لليوم الثاني على التوالي يتركز اهتمام العراقيين على مقطع فيديو لسائق شاحنة في محافظة البصرة، يتحدث عن قصته مع طفل يبلغ من العمر 11 عاماً لم يهن عليه أن يراه يتناول طعامه على الرصيف خلال استراحته، بل أصرّ على قيامه بواجبات الضيافة العراقية، وأحضر له الطعام من منزله، ما دفع مجلس العشائر في البصرة مسؤولين محليين في المحافظة إلى تكريم الطفل.
واستثمر الحادثة ناشطون مدنيون تأكيداً منهم على وحدة العراقيين وتآلفهم ونبذ الطائفية، وتداولوها عبر مواقع التواصل الاجتماعي، فاستقطبت اهتماماً كبيراً.
وملخص الحادثة أن سائق شاحنة يعمل على نقل البضائع من ميناء البصرة إلى بغداد توقف داخل حي سكني على الطريق العام الرابط بين البصرة ومدينة العمارة وأخرج كيس طعامه ليتناوله على الرصيف ثم يستأنف رحلته، لكن أحد الأطفال شاهده ولم يهن عليه رؤية الرجل يأكل على الرصيف، فحاول سحب كيسه. وبعد رفض السائق واعتذاره ذهب الطفل إلى منزله وجلب طعاماً وهو عبارة عن صحون أرز ودجاج ومقبلات وشاي.
وسجل السائق مقطعا بهاتفه للحديث عن الموضوع إلا أن الطفل غادر المكان حتى لا يظهر بالتصوير، معتبرا أن هذه هي طيبة وطبع العراقيين من شماله لجنوبه.
وعقب الحادثة استدعى مجلس العشائر في البصرة الطفل وأمر بتكريمه، وكذلك عدد من المسؤولين والأعيان الذين أثنوا على التصرف الذي اعتبروه إحياءً لعادات تفرد بها سكان جنوب العراق في إكرام الضيف.
ويقول محمد سعيد القريشي أحد وجهاء البصرة، لـ"العربي الجديد"، إن "القصة نالت الإعجاب والاهتمام ليس بسبب سلوك الطفل وحده، بل موقف أمه التي دخل عليها وأخبرها بالحادث، ولم تقل له اسكت أو ادخل ولا شأن لنا به، بل استجابت له وأعدت الغداء وأخرجته معه".
ويتابع "هذا يدل على أن المنظومة الأخلاقية والقيمية العربية ما زالت بخير في العراق، ونحاول أن نبرز مثل تلك القصص كونها تقتل طروحات الطائفيين والعنصريين وتحجم دورهم".
ويعتبر الناشط المدني أحمد المحمود الحادثة بأنها عادية لكن إبرازها هو للتأكيد على أن العراق ما زال بخير. ويضيف لـ"العربي الجديد"، "نريد مثل تلك الأخبار التي تنظف القلوب وتطهرها، وتعكس معدن الناس حتى وإن علا عليه تراب وصدأ الحروب والفتن، لذا رحبنا به وسنرحب بمبادرات مماثلة".
ويقول عبد القادر النجم على حسابه في تويتر "كرم العراقيين... سائق شاحنة من الرمادي ينزل ويتغدى في البصرة ويصلي ويركض عليه طفل تابعوا الفيديو".
ويقول مراد آل عويد "هؤلاء هم العراقيون الأصلاء، كرم وطيبة، وتبا للمرتزقة الذين يحاولون زرع الفتنة بيننا من جديد احذروهم فهم يقتاتون على الفتن، ووجودهم بالمناصب مرتبط بالطائفية والتفرقة. هذا دور العقلاء حاربوهم بأقلامكم كلنا أخوة وكلنا مستهدفون، ونعم للتعايش السلمي".