اعتاد الشاب حمادة جحاجحة من مخيم قلنديا شمال القدس المحتلة، زيارة قبور الشهداء صباح كل عيد، وفاء للشهداء وعائلاتهم وتعزيز صمودهم، فالمخيم كله عائلة واحدة بالنسبة لحمادة، والوفاء للشهداء وأهاليهم واجب وطني واجتماعي لا بد منه.
منذ عيد الفطر الماضي، تغيرت علاقة حمادة مع تلك الزيارات عقب استشهاد ابن عمه أحمد جحاجحة خلال الانتفاضة الحالية. أصبحت زيارة مقابر الشهداء بالنسبة إليه واجبا مزدوجاً تجتمع فيه صلة القربى والواجب الوطني، كما يشير حمادة في حديث لـ"العربي الجديد".
تعزيز ووفاء أصبح تقليدا وطنيا
مطلع انتفاضة الأقصى الفلسطينية الثانية عام 2000، تعززت لدى الفلسطينيين فكرة زيارة قبور الشهداء، وتخصيص مقابر خاصة بهم. فمع صباح كل عيد كان كل فصيل وعائلة شهيد تزين قبر ابنها، وتوزع صوره، إلى أن أصبحت في هذه الأيام من الطقوس الوطنية الرسمية والشعبية، فتوضع أكاليل الزهور على القبور، ويقف أهالي كل شهيد بعد أداء صلاة العيد بجانب قبر ابنهم ويصافحهم الناس.
قبيل صلاة العيد، تأتي قريبات الشهيد لزيارة قبره، يقرأن ما تيسر من القرآن، ويوزعن الحلوى أو التمور على المتواجدين، خاصة الصغار.
رغم أن لبعض الفلسطينيين ومنهم أهالي الشهداء موقفا دينيا من زيارة القبور يوم العيد، إلا أن الكاتب الفلسطيني سري سمور، يؤكد لـ"العربي الجديد" أهمية تلك الزيارات من باب التفاعل مع قضية الشهداء، إذ إن الناس لا يرون أهالي الشهداء كثيرا وإن زيارة قبور الشهداء في العيد فرصة لرؤيتهم والتأكيد على الوفاء لهم.
ويلفت سمور إلى أن تلك الزيارات أخذت طابعا شعبيا وفصائليا خلال الانتفاضتين الأولى والثانية، وامتدت لتصبح رسمية حاليا من خلال بعض المؤسسات الفلسطينية الرسمية. وأوضح أنها كانت تستخدم للتحشيد، وكان يوم العيد في الانتفاضة الأولى يوما للتصعيد ضد الاحتلال الإسرائيلي في برامج الفعاليات الوطنية.
لكن الناشط الشبابي علاء حنني وهو من بلدة بيت فوريك شرق نابلس شمالي الضفة الغربية، يشير إلى أن عادة زيارة قبور الشهداء قلّت هذه الأيام، واقتصرت على أقارب الشهيد وأصدقائه، بعدما كانت نشطة وقوية في الانتفاضة الثانية، وأصبح الأكثر شيوعا الآن هو زيارة منازل عائلات الشهداء، وهو أمر كان موجوداَ، في الانتفاضتين الأولى والثانية، والتركيز عليه الآن أكثر.
عادة ترهق أهالي الشهداء
بالرغم من أهمية تلك الزيارات، إلا أن بعض أهالي الشهداء لديهم موقف ديني من زيارة القبور كعائلة الشهيد رياض بدير من طولكرم، والذي استشهد عام 2002 في معركة مخيم جنين غربي مدينة جنين شمالي الضفة الغربية، كما يشير عبد الفتاح نجل الشهيد رياض.
ويقول عبد الفتاح لـ"العربي الجديد": "هذا يوم للفرحة وليس للتعزية، وهكذا علمنا والدي منذ صغرنا، وأنا أفضل أن تتم زيارة أهل الشهيد في منزلهم بدلا من مصافحتهم في المقبرة يوم العيد".
وربما لا يشجع بعض أهالي الشهداء تلك الزيارات من جانب اجتماعي كعائلة الشهيد المربي هلال شتا من مدينة جنين، والذي استشهد أثناء خروجه من منزله عام 2002.
ويلفت محمد نجل الشهيد هلال شتا في حديثه لـ"العربي الجديد"، إلى أن الجانب الاجتماعي في عدم تشجيعي لزيارة قبور الشهداء في يوم العيد أمر مهم، إذ إن هذا التقليد وما يتخلله من مصافحة وكأنه بيت عزاء، يفتح جراح أهالي الشهيد ويفسد الفرحة في يوم العيد.
محمد لا ينكر أنه يزور قبر والده في يوم العيد كعادة متبعة في العائلة، لكنه يفعل ذلك على مضض ويفضل الزيارة قبل أو بعد يوم من أول يوم في العيد، كما أنه لا يشعر بأن زيارة قبور الشهداء في العيد من الممكن لها أن تعزز صمود أهل الشهيد، بل إنها تفسد عليهم فرحتهم.