تتشابه الهجمات الإرهابية الأخيرة التي شهدتها إسبانيا، مع تلك المنفصلة التي شنّها تنظيم "داعش" الإرهابي على جسرين في مدينة لندن في وقت سابق من هذا العام.
الهجومان على ويستمنستر بريدج وجسر لندن، اللذان خلّفا 13 قتيلاً، تركا تأثيرهما على الخليّة الإرهابية الإسبانية، التي أسفر اعتداؤها عن مصرع 14 شخصاً في برشلونة وكامبريلس الأسبوع الماضي، وفق ما أوردت صحيفة "الديلي تلغراف".
وجاءت أهداف هذه الهجمات لتصب في خانة واحدة كما يبدو، وهي دبّ الفوضى والرعب، في أماكن الوجهات السياحية في لندن وإسبانيا، عن طريق استئجار حافلة صغيرة، وقيادتها بسرعة لقتل ودهس المشاة والسيّاح.
أمّا أوجه التشابه بين الهجمات، فتظهر جلياّ مع خروج الرجال الأربعة في كامبريلس من سيارتهم المحطّمة، صباح يوم الجمعة الماضي، واستخدامهم السكاكين لطعن المدنيين، تماماً كما ترجّل إرهابيو لندن من سيارتهم بعد تحطّمها أيضاً، لمهاجمة المارّة.
وقلّد الرجال الأربعة في إسبانيا إرهابيي جسر لندن، فارتدوا سترات انتحارية وهمية في محاولة منهم لإثارة المزيد من الذعر بين الحشود الهاربة.
ولحسن الحظ، ساعدت بعض الظروف على التخفيف من وطأة الهجمات في لندن وإسبانيا، إذ عجز إرهابيو جسر لندن الثلاثة عن استئجار شاحنة أكبر، كونهم لم يتمكنوا من الوفاء بمعايير متطلبات الدفع لشركة التأجير، واضطروا إلى استئجار حافلة أصغر. في المقابل تعتقد مصادر أمنية إسبانية أنّ الخلية التي استهدفت برشلونة وكامبريلس، أرادت استئجار شاحنة كبيرة لتحميلها بالمتفجّرات، لكنّها أيضاً لم تمتلك الأوراق الصّحيحة لتنفيذ مخططها، لذلك اضطرت إلى التراجع واستئجار مركبة أصغر.
وتطرّقت "الديلي تلغراف"، أيضاً إلى استئجار الحافلة التي دهست المصلين في مسجد فينسبري بارك، شمال لندن في يونيو/حزيران الماضي، بأسلوب مشابه.
وأشارت الصحيفة إلى أنّ ذلك لا يعني أنّ أجهزة الأمن في جميع أنحاء أوروبا، لم تنجح في رصد انجذاب المزيد من الشباب من دول شمال أفريقيا، إلى موجة الدعاية للدولة الإسلامية، وإقناعه بتنفيذ المزيد من الهجمات الإرهابية.
وعادة ما يقتل الإرهابيون في مكان الهجوم، وهو ما حدث مع منفّذي الاعتداء الإرهابي، الذين سقط ثلاثة منهم قتلى برصاص الشرطة الإسبانية، في مدينة كامبريلس الساحلية. ليتبّيّن أنّهم مغاربة، وبينهم محمد هيشامي فضلاً عن يونس أبو يعقوب، سائق الحافلة البالغ من العمر 22 عاماً، الذي كانت تطارده الشرطة ليلة أمس.
اللافت أنّ هيشامي (24 عاماً)، وأبو يعقوب، ولدا في بلدة مريرت الصغيرة، التي تقع على الطريق الرئيسي لمدينة فاس، حيث ولد يوسف زغبا، إرهابي جسر لندن، البالغ من العمر 22 عاماً. كما أنّ رشيد رضوان (29 عاماً) أحد مهاجمي جسر لندن الثلاثة، كان مغربياً مع إرث ليبي، بيد أنّه كان يعتبر المغرب وطنه.
ولفتت الديلي تلغراف، إلى أنّ كلاً من المدينتين المغربيتين، مريرت وفاس، تمتلكان تاريخاً في إيواء المتطرّفين. وفي أبريل/نيسان 2014، ألقت الشرطة القبض على أشخاص يشتبه في تورّطهم بأعمال إرهابية عبر تجنيد وجمع الأموال لتنظيم القاعدة في كل من فاس ومريرت.
وفي إبريل/نيسان، من هذا العام، زعمت السلطات المغربية أنّها فككت خليّة أخرى لتجنيد "داعش". وامتّد الرابط المغربي إلى فنلندا، حين أطلقت الشرطة النار على مراهق مغربي، واعتقلته بعد أن طعن امرأتين حتى الموت وأصاب ثمانية آخرين بجروح. كذلك اعتقلت أجهزة الأمن في البلاد، أربعة مغاربة آخرين يوم أمس، خشية أن يكونوا على علاقة بالقاتل الذي وصل إلى البلاد في العام الماضي كطالب لجوء.
وكشف ملف يحتوي على 22 ألف وثيقة لتنظيم "داعش" العام الماضي، عن جنسيات المجنّدين الجدد من جميع أنحاء العالم، وأظهر أنّ الغالبية منهم من شمال أفريقيا. وعلى الرّغم من أنّ الكثيرين لم يكشفوا عن هويتهم، فإنّ أولئك الذين فعلوا، كانوا 400 من تونس و110 من المغرب ونحو 100 من مصر، وبقي عدد المجنّدين السعوديين الأكبر حيث بلغ 500 شخص.