وعلى مدى سنوات وحكومات متعاقبة، ما تزال الطرق الرئيسية في البلاد شبه خارجة عن سلطة الدولة، التي لم تستطع تأمينها من العصابات ولا حتّى من ضريبة الحواجز الأمنية.
وبحسب أبو جاسم، وهو سائق شاحنة يعمل على نقل الإسمنت من أربيل إلى بغداد، فإنّ "الأسعار تتضاعف على المستهلك بسبب تلك الإتاوات الرسمية وغير الرسمية"، موضحاً لـ"العربي الجديد"، أنّ "الإتاوات الرسمية هي التي تأخذها العناصر الأمنية في الحواجز المنتشرة على الطرق، إذ إنّ سائق الشاحنة على طول الطريق يوزع مبالغ مالية على الحواجز الأمنية لأجل تسهيل مروره منها".
وأضاف، "كما أنّ العصابات والمليشيات تقطع الطريق وتأخذ مبالغ من الشاحنات"، مشيراً إلى أنّ "السائق يضطر إلى دفع مبالغ تتجاوز الألف دولار في كل رحلة كإتاوات، ويضطر لتحميل هذا المبلغ على سعر بضاعته، ليتضاعف السعر على المواطنين"، مبيناً أنّ "سائقي الشاحنات اتفقوا على زيادة سعر البضائع، حتى يكون العمل مجدياً لنا، إذ بدون الزيادة سيكون عملنا خسارة ونضطر للتوقف عنه".
ولم يقتصر ارتفاع الأسعار على مادة من دون أخرى، إذ أنّ الإتاوات تشمل جميع السلع، وسائقو الشاحنات رفعوا أسعار أي سلعة ينقلونها. ما تسبب بحالة استياء لدى المواطنين.
ووفقاً لسالم العامري، وهو صاحب محل لبيع مواد البناء، فإنّ "ارتفاع الأسعار ألقى بظلاله على عملنا بشكل عام وعلى كاهل المواطن"، مبيناً لـ"العربي الجديد"، أنّ "أغلب مواد البناء ارتفع سعرها عن السابق، وهذا انعكس سلباً على حركة البناء بشكل عام، وعلى الإقبال على الشراء".
وأشار إلى أنّ "المواطنين يضطرون أحياناً لتأخير عملهم بسبب ارتفاع الأسعار، وكل ذلك يعود بالضرر علينا وعليهم أيضاً"، منتقداً "عدم اتخاذ الحكومة إجراءات لتأمين الطرق والسيطرة عليها".
ويؤكد مسؤولون أمنيون، أنّ الأجهزة الأمنية فرضت سيطرتها على الطرق، وأنّ العصابات التي تعمل في السلب والإتاوات، عددها محدود جداً بعدما أحكمت القوات الأمنية سيطرتها على الطرق الرئيسية بشكل عام.
وقال ضابط في وزارة الداخلية، لـ"العربي الجديد"، إنّ "إتاوات الحواجز الأمنية قضية تتعلّق بالفساد، لكنّها لا تشمل جميع الحواجز"، مبيناً أنّ "الوزارة بصدد اتخاذ إجراءات للحد من هذه الظاهرة، وفرض رقابة وعقوبات على كل من يتعامل بالإتاوات من عناصر الأمن".
يشار إلى أنّ طول طريق رحلة الشاحنات التي تنقل البضائع إلى المدن العراقية، يتسبب بزيادة أسعارها، وذلك كون الحواجز الأمنية يزيد عددها كلما زاد طول الطريق، ما يعني زيادة الإتاوات على الشاحنات.