جيل الشباب اللبناني ممن ولد أبناؤه وبناته مع نهاية الحرب الأهلية (1975- 1990) وفي أعقابها، لا يعرف كثيراً عن تلك الحرب. فمن أبنائه من تجده متحمساً لها، لا على سبيل التذكر للاعتبار، بل لتكرارها، خصوصاً إذا ما ترافق الحماس مع شحن طائفي.
هؤلاء هم العصب الحالي المفترض للبنان واقتصاده، إذ إنّهم قوة العمل الرئيسة في البلاد - بافتراض ذلك أيضاً. فمعظمهم من المتعلمين، ونسبة كبيرة من بينهم من خريجي الجامعات والمعاهد الفنية والمهنية العليا. لكنّ سوق العمل لا يقابل طموحاتهم، فيبقى كثيرون من بينهم من دون أيّ فرصة عمل، فإذا عمل كان ذلك في شأن لا علاقة له بالإنتاج، أو لا علاقة له بكفاءته وشهادته ناهيك عن طموحاته.
هؤلاء يرمون خلف ظهورهم كلّ تلك الطموحات، إذ يتقدمون بعشرات الآلاف إلى أجهزة الأمن الرسمية اللبنانية باختلاف أنواعها ومهامها. وإذا فشلوا في الانضمام - وهو أمر شائع جداً سواء تقدموا إلى فئة الأفراد أو الرتباء، إذ يخضع الأمر إلى محاصصة طائفية تنشد مناصفة قاهرة، وتقسيماً مذهبياً مستفحلاً في المناصب والمكاسب - فإنّهم ينضمون إلى شركة أمن خاصة تحرس الشركات والمكاتب والفنادق وغيرها، راضين برواتب ضئيلة وبتقديمات ضعيفة وبدوامات طويلة، وبملل ونسيان لما تعلّموا وتدرّبوا عليه، من دون الحديث عن طموحاتهم التي تصاب في مقتل وهم على هذه الحال، شأنهم شأن من تطلق عليهم تسمية العمالة غير الماهرة، وشأن العاطلين من العمل.
لا يحتاج المرء إلى خبراء ودراسات ولجان متخصصة كي يكتشف أنّ الانضمام إلى الأجهزة الأمنية ليس عملاً منتجاً بحدّ ذاته. فالتبرير الرأسمالي هو أنّ عجلة الإنتاج تحتاج من يحرسها ويوفر لها الملاذ الآمن. لكنّ المهام الأمنية تطاول مخالفي القوانين، في تعامل دائم مع النتائج وليس الأسباب، وهي النتائج التي تحمّل أصحاب المخالفات المسؤولية في ذلك متهربة من دور النظام أساساً في ذلك. وهو النظام المصمم لاستعباد غالبية الناس واستبعادهم من الوصول إلى الحقوق، متيحاً الحظوة لفئة قليلة من الأثرياء، بينما البقية تعيش ما يشبه العبودية خدمة لتلك الفئة التي تتشابك مصالحها مع مصالح السياسيين ورجال الدين.
اقــرأ أيضاً
هكذا، يجد جيل الشباب في لبنان نفسه مستبعداً حتى عن تقرير مصيره بنفسه، وهو إذ ذاك وقود أكيد لحروب أهلية طائفية، فدأب من يتحكمون بمصيره أن يشحنوه بقناعة أنّ من يقفون في طريق حقوقه هم أبناء الديانات والمذاهب والمناطق الأخرى، محوّلين الصراع الطبيعي وهو من تحت إلى فوق، باتجاه الصراع المعتاد في بلاد التسلط بين تحت وتحت، ليبقى من هم تحت تحت، ومن هم فوق فوق، وهو بالتأكيد ما لن تغيره أيّ حكومة جديدة، بل أيّ حكومات مقبلة.
هؤلاء هم العصب الحالي المفترض للبنان واقتصاده، إذ إنّهم قوة العمل الرئيسة في البلاد - بافتراض ذلك أيضاً. فمعظمهم من المتعلمين، ونسبة كبيرة من بينهم من خريجي الجامعات والمعاهد الفنية والمهنية العليا. لكنّ سوق العمل لا يقابل طموحاتهم، فيبقى كثيرون من بينهم من دون أيّ فرصة عمل، فإذا عمل كان ذلك في شأن لا علاقة له بالإنتاج، أو لا علاقة له بكفاءته وشهادته ناهيك عن طموحاته.
هؤلاء يرمون خلف ظهورهم كلّ تلك الطموحات، إذ يتقدمون بعشرات الآلاف إلى أجهزة الأمن الرسمية اللبنانية باختلاف أنواعها ومهامها. وإذا فشلوا في الانضمام - وهو أمر شائع جداً سواء تقدموا إلى فئة الأفراد أو الرتباء، إذ يخضع الأمر إلى محاصصة طائفية تنشد مناصفة قاهرة، وتقسيماً مذهبياً مستفحلاً في المناصب والمكاسب - فإنّهم ينضمون إلى شركة أمن خاصة تحرس الشركات والمكاتب والفنادق وغيرها، راضين برواتب ضئيلة وبتقديمات ضعيفة وبدوامات طويلة، وبملل ونسيان لما تعلّموا وتدرّبوا عليه، من دون الحديث عن طموحاتهم التي تصاب في مقتل وهم على هذه الحال، شأنهم شأن من تطلق عليهم تسمية العمالة غير الماهرة، وشأن العاطلين من العمل.
لا يحتاج المرء إلى خبراء ودراسات ولجان متخصصة كي يكتشف أنّ الانضمام إلى الأجهزة الأمنية ليس عملاً منتجاً بحدّ ذاته. فالتبرير الرأسمالي هو أنّ عجلة الإنتاج تحتاج من يحرسها ويوفر لها الملاذ الآمن. لكنّ المهام الأمنية تطاول مخالفي القوانين، في تعامل دائم مع النتائج وليس الأسباب، وهي النتائج التي تحمّل أصحاب المخالفات المسؤولية في ذلك متهربة من دور النظام أساساً في ذلك. وهو النظام المصمم لاستعباد غالبية الناس واستبعادهم من الوصول إلى الحقوق، متيحاً الحظوة لفئة قليلة من الأثرياء، بينما البقية تعيش ما يشبه العبودية خدمة لتلك الفئة التي تتشابك مصالحها مع مصالح السياسيين ورجال الدين.
هكذا، يجد جيل الشباب في لبنان نفسه مستبعداً حتى عن تقرير مصيره بنفسه، وهو إذ ذاك وقود أكيد لحروب أهلية طائفية، فدأب من يتحكمون بمصيره أن يشحنوه بقناعة أنّ من يقفون في طريق حقوقه هم أبناء الديانات والمذاهب والمناطق الأخرى، محوّلين الصراع الطبيعي وهو من تحت إلى فوق، باتجاه الصراع المعتاد في بلاد التسلط بين تحت وتحت، ليبقى من هم تحت تحت، ومن هم فوق فوق، وهو بالتأكيد ما لن تغيره أيّ حكومة جديدة، بل أيّ حكومات مقبلة.