صادق البرلمان التونسي، مساء أمس الثلاثاء، على قانون يتعلق بالسلامة الصحية للمواد الغذائية وأغذية الحيوانات، بعد نقاشات مطولة حول الوضع الصحي للأغذية والأمراض التي تسببها، ومدى اعتماد السلطات التونسية سبل الوقاية من خطرها على سلامة الإنسان وصحته.
وأقرّ مجلس نواب الشعب، القانون الجديد، بموافقة 100 صوت مقابل رفض نائب وحيد، ما يتيح، بحسب وزير الصحة التونسي، عبد الرؤوف الشريف، دعم فرص التصدير من خلال تعزيز المنظومة التشريعية المتعلقة بحماية المستهلك، وإعادة هيكلة المؤسسات المكلفة بمراقبة السوق، بهدف ملاءمتها مع المعايير الدولية والأوروبية خصوصاً، إلى جانب ضمان أعلى مستوى من السلامة الصحية للأغذية على امتداد سلسلة الغذاء، والنهوض بجودة المنتجات ودعم تنافسيتها، وتعزيز ثقة المستهلك والأسواق الخارجية في النظام الوطني لمراقبة السوق.
وأوضح الوزير أن مشروع القانون المتعلق بالسلامة الصحية للمواد الغذائية وأغذية الحيوانات يهدف إلى بلوغ مستوى عالمي من الحماية الصحية للإنسان والحيوان، وحماية المصالح الاقتصادية للمستهلك.
ولفت إلى تضمين نص القانون جملة من المبادئ، ومنها تحليل المخاطر، والاحتياط، والشفافية، والالتزام العام بسلامة ومطابقة المواد الغذائية وأغذية الحيوانات، والتزام المشغلين في مختلف مراحل سلسلة الغذاء، والتدابير الواجب اتخاذها من قبل السلطات المختصة لضمان السلامة والصحة للمواد الغذائية وأغذية الحيوانات.
وشدد الوزير، خلال إجابته على تساؤلات البرلمانيين، على أن القانون سيحدث هيئة رقابة وحيدة وفاعلة تُعنى بالسلامة الصحية، وستعمل الوزارة على إيجاد آليات عقاب أكثر صرامة مما كانت عليه في السابق لردع المخالفين، فضلا عن السيطرة على جميع منافذ تطبيقه، وتوفير جميع الموارد المالية والبشرية لذلك.
وكشف وزير الصحة أن عدد حالات التسمم الغذائي الجماعي بلغت 1855 حالة عام 2018، موزعة على 89 بؤرة تسمم، أي أنها زادت عن السنوات الماضية، إذ سُجلت 1015 حالة عام 2017، موزعة على 81 بؤرة تسمم.
وأشار الوزير إلى أن منظومة السلامة الصحية للأغذية التي ينص عليها هذا المشروع ترتكز أساسا على تقييم المخاطر والتصرف فيها والإعلام عنها، من خلال إحداث الوكالة الوطنية لتقييم المخاطر، لافتا إلى أن مشروع القانون سيقطع مسألة تداخل الأدوار وتعدد هياكل الرقابة وتشتتها بين عدة وزارات. وأوضح أن إحداث الهيئة الوطنية للسلامة الصحية للمنتجات الغذائية يجعلها هيكلاً رقابياً وحيداً للأغذية يجمع الإطارات العاملة بمختلف هياكل الرقابة في البلاد للعمل بصفة متكاملة ومنسقة لضمان صحة المستهلك ومصالحه الاقتصادية.
وأقر الشريف بأن تونس شهدت، خلال السنوات الأخيرة، ارتفاعا في حالات بعض الأمراض ذات المنشأ الحيواني، والتي تصيب الإنسان نتيجة استهلاكه مواد غذائية ملوثة، على غرار مرض "السل اللمفاوي" الذي سجل 800 إصابة عام 2017، ومرض "الحمراء المالطية".
وتتمثل أبرز الإشكاليات المتعلقة بالسلامة الصحية للأغذية، وفق وزير الصحة، في تفاقم ظاهرة مخازن المواد الغذائية والمسالخ العشوائية التي تفسح المجال أمام ترويج مواد غير خاضعة للمراقبة، ولا تتوفر فيها شروط السلامة الصحية للأغذية، إضافة إلى ترويج المواد الغذائية المهربة التي تحتوي على مضافات غذائية غير مطابقة، وإمكانية وجود مواد غير دقيقة، في ظل عدم إخضاعها للمراقبة الفنية عند التوريد من طرف الهياكل المختصة.
وأضاف الشريف أن من بين الإشكاليات الأخرى ترويج مواد غذائية ذات أصل حيواني ملوثة كاللحوم والحليب، مصدرها حيوانات مصابة ببعض الأمراض التي يمكن أن تنتقل إلى الإنسان مثل "الحمى المالطية".
وأوضح أن الصعوبات التي تعترض عمل أجهزة الرقابة على المخاطر الصحية مرتبطة أساسا بالأغذية، وبنقص التنسيق بين الهياكل المتدخلة، ومحدودية إمكانيات العمل، خاصة في ما يتعلق بالموارد البشرية المختصة والقدرة التحليلية، وفي ظل إطار قانوني ومؤسساتي يتسم بتعدد النصوص القانونية وتشتت هياكل الرقابة بين عدة وزارات، إضافة إلى افتقار البلاد لهيكل يُعنى بتيقيم المخاطر ذات العلاقة بالأغذية، حسب قوله.