وجد مدرسون وتلاميذ في اليمن حلّاً للتحايل على تراجع العملية التعليمية في البلاد، وغياب المدرسين عن المدارس بسبب أزمة الرواتب، وذلك من خلال الدراسة عبر تطبيق "واتساب".
شهدت مواقع التواصل الاجتماعي مؤخراً ظهور إعلانات لمدرّسين يمنيين يعرضون خدمة التعليم الإلكتروني عبر تطبيق "واتساب"، وقد عمدت مجموعة من مدرسين متطوعين إلى إنشاء مجموعات علميّة لتدريس التلاميذ بعض المواد العلمية، في ظلّ عدم قدرة مدرّسين كثيرين على الذهاب إلى المدارس الحكومية الواقعة في المناطق الخاضعة لسيطرة جماعة أنصار الله الحوثيين.
ويقول التلميذ في الصف الأول ثانوي، معتصم الشميري، لـ "العربي الجديد"، إنّ التعليم عبر "واتساب" يسهّل الوصول إلى المعلومات، في ظل تغيّب نسبة كبيرة من المدرسين عن المدارس الحكومية، وعدم قدرة التلميذ على فهم المقرر الدراسي من دون أستاذ. ويشير إلى أنّ عدداً من مدرسي المواد العلمية في مدرسته لا يحضرون إلى المدرسة منذ أشهر، بسبب عدم تسلمهم رواتبهم منذ أكثر من عام.
ويوضح لـ "العربي الجديد" أن "التعليم من خلال وسائل التواصل الاجتماعي يساعدنا على تبادل المعلومات مع المدرسين من جهة، ومع زملائنا من جهة أخرى. نناقش المعلومات والإجابات المتعلقة بالتمارين التي يحتويها الكتاب المدرسي، علماً أنّنا كنا عاجزين عن فهم كثير من المقررات والدروس". ويلفت إلى أننا "نطرح المواضيع التي نلاقي فيها صعوبة أثناء الدراسة على المدرّس ضمن المجموعة الخاصة بالتعليم، ويرد عليها، ما يوفّر علينا العناء".
ويسعى العديد من المدرسين إلى توظيف تطبيق "واتساب" بما يخدم عملية التواصل بين المدرسين والتلاميذ إضافة إلى أولياء الأمور. ويستطيع المدرسون التواصل مع الطلاب وأولياء الأمور لإخبارهم بالمتطلبات الدراسية. وتصف أم عبد الحميد جابر هذه الخطوة بـ "المهمة"، كونها تسهّل التواصل بين المدرّس والأسرة في هذه المرحلة التي تندلع فيها المواجهات المسلحة بين الحين والآخر، وتحد من قدرة التلاميذ والمدرسين على الوصول إلى المدرسة. تقول: "أنشأت مدرّسة مجموعة على واتساب تضم أمهات التلاميذ في الصف ذاته"، مؤكّدة أن هذه الخطوة ساعدتها على الاطلاع على الوضع التعليمي لابنها أولاً بأول. تضيف: "صرت على اطلاع بكل ما يدرسه ابني، حتى أنني أستفسر عن كل ما أحتاجه. هذه الخطوة وفرت عليّ الكثير، وأصبحت غير مضطرة للذهاب إلى المدرسة لمتابعة وضع ابني".
من جهته، يقول المدرس علي الضبياني أنه أنشأ مجموعة على "واتساب" للتلاميذ لإعطائهم دروس تقوية، ومن دون مقابل. يضيف لـ "العربي الجديد": "في ظل توقف الدراسة في مدارس كثيرة، وعدم قدرة التلاميذ على الالتحاق بالمدارس الأهلية، حاولنا إيجاد بدائل لنصل من خلالها إلى التلاميذ وهم في منازلهم، لإعطائهم ملخصات واختبارات محلولة، ونجيب على أسئلتهم واستفساراتهم بشكل يومي". ويوضح أنه يعطي حصصاً يومية في المواد العلمية، مثل الفيزياء والكيمياء والأحياء والرياضيات، إضافة إلى المواد الأدبية.
ويؤكد الضبياني استجابة التلاميذ المهتمين لهذا الأسلوب، لافتاً إلى أن المدرسين يحددون يوماً معيناً للرد والإجابة على أسئلة التلاميذ".
ويحصل بعض المدرّسين بين الحين والآخر، على مساعدات رمزية من أولياء الأمور الميسورين، ما يساعدهم على تأمين خدمة الإنترنت لمتابعة التلاميذ في منازلهم من خلال تطبيق "واتساب". ويرى تربويّون أنه يمكن لوسائل التواصل الاجتماعي مساعدة الطلاب في التنمية الذاتية، والإبداع، وتعزيز المعرفة، وتبادل المعلومات مع بعضهم بعضاً.
في هذا السياق، يقول التربوي خليل مهيوب، لـ "العربي الجديد"، إن التلميذ يستطيع الحصول على أكبر قدر من المعرفة والمعلومات المفيدة له، والتي تعزز قدراته على الأداء والتفوق في الدراسة، من خلال الاستخدام الأمثل لمواقع التواصل الاجتماعي. ويشير إلى أهميّة المبادرة الخاصة من قبل عدد من المدرسين لإعطاء دروس طوعية للتلاميذ من خلال مواقع التواصل الاجتماعي، لافتاً إلى أنها تساعدهم لاستكمال المنهاج الدراسي في ظل استمرار الحرب وعدم حصولهم على رواتبهم.
ورغم صعوبة الوضع الاقتصادي في ظل الحرب الدائرة منذ ثلاث سنوات في اليمن، شهدت المدارس الأهلية في العاصمة صنعاء إقبالًا أكبر خلال عام 2017، بسبب مخاوف الناس من تدهور العملية التعليمية في المدارس الحكومية، وفرض الحوثيين تعديلات على المناهج.
وأكد تقرير تربوي أن الحرب في اليمن خلقت أزمة تعليمية هي الأسوأ في تاريخ اليمن المعاصر، وتعد إحدى أضخم الأزمات التعليمية في منطقة الشرق الأوسط بعد سورية. وأدى توقف صرف 70 في المائة من رواتب المدرسين إلى إغلاق العديد من المدارس. وبحسب التقرير الصادر عن مركز الدراسات والإعلام التربوي، فإنّ تحديات كبيرة تهدّد القطاع التعليمي برمته بالانهيار، أبرزها توقف رواتب المدرسين منذ نحو عام، ما يهدد بحرمان ملايين الأطفال من التعليم.