نفى وزير الصحة التركي، فخر الدين قوجا، الاتهامات التي وجهها نائب حزب الشعب الجمهوري سليمان بلبل، بأن السوريين هم سبب انتشار فيروس "الروتا"، واصفاً الاتهامات بأنها "غير علمية" كون الفيروس ينتقل بطرق مختلفة غير اللمس، ومنها الماء والغذاء والأيدي المتسخة.
وأكد وزير الصحة التركية في تصريح صحافي اليوم الثلاثاء، أن لا علاقة لوجود السوريين في تركيا بإلإصابة بالمرض أو انتشاره، لافتاً إلى أن الحيلولة دون الإصابة بفيروس "الروتا"(يسبب الإسهال الحاد خصوصاً لدى الأطفال) تتطلب الاهتمام بالنظافة العامة، ومنع اختلاط المياه غير النظيفة بمياه الشرب، وتحسين البنية التحتية، وهي خطوات ضرورية جداً.
وأشار قوجا إلى أنّ الأطفال الذين تتراوح أعمارهم من 4 إلى 5 سنوات هم الأكثر عرضة للإصابة بهذا الفيروس ويساهمون في انتشاره، وأن الفيروس لا يقتصر على موسم فصلي واحد، وقد ينتشر في كافة فصول السنة. وكرر أن حالات تثبيت الإصابة بفيروس الروتا في تركيا لا علاقة لها بالسوريين الموجودين فيها.
وادعى نائب حزب الشعب الجمهوري عن ولاية أيدن التركية، سليمان بلبل، أمس الإثنين، أن السوريين كانوا سببا في نشر فيروس "الروتا" والمعروف أيضا بفيروس "العَجَلِيَّة". وأضاف بلبل خلال تصريح صحافي، أن حالات الإصابة بفيروس الروتا ازدادت في تركيا خلال الأعوام الخمسة الأخيرة، وبدأ هذا الفيروس بالانتشار على نحو خاص بعد بدء موجة اللجوء من سورية نحو تركيا.
ويرى مراقبون أن أحزاب المعارضة التركية، وفي مقدمتها حزبا "الشعب الجمهوري" و"الجيد"، تستخدم اللاجئين السوريين كورقة انتخابية وللضغط السياسي، بهدف كسب الشارع وحصد الأصوات قبل كل استحقاق انتخابي في البلاد.
ويقول الطبيب التركي نذير زرور، إن كلام وزير الصحة دقيق وهو طبيب أطفال بالأصل ويعرف المرض ومسبباته جيداً، ففيروس "الروتا" ينتشر موسمياً، ولا علاقة فعلاً بوجود السوريين. ويتساءل: ولو كان السوريون سبباً، فلماذا تنظم تركيا حملات تلقيح للأطفال ضد الفيروس منذ عشر سنوات، أي قبل موجة لجوء السوريين إلى تركيا؟
ويوضح الطبيب التركي لـ"العربي الجديد" أن "النائب يستغل اللجوء السوري لكسب أوراق سياسية وخلق بلبلة بتركيا، لأن اتهامه بعيد عن العلم وحتى عن القيم الأخلاقية، والغرض منه سياسي ليس إلا"، مشيراً إلى أن المرض يصيب الأطفال ويحدث إسهالا وتقيؤات غير مزمنة وتمكن ببساطة معالجته وهو ليس من الانتشار ما يستدعي حالة الطوارئ.
ويسأل الطبيب: كيف يبرر النائب انتشار "الروتا" في تكير داغ القريبة من مدينة إدرنة، رغم عدم احتوائها على السوريين، وكيف يبرر انتشار المرض في تايلند التي لا تستضيف سوريين؟
ويعتقد مراقبون في تركيا، أن موجة اتهام السوريين التي تسبق بالعادة أي استحقاق انتخابي، سترتفع خلال الشهر المقبل، قبل الانتخابات المحلية المقررة نهاية آذار/مارس المقبل، رغم أن السوريين الذين يحق لهم الانتخاب، لا يشكلون "وزناً كبيراً"، إذ لا يزيد عدد السوريين الذين يحق لهم الانتخاب عن 53 ألف سوري بالغ حصل على الجنسية التركية.
ويؤكد وزير الداخلية التركي سليمان صويلو، إن 53 ألفاً و99 سورياً يستطيعون التصويت في الانتخابات المحلية، من إجمالي عدد السوريين الذين حصلوا على الجنسية التركية وهو 79 ألفاً و820 شخصاً، وذلك في تصريحات سابقة له.
وسبق لحزب الشعب الجمهوري، أن اتهم السوريين في فبراير 2015 على لسان رئيسه، كمال كليتشدار أوغلو، برفع نسبة البطالة وغلاء الأسعار، ووعد بطردهم إن فاز حزبه في الانتخابات البرلمانية وقتذاك.
وخاطب السوريين قائلاً: "اذهبوا واعملوا في بلادكم، إذ يكفي ما سببتموه لتركيا على الصعيدين الاقتصادي والخدماتي، بعد إنفاق 5.5 مليارات دولار، هي حلال عليكم، ولكن عودوا إلى بلدكم"، واعداً بحال فوز حزبه في الانتخابات بـ"جلب السلام إلى سورية"، ملمحاً إلى الأثر الذي تركته مواقف حزب العدالة والتنمية الحاكم على السوريين والأتراك، نتيجة التدخل في الشأن السوري الداخلي.
وتكرر استخدام السوريين كورقة سياسية وانتخابية، لا سيما خلال انتخابات رئاسة الجمهورية في 24 يونيو/ حزيران الفائت، إذ أعلنت مرشحة حزب "الجيد" ورئيسته، ميرال أكشنار، بإعادة اللاجئين السوريين إلى بلادهم، في حال فوزها بالانتخابات.
وقالت صراحة، في خطاب في مدينة مرسين التركية: "أعدكم بأن يتناول اللاجئون السوريون الموجودون في تركيا إفطار شهر رمضان 2019 برفقة إخوانهم في سورية". ووصفت حينذاك، سياسة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، بـ"الخاطئة"، لأنها ضاعفت أعداد اللاجئين السوريين الموجودين في تركيا، معتبرة أن وجود اللاجئين السوريين في تركيا ترك أثرًا سلبيًّا على اقتصاد البلاد.