال يهدف لضرب النسيج الاجتماعي للأطفال، إضافة لتشريع إسرائيل للانتهاكات بحقهم.
وللمرة الأولى منذ الاحتلال الإسرائيلي، استهدفت سلطات الاحتلال الأطفال الفلسطينيين بالاعتقال الإداري، حيث صدرت أوامر اعتقال بحق ستة أطفال من القدس والضفة الغربية، وفق ما يوضح رئيس قسم الإعلام في هيئة شؤون الأسرى والمحررين الفلسطينية مجدي العدرة لـ"العربي الجديد".
من جهته، شدد رئيس وحدة الدراسات والتوثيق في هيئة شؤون الأسرى والمحررين عبد الناصر فروانة، في تصريح له بمناسبة يوم الطفل الفلسطيني على أن "كافة الوقائع والإحصائيات تؤكد وجود استهداف إسرائيلي ممنهج للطفولة الفلسطينية، إذ ارتفعت أعداد المعتقلين من الأطفال بمختلف المراحل العمرية بوتيرة متصاعدة منذ العام 2011، وبشكل غير مسبوق خلال انتفاضة القدس".
ورأى فروانة أن عنوان الهجمة الإسرائيلية لوأد "انتفاضة القدس" هم الأطفال، ووظفت كل أجهزتها وأدواتها لقمعهم وبث الرعب في نفوسهم، وأقرت عددًا من القوانين للانتقام منهم، وتسعى لتشويه واقعهم وتدمير مستقبلهم والتأثير على توجهاتهم المستقبلية بصورة سلبية.
وتتعامل سلطات الاحتلال مع الأطفال الفلسطينيين بذات الطريقة التي يتم التعامل بها مع الأسرى الأكبر سنًا سواء في التحقيق أو الاعتقال أو المحاكمات، فيما تسبب الاعتقال للأطفال بعرقلة مسيرتهم التعليمية أو الاجتماعية، حيث تشير السراحنة إلى أن غالبية الأطفال الذين يفرج عنهم بحاجة إلى رعاية نفسية.
وحذر فروانة من الاستهداف الإسرائيلي المتصاعد للأطفال الفلسطينيين ومن تأثيرات الانتهاكات والجرائم المروعة التي تقترف بحقهم، مما يشكل خطرًا حقيقيًا على واقعهم ومستقبلهم وأوضاعهم الصحية، داعيًا منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف) وكافة المؤسسات الدولية التي تُعنى بالطفل وحقوق الإنسان، إلى التدخل العاجل لحماية الأطفال الفلسطينيين من الإجراءات الإسرائيلية.
وكان الأبرز في التعامل مع الأطفال الفلسطينيين خلال انتفاضة القدس هو إطلاق النار عليهم وقتلهم أو إصابتهم، أو اعتقالهم بعد فترات من إصابتهم، في ظل إهمال طبي واضح، أدى إلى فقدان أطفال لأعضاء من أجسادهم كما حدث مع الطفل جلال الشراونة الذي فقد ساقه.
ويوجد في سجون الاحتلال حالياً عشرات الأطفال تعرضوا للإصابات خلال اعتقالهم أو اعتقلوا بعد فترات من إصابتهم خلال المواجهات مع الاحتلال، ومن بين أولئك الأطفال 5 فتيات قاصرات أصبن خلال عمليات اعتقالهن.
ويعتبر العدرة أن أخطر ما شهدته قضية الأطفال الفلسطينيين من انتهاكات من قبل الاحتلال، هو عمليات إطلاق الرصاص عليهم ضمن سياسة إسرائيلية لبث الرعب والخوف في نفوسهم وخلق جيل ضعيف.
لم تكتف سلطات الاحتلال باعتقال الأطفال الفلسطينيين أو إطلاق الرصاص بشكل مباشر عليهم، بل فرضت عليهم غرامات خلال انتفاضة القدس تقدر بعشرات آلاف الدولارات، إضافة لتصاعد سياسة الحبس المنزلي ضدهم في محافظة القدس.
ووفق العدرة، فقد تعرض 60 طفلاً للحبس المنزلي منذ انتفاضة القدس، وشهدت هذه السياسة تصعيدًا إسرائيليًا بنسبة الضعف مقارنة مع العام الماضي، ولأول مرة يفرض الحبس المنزلي على طفل من القدس ووالدته لمدة ثلاثة أشهر، وهو الطفل ميلاد يوسف.
وبحسب بيان هيئة شؤون الأسرى التابعة لمنظمة التحرير الفلسطينية، اليوم الثلاثاء، فقد اعتقلت السلطات الإسرائيلية 1899 طفلاً فلسطينيًا، خلال الهبّة الشعبية التي اندلعت في الضفة الغربية والقدس وقطاع غزة، في الأول من أكتوبر/تشرين الأول 2015.
وأعلنت الهيئة في بيان لها، أن "هذه أرقام كبيرة وغير مسبوقة، وتشكل قرابة 37 في المائة من إجمالي المعتقلين".